“واشنطن بوست”: لا تساعدوا أوباما على دعم القمع في مصر

اختارت إحدى أبرز الصحف الأمريكية أن توجّه نداءً للكونغرس ليتصدى لسياسة الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري فيما يتعلق بمصر معتبرة أن من الخطر مكافأة الرئيس المصري على سياساته الممنهجة لانتهاك حقوق الإنسان، ومن التهوّر ترك الإدارة الأمريكية تفعل ذلك.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحية عددها الصادر الخميس وترجمته “هافينغتون بوست عربي”: إن الاختفاء، التعذيب، والقتل دون محاكمة أصبحت أموراً شائعة على نحوٍ صادم إبان حكم عبد الفتاح السيسي لمصر. فبحسب مركز النديم، وهي مؤسسة عاملة بمجال حقوق الإنسان مركزها القاهرة؛ ثمة 363 حالة موثّقة لعمليات اختطاف قامت بها قوات الأمن خلال عام 2015، وما لا يقل عن 676 حالة تعذيب، ونحو 500 حالة وفاة بين المُعتقلين.

وتابعت الصحيفة: إنه لطالما تجاهل حلفاء مصر الغربيون تلك الانتهاكات؛ ولكن في يوم 25 يناير الماضي، اختفى الطالب الإيطالي بدرجة الدكتوراة، جوليو ريجيني، بالقاهرة، وكان يبلغ من العمر 28 عاماً ليتم اكتشاف جثته وعليها آثار التعذيب مُلقىً في حفرة على جانب الطريق بعد 9 أيام من اختفائه.

سجل حقوق الإنسان المروع

اجتاحت تلك القضية عناوين الصحف في جميع أنحاء أوروبا، ودفعت إلى بعض التدقيق الذي تأخر طويلاً في سجل حقوق الإنسان المُروع لنظام السيسي. ففي 10 مارس الجاري، صوت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة على إيقاف مبيعات الأسلحة والمساعدات الأمنية المقدّمة لمصر؛ مؤكداً أن مقتل الطالب “يتبع قائمة طويلة من الاختفاءات القسرية”، فضلاً عن الاعتقالات الجماعية الواسعة، وقمع حرية التجمع والتعبير.

احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون الأساس لعلاقاتنا مع مصر”، هكذا قال كريستيان دان بريدا، نائب رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان.

وهذا المبدأ من شأنه أيضاً أن يحكم العلاقات الأميركية مع نظام السيسي، لأسباب ليس أقلها القمع الوحشي الذي يولِّد التطرف ويجعل من الاستقرار في مصر أمراً بعيد المنال؛ ولكن بدلاً من ذلك فإن إدارة أوباما تسير في الاتجاه المُعاكس.

فعندما طلبت إدارة أوباما من الكونغرس تزويد مصر بنحو 1.3 مليار دولار من ميزانية العام القادم على شكل مساعدات عسكرية، طالبه أيضاً بالتخلي عن شرط ربط 15 % من المُساعدات بسجل حكومة السيسي في مجال حقوق الإنسان.

كيري يعترف

أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والذي قضى معظم فترة عمله مدعياً أن السيسي يمثل “استعادةَ الديمقراطية”، فقد اعترف في جلسة استماع بالكونغرس الشهر الماضي أن ثمة “تدهورٌ” في حرية التعبير في مصر. وقال إن “هناك اعتقالات مثيرة للقلق، وأحكاماً مثيرة للقلق”. ومع ذلك فقد تطرّق إلى أن انتهاكات النظام لا بد أن تتم موازنتها مع الحرب ضد “التطرف الإسلامي”، قائلاً “علينا أن نحاول ونعمل بحذر“.

ولكن كيف يمكن لهذا “التوازن” أن ينبني على تنحية جميع اعتبارات حقوق الإنسان من مسألة تمويل القوات المسلحة المصرية؟ فالإدارة الأميركية بإمكانها التنازل مثلما فعلت العام الماضي، بتقديم التمويل الكامل للنظام حتى وإن لم يستوفِ الشروط، ولكن لهجة الخطاب تحقق على الأقل بعض الضغط، وبتنحيتها جانباً فإن ذلك سيبعث برسالة إلى النظام المصري تتضمن التلميح إلى الإفلات من العقاب على جميع الانتهاكات التي يرتكبها.

سيكون هذا توقيتاً خطيراً لتمرير مثل هذه الصفقة. فوفقاً لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، يستعد النظام المصري لمحاكمة ما لا يقل عن 37 من منظمات المجتمع المدني المصرية في إطار “خطة منهجية لملاحقة الحراك المستقل بمجال حقوق الإنسان بأكمله” وبالفعل تم منع 10 من كبار المدافعين عن حقوق الإنسان هُناك من مغادرة مصر، وتم تجميد أموال أربعة آخرين. أما مركز النديم، الذي قام بتوثيق حالات الاختفاء، فقد صدر الأمر بإغلاقه من قِبل الشرطة المصرية خلال الشهر الماضي.

لقد قلنا لبعض الوقت إن نظام السيسي ليس قادراً على تحقيق الاستقرار في مصر؛ أما الآن، فحتى المدافعون السابقون عنه من النخبة السياسية المدنية انقلبوا ضده مع تزايد جرائمه وتخبّطه الاقتصادي. لذا فإن تسليم إدارة أوباما لمصر شيكاً على بياض في مثل تلك الفترة سيكون تهوّراً على الكونغرس أن يمنعه.

Exit mobile version