صحفية جزائرية تروي كيف استطاعت مقاومة السرطان

صحفية جزائرية في مقتبل العمر، اكتشفت فجأة أنها مصابة بسرطان الثدي، بعد أن تلقت التطمينات من أربعة أطباء أكدوا لها أنها سليمة من المرض، ولكن الطبيب الخامس فجعها عندما تغيرت ملامحه وهو يفحصها، ثم طلب منها إجراء الوخز ليتأكد له أنها مصابة بالسرطان، اسودت الحياة في عينيها، ولكنها باشرت رحلة العلاج المضني التي استمرت عاماً كاملاً ببن الجراحة والعلاجين الكيماوي والإشعاعي، وبدل أن تترنح وتفقد القدرة على الصمود، أعلنت الحرب على المرض، واستطاعت أن تقاومه رغم أنها مازالت لم تشف تماماً، وأهم درس تعلمته هذه الصحفية من خلال هذه التجربة المريرة التي مرت بها، حسن الظن بالله تعالى الذي ازدادت تقرباً منه، وتمسكاً به، كما تروي.          

في يوم من الأيام، أحسست بشيء غريب في ثديي يظهر ويختفي، انتابني الخوف فعزمت على الذهاب إلى طبيبة النساء صباح اليوم التالي، وذهبت وكنت صائمة أيام العشر من ذي الحجة، عندها أخبرتني الطبيبة أنني لا أعاني من شيء، صدقوني فرحت فرحاً شديداً بالرغم من أنني لم أشك أنني مصابة بالسرطان.

وبعد ثلاثة أسابيـع، عاد ذلك الشيء للظهور من جديد، حينها عزمت على معاودة الفحوصات، لذلك زرت خمسة أطباء في يوم واحد، أكدوا لي جميعاً، إلا واحداً، أن الأمر عادي ولا يستحق الخوف، بالمقابل طلب مني آخر طبيب إجراء “الماموجرافي” للاطمئنان، وفعلاً أجريت ما طلب مني وبشرني أنني لا أعاني من أي شيء، لكن طبيبي ظل الشك يراوده وطلب مني العودة بعد عشرة أيام. 

وفي الموعد، توجهت إلى الطبيب وبعد فحصي تغيرت ملامحه ليطلب مني إجراء تحاليل “الوخز”، عدت إلى منزلي وبلغت زوجي الخبر، وقررنا السفر لإجراء ما طلب مني بولاية وهران، وحينها توجهت إلى بيتي العائلي لأخبرهم، لكن والدي أبى إلا أن يرافقني لإجراء التحاليل، وفي اليوم التالي توجهنا إلى مدينة وهران وأنا متفائلة، غير أن الطبيبة أخبرتني أنه لا يمكنني الاطلاع على النتيجة إلا بعد 24ساعة.

عدنا أدراجنا، وواصلت عملي كعادتي، وفي اليوم التالي أبلغتني الطبيبة في حدود منتصف النهار أنني مصابة بالسرطان، وقد أبدت استعدادها الكامل لمساعدتي، وحينها لا أستطيع أن أعبر عن إحساسي، فقد اسودت الدنيا في عيني، خاصة عندما وجدت أولادي بانتظاري ودموع الفاجعة في عيني والدي ووالدتي، فلم أكن أريد سوى حضن دافئ، لم أستطع النظر إليهما، فسنِّي حينها كان 32 عاماً، وأنا البنت الوحيدة وسط أخوين اللذين أصابهما الذهول. 

وحينها بدأت أقرع أبواب المستشفيات، وبدأت إجراء التحاليل والأشعة لإجراء العملية، وكان أملي بالله كبيراً، وفعلاً بدأ الخوف يتلاشى شيئاً فشيئاً بعدما رأيت المرضى أمثالي وعزمت مقاومة المرض لأجل أولادي وعائلتي، وقد وجدت في أبوي، وزوجي، وأخوتي الدعم المعنوي والمادي، وحينها طلبت من عائلتي أن تساعدني على هزم المرض بدلاً من أن تساعد المرض على هزمي، وأنا متيقنة أن الشفاء بإذن الله وحده. 

ودخلت إلى غرفة العمليات، بعد أن قضيت ليلتي في المستشفى أدعو وأتضرع المولى أن يكون معي، وجاء موعد العملية لأجد أبي أمام غرفة العمليات ودموعه تملأ وجهه وهو يرمقني بنظرات تطلب مني المقاومة، وبعد ست ساعات تمت العملية بنجاح ومكثت في المستشفى ستة أيام.

وبعدها أخبرني الطبيب أنه لا بد من مباشرة العلاج الكيماوي، وقد تم تحديد 8 جلسات علاج، وقد باشرت العلاج وأنا مصممة على التغلب على آثار هذا العلاج، فبدأت بالاطلاع على التأثيرات الجانبية وسبل تخفيفها عن طريق الإنترنت، وبعد أول جلسة وجدت نفسي أنني تغلبت نوعاً ما على هذا العلاج، لكن ماذا أفعل وقد بدأ شعر رأسي في التناثر من حولي، وبدأ أولادي يكثرون من الأسئلة والدهشة تملأ عيونهم، حينها قررت شراء باروكة حتى لا يبقى في أذهانهم بشاعة المرض.

وليس هذا فحسب، بل قررت أن أقطع العطلة المرضية وأعود للعمل بالرغم من صعوبة العلاج، وقد قررت أن أهزم المرض بالحفاظ على أناقتي وجمالي بكل الوسائل، وهذا ما حدث، فأصبح زملائي في العمل يرجحون فرضية عدم إصابتي بهذا المرض اللعين بعد عودتي السريعة للعمل وحفاظي على جمالي.

وحتى في المستشفى كانوا يظنون أنني مرافقة المريضة، وأتممت بنجاح الكيماوي وأعقبته بحصص من العلاج الإشعاعي.

وبعد سنة من الكفاح، أحسست أن الله معي في كل لحظة، فقد زاد تقربي من الله عز وجل بكثرة الاستغفار والصلاة وقراءة القرآن والصدقة، والأهم من تجربتي مع المرض هو أنه أصبح لدي حسن الظن بالله.

ولا يفوتني أن أخبركم أنني توجهت مع والدي إلى البقاع المقدسة ونظرت إلى الكعبة المشرفة لأول مرة ودموعي تنهال كالمطر، وهناك تضرعت للمولى عز وجل ألا يردني خائبة فرحمته واسعة، والأجمل في قصة مرضي هو أنني لم أقطع الأمل حتى اليوم، فرجائي في حبيبي الحي القيوم كبير، فأكثروا الدعاء لكل مريض بالسرطان عافاكم الله.

  


Exit mobile version