أطفال دارفور يكافحون للحصول على التعليم

تكافح العائلات في غرب دارفور من أجل توفير كتب الدراسة والكراسات والأقلام والوجبات الغذائية لأطفالها، فيما يعمل بعض الأطفال لمساعدة أسرهم التي تعيش في المخيمات.

العديد من الأسر أجبرهم النزاع في دار فور إلى الفرار من قراهم واللجوء إلى مخيمات، والعيش بعيدا عن بيوتهم لوقت طويل.

واندلع النزاع في دارفور عندما انتفض مسلحون من الإقليم، الواقع في غرب السودان، ضد حكومة الرئيس السوداني عمر البشير، التي يسيطر عليها العرب عام 2003، آخذين عليه تهميش الاقليم اقتصاديا وسياسيا.

وأطلقت الحكومة حملة عسكرية بقوات مشاة وميليشيات متحالفة معها للقضاء على التمرد، وتسببت الحرب بفرار 2.5 مليون شخص من منازلهم، ويعيش 1.4 مليون شخص في مخيمات نزوح داخلية، وأكثر من نصف النازحين من الأطفال.

طفولة مفقودة

كان أبوعبيدة علي صغيرا عندما هاجم مسلحون قريته عام 2003 وقتلوا أبيه وأجبروا أسرته على الفرار، ما وضع حدا لأحلامه في طفولة عادية وفي الحصول على التعليم.

منذ 9 أعوام، توقف أبوعبيدة عن الذهاب إلى المدرسة، وهو الآن في السابعة عشرة، وواحد من أكثر من 870 ألف قاصر من دارفور يعيشون في مخيمات النزوح ويكافحون من أجل إيجاد توازن بين تحصيل العلم لأفراد من عائلاتهم وتامين احتياجاتهم الأساسية للحياة.

وقال أبو عبيدة، وهو يجلس أمام كوخ يقيم فيه مع أسرته في مخيم أباذر للنازحين قرب الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، «بعد 4 سنوات من وصولي إلى هنا، تركت الدراسة لمساعدة أمي في تربية شقيقاتي الأربع اللواتي كن يذهبن إلى المدرسة». ومنذ ترك الدراسة، يعمل أبوعبيدة علي في مطعم بسوق صغير في وسط طرق المخيم الترابية.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، اعتبرت في تقرير عن وضع هؤلاء الأطفال، «أنهم يفقدون طفولتهم».

وتجدد القتال في منطقة جبل مرة الممتدة في ولايات شمال ووسط وجنوب دارفور في 15 يناير الماضي، ما تسبب في نزوح 82 الف مدنيا، 60% منهم أطفال.

وتؤكد “اليونيسيف” أن مناطق النزاعات في أطراف السودان تعاني من أكبر معدل سوء التغذية للأطفال وأكبر معدل عدم تغطية بالتحصين ضد أمراض الطفولة وأعلى نسبة أطفال خارج مقاعد الدراسة وأعلى معدل أطفال يعيشون أيتاما، كما تؤكد أن من هم دون الثامنة عشر أكثر الفئات تأثرا بالكوارث التي يصنعها الإنسان.

ومن أجل مساعدة قاصرين على البقاء في مقاعد الدراسة، يقدم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وجبة يومية لـ600 ألف طفل من دارفور.

كما يقدم طبقا من العدس للأطفال النازحين في المدارس حتى لا تتحمل أسرهم تكلفة وجبات وتخرجهم من مقاعد الدراسة ليعملوا في مخيم أباذر، وهو من أصغر المخيمات في دارفور، يتلقى 16,863 شخص بينهم ألفا طفل وجبات يومية.

وبين هؤلاء الأطفال، دار السلام عبد القدوس ذات العشرة أعوام، التي فرت عائلتها إلى المخيم بسبب الهجوم على قريتها قبل 3 أعوام من ولادتها.

وتراجع دار السلام التي ارتدت فستانا أزرق فاتح اللون دروسها، وتتوقف بشكل متقطع لتتبادل الابتسامات والأحاديث بصوت خفيض مع صديقاتها في ساحة من ساحات المخيم.

وشاهدت دار السلام عددا من زملائها وزميلاتها يتركون الدراسة، وتقول «فصلنا مليء بالأولاد والبنات، يبلغ عددهم حوالى 115، لكن عددا كبيرا ترك الدراسة». وتحصل دار السلام على مساعدة برنامج الغذاء العالمي، ويؤكد والدها أن هذه المساعدة  مفيدة.

ويقول عبد القدوس أتيم أغلب أطفال المخيم لا يذهبون للمدرسة بسبب الظروف، مضيفا آباؤهم لا يعملون مثل حالتي، أنا أعمل يوما وأنتظر أياما دون عمل.

ولعبد القدوس 9 أطفال غير دار السلام، وهو يؤكد أن الأوضاع صعبة، ولكنه يريد لدار السلام أن تواصل دراستها.

خارج أوقات دراستها، تساعد دار السلام أسرتها في حلب اللبن من الأغنام وغسل أواني المنزل في ساحة المخيم القريبة.

وتقول باسمة «أريد أن أصبح معلمة».

Exit mobile version