المرأة بين نموذج الحرية ونموذج الراحة.. فشل

في اعتقادي مافيش ولا نموذج قدر ينجح في إسعاد النساء والحفاظ على حقوقهن تماماً، لا النموذج الغربي اللي حرر المرأة بالكامل وإعطاءها كل الحقوق قدر ينجح؛ لأنه في مقابل الحقوق ألزمها بواجبات كثيرة، وكان الحل شكلاً من أشكال التمييز الإيجابي، وحرم المرأة من بعض الأدوار واستبدلها بمؤسسات وضمانات اجتماعية علشان تقدر توفِّي بأدوارها في المنظومة الرأسمالية، أولى المؤسسات دي كانت الحضانات اللي بيترمي فيها الأطفال قبل انتهاء مرحلة الرضاعة علشان تلهث الأم وراء متطلبات العمل.

ولا كمان النماذج اللي بططت النساء وحبستهم في بيوتهم باعتبار أن ده يعني أعلى درجات التكريم قدر ينجح فعلياً في احترام المرأة وتكريمها، محدش فكر في إزاي بيمر الوقت على عقول وأعصاب ربات المنزل إزاي أن أرواحهم بتندثر وبتموت يومياً مع استمرار العزلة والروتين واعتزال الحياة العامة.

كان لازم المجتمع أو الدولة معرفش يعني مين بالضبط هنا، بس لازم حد يفكر في أنماط جديدة لساعات العمل وأدوار الأفراد على اختلاف مراحلهم العمرية وارتباطاتهم العائلية، يعني الروتين بيقتل وتنميط ساعات العمل للجميع مش عدل.

كمان لو كانت الدنيا سمحت للبشر بالاحتفاظ بحواضن اجتماعية واسعة وكبيرة ومتنوعة يمكن كانت أوضاع النساء أفضل وأحوالهم أحسن، يعني الأسر الكبيرة بتشيل بعضها وبتشيل عيال الكل، وتقدر النساء تجد دعماً وعوناً مستمراً، وتصبح مهام الرعاية أسهل وأبسط، وكمان ممارسة أدوار أخرى بجانب الأمومة زي الدراسة والتعليم، مش لازم أنماط العمل الحديثة بتاعة الإمضاء الصبح وآخر النهار والوقوف في المكاتب، يعني أكيد لو كان التفكير بره صندوق أن العدل أن الكل يشتغل نفس الساعات في نفس الأوقات كان الأمر يختلف، كنا مثلاً نسمح للأمهات بالعمل ٣ ساعات في اليوم، والمتزوجات ٥ والرجال ٦ وتختلف ساعات عمل الرجال باختلاف احتياجات الأسرة، ونعيد ترتيب منظومة الدخول بحيث ترتبط بمنظومة الأعباء والأدوار الاجتماعية للفرد، يعني اللي بيرعى أسرة من ٦ أفراد ممكن يشتغل ساعات أقل بس ياخد أكتر من اللي بيرعى زوجة فقط أو زوجة وطفل وهكذا يعني.

في مرة كنت بقول كده لحد استخف بكلامي، مش عارفة ليه! بس حقيقي المنظومات كلها محتاجة إعادة نظر، ومحتاجين نعيد نظر في ظروف البيئة وعمل النساء وملبسهن برضه، يعني مش عارفة ليه يكون من المقبول أن الستات في السعودية مثلاً تلبس نقاباً في حين الحر والرطوبة كفيلة تموّت الواحد، الستات تقريباً مش موجودة في المجال العام، وإن كن موجودات في الأسواق والمولات، لازم نفكر إزاي بيمر اليوم على النساء في البلد دي؟ وإزاي ممكن يمر من غير وجود عائلات ضخمة وكبيرة؟ وإزاي هتتحول نفسية النساء وأهدافهن إذا كان عدد قليل بس منهن اللي بيشتغلن؟ وإزاي ممكن رغم كل اللي ظاهر لنا من بره ده واللي بمعيار الفيمنيزم يبدو قهراً واستعباداً فيه مساحات من الحرية مش ظاهرة.

أنا الصراحة مش متأكدة من انطباعاتي علشان لسه بتفرج عليهم من بره، بس اللي متأكدة منه تماماً أن نضال النساء مش لتحقيق الحرية، لكن لتحقيق السعادة مانتهاش ولا حاجة، وأن سعادة النساء مش مستقلة أبداً عن النضال لتحقيق حقوق الطفل ومراعاة حقوق الرجال الاجتماعية والاقتصادية، وأننا لازم ندرس ونشوف تفاصيل كل نموذج لوحده، وممكن نكتشف أن نموذجاً زي النموذج المصري معادل للنموذج السعودي من حيث قهر النساء، لكن لاختلاف الأسباب تماماً، يعني النتيجة واحدة لكن الأسباب على النقيض، وبالتالي صعب نعمم أسباب الحرية والسعادة.

 

التدوينة مأخوذة من صفحة الكاتبة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

Exit mobile version