سفير باكستان بالقاهرة: جوهر قضيتَيْ فلسطين وكشمير الاحتلال الأجنبي والتواطؤ الدولي

 أكد «مشتاق علي شاه»، سفير باكستان في القاهرة، أن هناك تشابهاً بين قضية كشمير التي تحتلها الهند منذ أربعينيات القرن الماضي، وقضية فلسطين؛ فكلتاهما أدت بريطانيا دوراً في نشأتها، وهما تبرزان وتجسدان استهانة الهند التي تحتل كشمير، وكذلك «إسرائيل» التي تحتل فلسطين، بالقرارات الدولية، وتقاعس المجتمع الدولي عن تطبيق تلك القرارات لإعادة الحقوق إلى أصحابها.

وأوضح أن باكستان تقف بكل تصميم إلى جانب حق الشعب الكشميري في الاستقلال من الاحتلال الهندي وتقرير مصيره وفق القرارات الدولية تماماً، كما تدعم الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه من الاحتلال «الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن الكشميريين قدموا منذ احتلال الهند لبلدهم الكثير من التضحيات، وما زلوا مصرين على نيل الحرية مهما كان الثمن.

* ما دور بريطانيا في إيجاد مشكلة كشمير في الأساس؟

– إن ولاية جامو وكشمير كانت جزءاً من شبه القارة الهندية المحتلة من جانب بريطانيا، وهي جزء لم يكتمل من جدول أعمال خطة تقسيم شبه القارة الهنديـة، وقد تم انتقال السلطة من بريطانيا إلى دولتي الهند وباكستان الناشئتين على أن يتم التقسيم على أساس انضمام المناطق ذات الأغلبية الهندوسية للهند، وانضمام المناطق ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان.

وبالنسبة للولايات المختلفة، فقد أعطى قرار التقسيم حكامها الخيار إما أن ينضموا  إلى الهند أو إلى باكستان، مع الأخذ في الاعتبار التركيبة السكانية والجغرافية لولاياتهم، وكان من بين تلك الولايات جامو وكشمير التي تسكنها أغلبية مسلمة، وأراد شعبها الانضمام إلى باكستان، ولكن مؤامرة حيكت من جانب حاكمها الهندوسي المعين من قبل بريطانيا، وأدى النزاع إلى انتفاضة ما زالت مستمرة حتى الآن. 

وكان يمكن لبريطانيا – بوصفها سلطة الاحتلال – أن تمنع هذا النزاع منذ البداية، وذلك باتخاذ إجراءات وقائية بترسيم الحدود بشكل عادل على يد لجنة «رادكليف»، وأن تشرف على عملية انضمام الولايات بشكل سليم، بما يتطابق مع مبادئ خطة التقسيم؛ أي أنه منذ البداية كان ينبغي ضم كشمير لدولة باكستان الناشئة؛ لأن أغلبية سكان كشمير مسلمون.

* ما أهمية كشمير لباكستان؟

– إن التزام باكستان تجاه قضية كشمير نابع من احترامها لمبدأ حرية تقرير المصير والكرامة الإنسانية، وكذلك لروابط العقيدة والجغرافيا والتاريخ والثقافة التي توحِّد باكستان مع شعب كشمير، فقد كان القائد الأعظم محمد علي جناح قد وصف جامو وكشمير بأنها شريان الحياة بالنسبة لباكستان.

وتظل باكستان حكومة وشعباً على التزامها نحو قضية الأشقاء الكشميريين، وقد أكدت الحكومة الحالية لرئيس الوزراء «محمد نواز شريف» عزمها مواصلة السعي إلى الوصول إلى حل سلمي للنزاع طبقاً لتطلعات الشعب الكشميري، وبما يتفق مع الشرعية والقرارات الدولية الصادرة، والتي تعطي الشعب الكشميري حقه في تقرير المصير، وترفض الهند منذ بداية الأزمة وحتى الآن تنفيذ تلك القرارات.

وقد أطلق رئيس الوزراء الباكستاني مبادرة تستهدف إجراء حوار هادف مع الهند للتوصل لاتفاق من شأنه تطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بإعطاء الكشميريين حق تقرير المصير في استفتاء عام، ودعت المبادرة المجتمع الدولي إلى ممارسة دور إيجابي لحل هذا النزاع طويل الأمد الذي مضى عليه أكثر من ستة عقود.

* هل يمكن أن تلقي الضوء على «حركة الحرية» الدائرة الآن في كشمير التي تحتلها الهند؟

– يستمر شعب كشمير في كفاحه الأهلي والتلقائي الذي بدأ منذ عقود من أجل الحصول على حقوقه الطبيعية في الاستقلال عن الهند، والحصول على حقه الذي أقرته الأمم المتحدة في تقرير المصير والانضمام لباكستان، وتنسى الحكومة الهندية أن استخدام القوة غير المتناسب لقمع الانتفاضة الشعبية، وإنكار الحقوق الأساسية للشعب المقهور على يد قوى الاحتلال؛ لن يزيده إلا إصراراً على كفاحه، وعلينا أيضاً أن نفهم أن الانتفاضة الأهلية التلقائية لا يمكن أبداً إخمادها بالقوة الوحشية والانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان الكشميري.

ويجب ألا يكون هناك شك في أن باكستان حكومة وشعباً ستستمر في التزامها نحو القضية الكشميرية في كل المحافل الدولية، وستواصل تأييد كفاح شعب كشمير العادل، ونأمل أن تتكاتف كل الشعوب المحبة للسلام في التضامن مع هذا الشعب المقهور.

* ما أوجه الشبه بين فلسطين وكشمير؟

– إن قضيتي كشمير وفلسطين متطابقتان تقريباً فيما يتعلق بمبدأ حق تقرير المصير الأساسي، وأوجه الشبه لا يمكن إنكارها للأسباب التالية:

1- جوهر قضيتي فلسطين وكشمير هو احتلال أجنبي، فكما أن مأساة فلسطين كانت نتيجة للاحتلال غير القانوني لفلسطين من جانب «إسرائيل» والتي ساهمت فيه بريطانيا، نجد أن مأساة كشمير كذلك نبعت من احتلال الهند غير القانوني لولاية جــامو وكشمير.

2- إن كلاً من شعبي كشمير وفلسطين منخرط في كفاح بطولي من أجل تقرير المصير ضد الظلم وتحرير أرضه المحتلة.

3- كلتا القضيتين على جدول أعمال الأمم المتحدة لأكثـر من 6 عقود من الزمان.

وفي كلتا الحالتين، ترفض قوى الاحتلال تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة؛ بل وترفض المساعي الحميدة من القوى الصديقة للوصول إلى حل عادل وسلمي للقضيتين.

* ما رؤيتك لمستقبل شعب كشمير؟

– إن منطقتنا تعاني من نزيف مستمر؛ بسبب جرح كشمير التي يصارع شعبها من أجل حقوقه الطبيعية التي وُعد بها، ليس فقط من قبل القيادة الهندية، ولكن من المجتمع الدولي أيضاً.

ونحن نأمل في مستقبل سلمي ومزدهر لشعوبنا في عصر العولمة الذي نتمنى أن يتوافر فيه لكل مواطن الحقوق والحريات الأساسية دون تمييز أو إعاقة، وإنني على ثقة أن شعب كشمير المحتلة سيسترد أرضه، وسيتمتع عن قريب بحقوقه وحرياته الأساسية، وسيجني ثمار كفاحه البطولي من أجل الاستقلال الذي دفع ثمنه غالياً ولا يزال من دماء شعبه.

Exit mobile version