إغلاق مقرات إخوان الأردن.. ماذا بعد؟

بعد قرار السلطات الأردنية إغلاق مقرين لجماعة الإخوان المسلمين، يدور جدل في الأردن حول تداعيات هذا القرار، خاصة في ظل تأكيد مصادر حكومية أردنية لـ”الجزيرة” أن هذه الخطوة جاءت لكون الجماعة “غير مرخصة”، ودعوة المراقب العام للجماعة همام سعيد في بيان أعضاء الجماعة إلى “رص الصفوف وضبط النفس“.

استقواء على الجماعة

وصف عضو مجلس شورى جماعة الإخوان علي أبو السكر قرار السلطات الأردنية بأنه “مجرد إشكال قانوني” و”سوء تقدير سياسي” و”نوع من الاستقواء” على الجماعة التي قال إنها نشأت عام 1945 بترخيص من مجلس الوزراء حسب الصلاحيات المخولة له، وغيرت اسمها عام 1953 من جمعية إلى جماعة، وعاشت في الساحة الأردنية وكان لها حضور ولقاءات مع ملوك الأردن، وشاركت في حكومات وفي برلمان.

وقال: إن الجماعة مرخصة ضمن القانون ومن يدّعي أنه غير مرخص لها عليه أن يقدم الدليل، وتحدى أبو السكر أن يكون قد صدر أي قرار إداري أو قضائي يعتبر الجماعة غير مرخصة أو غير شرعية، واتهم السلطة التنفيذية بالتغول على القانون والقضاء، وقال إن أطرافا داخل مراكز القرار تسعى لتشويه صورتها والإيقاع بينها وبين النظام السياسي.

عدم تجديد

بالمقابل أكد وزير التنمية السياسية السابق وعضو مجلس الأعيان الأردني موسى المعايطة في حديثه لشبكة “الجزيرة” أن الجماعة لم تجدد الترخيص، موضحا أنه في عام 1946 تم الترخيص لجمعية الإخوان بناء على قانون 1936، وغيرت اسمها فقط إلى جماعة عام 1953، وفي نفس العام صدر قانون جديد يؤكد في مادته 12 أن جميع الجمعيات المرخصة سابقا تعتبر ملغية ما لم تجدد الترخيص، وهو ما لم يفعله الإخوان لا في ذلك الوقت ولا لاحقا.

ورأى أن جماعة الإخوان المسلمين الأردنية لم تجدد الترخيص لأنها لا تريد أن تكون تحت القانون مثل جميع الجمعيات، وذلك حتى لا يمكن الاطلاع على سجلها المالي وعضويتها وما تتلقى من أموال وهبات.

واعتبر المعايطة أن جماعة الإخوان يمكنها أن تنشط وتشارك في العملية السياسية ضمن حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص له من قبل السلطات الأردنية، وهو أمر معمول به في تونس والمغرب بشأن الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين.

واستبعد أن يكون قرار السلطات بإغلاق المقر الرئيسي للجماعة في عمان، إضافة إلى مقرها في جرش، يرتبط بما يجري إقليميا، وقال: إن الأردن رفض ضغوطا في هذا الاتجاه، ولم يعتبر جماعة الإخوان خارجة عن القانون، وهو حريص على مشاركة الجميع في الحياة السياسية.

وبشأن تداعيات القرار في ضوء دعوة المراقب العام للجماعة أعضاءها لرص الصفوف، شدد أبو سكر على أن جماعته ليست في حالة مواجهة مع النظام الأردني، وهي حريصة على أن تكون جزءا من كل تحت مظلة القانون، وتؤكد استمرار دورها في خدمة البلد والعمل الدعوي والخيري.

كما أن أبو السكر نفى وجود ارتباط بين قرار السلطات بإغلاق مقري الجماعة بالظروف الإقليمية، وقال: إن الأمر يتعلق بـ”مغامرين يستهزئون بثوابت الدولة”، ووجه نداء للملك عبد الله الثاني بالتدخل لوقف هذا الأمر.

كما أكد أن الحكومة ستتغير والجهات التي قال إنها تستهدف الجماعة ستزول هي أيضا.

رئيس مركز دراسات دار العروبة في الأردن سلطان الحطاب قال أيضاً في حديث سابق مع “الجزيرة”: إن قرار الإغلاق يأتي بوصفه محاولة لفض خلاف بين من كانوا في المقر ومن آل إليهم المقر، وإقدام المحافظ على إغلاق المقر لا يحمل بعدا أو دلالات سياسية بقدر كونه يريد فض اشتباك قد يقع مع الجمعية المرخصة التي آلت إليها الكثير من المقرات والمدارس والمستشفيات.

ورأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمر عياصرة أيضاً في حديث سابق أن الخطوة تحمل كل دلالات المعاني السياسية، وأنها تتضمن رسائل واضحة تُوجه من قبل الدولة الأردنية إلى جماعة الإخوان المسلمين، وخلص إلى أن الأمر ليس مجرد نزاع على مكان، وأن الجمعية المرخصة هي أداة تستخدمها الدولة وقتما تريد.

وأضاف عياصرة أن الرسالة الأولى هي استمرار الصراع بين الدولة والجماعة، أما الرسالة الثانية فهي لحالة التوافق التي بدأت تظهر داخل جماعة الإخوان بين مراقبها العام همام سعيد ومجموعة الحكماء، ورسالة ثالثة للقيادي زكي بن أرشيد الذي أُفرج عنه قبل شهر كأنها تقول له: اخرج من القمقم وحدثنا.

وأكد عياصرة أن مثل هذا الإغلاق ربما يتم استنساخه في أماكن أخرى، وذهب للقول: “أعتقد بأن الدولة ماضية في ذلك”.

الربيع العربي

لكن حطاب قال إنه لا يعتقد بأن للدولة علاقة بالصراعات الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا العلاقة التاريخية بين النظام والجماعة، التي كانت جزءا من النظام، وشغلت مواقع بالسلطة التنفيذية.

وأشار حطاب إلى أن الإخوان اعتقدوا تزامنا مع الربيع العربي ووصولهم إلى السلطة بمصر أن بإمكانهم تحقيق مساحات أكبر لهم في الأردن، وهذه الانشقاقات بالجماعة جزء من عدم قدرتهم على التكيف مع الدولة.

بينما يرى عياصرة أن النقاش داخل جماعة الإخوان يحمل طابعا تنظيميا هيكليا، وهذا ما يؤذي صورة الجماعة في الأردن، وأضاف أن مسؤولين كبارا سابقين تحدثوا بصراحة مع قيادات بالجماعة عن غضب الدولة من الإخوان بسبب موقفهم من الربيع العربي.

من جهته، قال حطاب إن التوتر نتاج خشية الدولة من أن حزب جبهة العمل الإسلامي -ومرجعيته جماعة الإخوان المسلمين- سيفضل امتداده الخارجي بوصفه تنظيما عابرا للحدود على الولاء الوطني في وقت تموج فيه المنطقة بصراعات وانقسامات.

Exit mobile version