الغبرا لـ “المجتمع”:الدول العربية لن تنتصر في معركة خارجية دون حوار داخلي جاد

ـ الاعتقاد بأن “الربيع العربي” مؤقت أمر خاطئ وظاهرة “داعش” لن تختفي

ـ انخفاض أسعار النفط أزمة كبرى لمن اعتمد على البترول كأساس للاقتصاد الوطني والقومي

ـ التاريخ الأمريكي سيسجل أن حرب العراق عام 2003م أكثر الحروب غباءً وتدميراً خصوصاً أنها كلفت الخزينة الأمريكية مئات المليارات

ـ الاتحاد الخليجي غير قابل للنجاح إذا كان اتحاداً أفقياً بين أنظمة سياسية نظراً لتعدد النماذج

 

تعيش المنطقة العربية عموماً، والخليجية منها، حالة من التطور في الأحداث والمشهد بشكل دينامكي مفتوح، بحيث يصعب فهم الكثير من الأحداث والمواقف، فضلاً عن التنبؤ بها؛ لذا نحاول أن نفتح نافذة مع أحد المفكرين السياسيين البارزين في المنطقة العربية، لنلقي الضوء على الحالة والمشهد الحالي للمنطقة، عبر لقاء مع أ.د. شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، ورئيس المكتب الإعلامي الكويتي في واشنطن سابقاً.

كيف ترى الخطر الإيراني على الدول العربية عامة، والخليج خصوصاً، بعد هذه التغيرات في المشهد الدولي والإقليمي؟

– بداية، أجد أننا نحن العرب أصحبنا خطراً على أنفسنا، فالمشكلة الآن تنحصر في الواقع العربي، في طبيعة الدولة التي أنشأها العرب، وفي طبيعة النظام الاقتصادي الذي شيده العرب، وفي طبيعة العلاقات الثنائية فيما بين العرب أنفسهم.

فقبل أن نتحدث عن الخطر – كما يعرفه البعض – الإيراني، فأنا أرى أنه ينبغي أن نتحدث أولاً عن الخطر الكبير الذي يحدق بنا، ألا وهو الخطر الذاتي المتمثل في  طريقة تصنيفنا للآخر، وفي طريقة اقتصادنا وبنيتنا وحياتنا السياسية، لذا يمكن القول: إنه في الوقت الذي كانت فيه إيران تقوم بالسعي من أجل بناء دولة متكاملة الأركان، كنا نحن نهدر الثروة، وكانت إيران تتحدى الولايات المتحدة، وكنا نحن نسايرها، وفي الوقت الذي كانت تقوم إيران بطرح أطروحات لصالح القضية الفلسطينية، كنا نحن نبتعد عن القضية الفلسطينية.

في الوقت الراهن توجد حرب باردة، إن صح التعبير، ولكن نحن علينا مسؤولية كبيرة، في الداخل العربي والداخل الخليجي، في إعادة رسم قيم الإصلاح، وقيم العقد الاجتماعي الخليجي الخليجي، والعربي العربي، مما يسمح لنا بأن نكون أصحاب مشروع دولة، أصحاب مشروع وطن، أصحاب مشروع مؤسسات، وإذا دخلنا مشروعات من ذلك القبيل، لن تستطيع إيران أن تخترق الواقع العربي كما تقوم بذلك الآن، وفي هذه المرحلة التاريخية.

وأقول: إن الأنظمة العربية لن تستطيع أن تنتصر في معركة خارجية إذا لم تكن قادرة على أن تفتح حواراً جاداً وحقيقياً مع كل القوى الاجتماعية التي يتشكل منها المجتمع العربي، وإمكانية المواجهة مع الخطر الخارجي والانتصار عليه غير ممكنة.

ولو لاحظنا أن كل الحروب العربية مع “إسرائيل” بما فيها أفضل المراحل الناصرية، كان الاعتماد الرئيس باستمرار على تيار واحد وليس كل التيارات، وعلى فئة واحدة وليس كل الفئات، وعلى جماعة وليس كل الجماعات، فانتهينا من هزيمة وراء هزيمة وراء هزيمة، إلى أن وصلنا إلى حالة من حالات الإفلاس.

نحن أخفقنا في المشروع العربي، وأخفقنا في المشروع الديمقراطي، وأخفقنا في المشروع الإصلاحي، وأخفقنا في مشروع التواصل فيما بيننا؛ وبالتالي اليوم نتعرض للخسران.

فاليمن كان في أحد الأيام جزءاً من المنظومة الأمنية العربية والخليجية، واليوم نخوض حرباً في اليمن، فالفريق الذي نقاتله اليوم في اليمن كان جزءاً من المنظومة الخليجية واليوم يقاتل في الجهة المقابلة لنا.

في السابق، كان الوضع العربي أفضل مما هو عليه حالياً، لأننا اليوم نقاتل على جبهات عدة، وليست جبهة واحدة، كذلك سابقاً كان الشيعة والسُّنة في خندق واحد باسم القومية العربية، أما اليوم فيوجد احتقان طائفي في البيت العربي والبيت الخليجي، واحتراب بين الفريقين السُّنة والشيعة.

قيام “الاتحاد الخليجي” هل هو إحدى مراحل العلاج بالنسبة لدول الخليج للخروج من هذا الواقع الأليم؟

– أنا من حيث المبدأ مع “الاتحاد الخليجي”، لكن من حيث أسلوب الطرح، فإن الاتحاد الخليجي غير قابل للنجاح إذا كان الاتحاد بين الدول الخليجية اتحاداً أفقياً بين أنظمة سياسية؛ نظراً لتعدد النماذج، حيث هناك نموذج دبي، ونموذج عُمان، ونموذج الكويت، ونموذج السعودية، فالنماذج مختلفة رغم أنها تتداخل في بعض المسائل.

فبعض الدول لديها إمكانات عالية، وبعضها لديها رؤية بعيدة المدى، والبعض الآخر لديها رؤية قريبة المدى، أو أقرب للماضي منها للحاضر فضلاً عن المستقبل، وهناك من لديهم رؤية اقتصادية بحتة، والبعض لديه رؤية سياسية بحتة.

في رأيي؛ الوحدة الخليجية متعددة المشارب، هناك وحدة الشعوب، وهناك وحدة المؤسسات، وهناك وحدة الحريات والحق في التعبير، بحيث يكون الأمن والجيوش جزءاً منها.

أما ما نراه اليوم فهو وحدة أمن وجيوش وأسلحة، وهذه لا تصنع الوحدة. 

ننتقل لـ “الربيع العربي” وتعامل الدول العربية والخليجية خصوصاً معه، كيف ترى ذلك؟

– السبب وراء الانقلاب على “الربيع العربي” هو الخوف من التغيير، وعدم قراءة المرحلة بشكل كامل، والاعتقاد بأن “الربيع العربي” مؤامرة خارجية، والاعتقاد بأنه مؤقت وجاء لكي ينتهي، وعدم قراءة المرحلة التاريخية؛ لأنه ما يبدو لي أن ما وقع في ربيع 2011م سُمي بـ “الربيع العربي”، ولكنه في حقيقته كان بداية مرحلة معقدة من التغييرات الإيجابية والسلبية، بمعنى أنها مرحلة من الانهيارات، وكشف الإشكالات والحركات والثورات، موجة أولى، وثورة مضادة، ثم موجة ثانية، ثم حركات سياسية، نحن دخلنا في حالة لن يقل عمرها، كما ذكرت في بداية “الربيع العربي”، عشر سنوات، واليوم أقول أيضاً عشر سنوات، فنحن في مراحل تحول، ومراحل التحول لا يسيطر عليها الحاكم أو المحكوم.

كيف ترى الصراع العربي الإيراني الحالي؟

– أنا شخصياً أرى أن الخلاف مع إيران خلاف سياسي، وكل الأبعاد الأخرى تتحول لأدوات، ولكن الجوهر خلاف سياسي، وخلاف اقتصادي، وخلاف له علاقة بالنفط ومكانة النفط، فالخلاف هو على النفوذ والقوة والتأثير، فتركيا وإيران دولتان قويتان في ظل واقع عربي متصدع، وبالتالي الخلاف مع إيران جوهره سياسي.

ولو دققنا أكثر في الحالة الإيرانية، لا نستطيع أن نقوم بالتعميم على الشعب الإيراني، وستجد أن الكثير من المواطنين الإيرانيين لديهم رأي آخر ومختلف تماماً، يجب علينا جميعاً كعرب أن نحذر كثيراً من الدفع باتجاه الصراع الطائفي؛ لأنه سيأتي وقت قد لا يكون بعيداً ستجلس إيران مع المملكة العربية السعودية على الطاولة، فهو في الجوهر صراع سياسي وحرب باردة؛ وبالتالي نهايتها صفقة سياسية، وسيجدون الحلول في الوقت الذي يقوم به البعض بالشحن الطائفي.

السعودية قطعت علاقاتها مع إيران، وتبعتها بعض الدول العربية، كيف قرأت تلك المواقف؟

– ما وقع بين المملكة وإيران كان نتيجة الهجوم الذي وقع على سفارة وقنصلية المملكة في إيران، وأنا في رأيي العلاقات الاقتصادية مستمرة، وحجم التبادل التجاري مستمر، وفي زمن العقوبات كانت العلاقات الاقتصادية مستمرة، وهناك مدرسة اقتصادية في الخليج لا تحبذ أن تتأثر بالسياسة، ولا تفضل الخوض في السياسة، فإذا وجدت منفعة وراء علاقاتها الاقتصادية مع إيران ستقوم بتنمية تلك العلاقة، خصوصاً بعد رفع العقوبات الدولية على إيران، حيث جاء وقت الحصاد بالنسبة لكبار رجال الأعمال؛ لذا أعتقد أن كثيراً من الأموال العربية ستدخل إلى إيران وتتفاعل معها؛ وبالتالي يتم تخفيض العلاقات السياسية من جهة وتفعيل العلاقة الاقتصادية من جهة أخرى، وفي النهاية كل دولة تبحث عن مصالحها وتعظم من شأن مدخولها.

وماذا عن الموقف الكويتي؟

– الكويت دولة حليفة للمملكة، وهذا تجلى واضحاً منذ مرحلة غزو العراق للكويت، وسنوات ما بعد تحرير الكويت، وفي الوقت نفسه الكويت دولة مستقلة ولديها مجموعة كبيرة من القضايا للتعامل معها، ومن مصلحة الكويت أن تبحث عن نقاط التهدئة بين المملكة وإيران، خصوصاً وأن شمال الكويت العراق، وفي مقابلها عبر الخليج إيران، وفي السابق كانت الكويت تنعم باستقلالية بين ثلاث دول قوية (العراق وإيران والسعودية)، وحالياً العراق دولة منهارة وفي حالة احتقان وتنقسم لعدة أقسام، وهناك صراع مع “داعش” وهو فصيل سُني.

إيران اليوم قوة فتية وصاعدة، وبعد خمس سنوات ستكون أقوى، وبعد عشر سنوات ستكون أقوى، والأمر الذي يؤثر على قوة إيران هو إن حدث سيكون من الداخل، ومن واقع قراءاتي للداخل الإيراني، لن تتجاوز حراكات، ولن تتجاوز إصلاحات داخل النظام؛ وبالتالي سيكون النظام وضعه أفضل.

هل تقوم دول الخليج بمحاولة إنقاذ العراق من بين براثن إيران؟

– دول الخليج تحاول إنقاذ سورية وربما يكون هذا أسهل، وحسب ما يتداول على وسائل الإعلام المختلفة أن ما يحدث في العراق يعتبر من أعلى نسب الفساد في العالم، وهذا يمس الجميع، وهناك أرقام عن مئات المليارات التي سُرقت في العراق، فكيف بدولة نفطية عملاقة لا تستطيع أن تقوم بتأمين قوت شعبها، فنحن نتحدث عن دولة فاشلة بمعانٍ عديدة، وساهم بعض القادة العراقيين الذين جاؤوا إلى الحكم وبالتحديد المالكي، الذي ساهم في جعل هذه الحالة مرضاً مزمناً.

وأرى أنه كانت هناك سياسة ممنهجة لتدمير العراق، ساهم فيها أكثر من طرف، ويوجد أطراف في الحكومة ساهمت في تدمير العراق.

إذا عدنا إلى عام 2003م ما كان ينبغي أن يحدث للعراق ما حدث له من تخريب وتدمير، والغريب أنه في عام 2003م أعلنت الولايات المتحدة أن العراق دولة محتلة، أعلنت احتلالاً ولم تعلن تسوية سياسية ودولة.

الأمر الغريب الثاني؛ أنها أعلنت حل الجيش العراقي، حيث أصدرت قرارات غايتها تدمير البنية التحتية للدولة.

هذا يعني أن الولايات المتحدة قد سلَّمت العراق إلى إيران على طبق من ذهب؟

– عملياً هذا ما حدث على أرض الواقع، ولا ندري هل هذا كان مقصوداً من الولايات المتحدة أم نتيجة لقصر النظر، مع العلم أن الولايات المتحدة قد أضرت نفسها بإعلانها الحرب على العراق، وسوف يسجل في التاريخي الأمريكي بأن حرب عام 2003م أكثر الحروب غباء وتدميراً في التاريخ الأمريكي، خصوصاً أن تلك الحرب كلفت الخزينة الأمريكية مئات المليارات.

وكان التفسير في البداية أن تلك الحرب سوف يتم تمويلها من البترول العراقي، وكانت النتيجة أن الولايات المتحدة خسرت من اقتصادها في الأزمة الاقتصادية عام 2007 و2008م.

ننتقل للمشهد اليمني؛ هل سيستمر دعم إيران للحوثيين؟

– منذ اليوم الأول وأنا أعتقد أن الحرب سوف تستمر لفترة طويلة، وتحدثت مع علي الظفيري في برنامج “في العمق” على قناة “الجزيرة”، بعد الحرب بأيام، وأعلنت حينها بالقول: إننا دخلنا في حرب استنزاف، وستكون طويلة وقاسية، والنتائج لن تكون بمستوى فرحة التوقعات في الأيام الأولى للحرب؛ لأن الحرب هي الحرب، لأنك حين تقرأ وتدرس النسبة الكبرى من الحروب في التاريخ الحديث، أو منذ الحرب العالمية الثانية، تنتهي بخيبة أمل، والكل يخسر، وما الذي يجعل كل الأطرف ستخسر أن تلك الحرب سوف تفتح الأبواب لـ “القاعدة”، وتنظيم “داعش”، وستفتح الباب لتقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، وستجعل الحوثيين أكثر تمرداً وتصلباً.

ولا ننسَ أن الحوثيين قاتلوا علي صالح لسنوات طويلة، فالحوثيون لديهم رؤية خاصة بهم، ولن يتنازلوا عنها في هذه المعركة؛ وبالتالي هذه واحدة من سلسلة معارك دخلت فيها الأطراف الحوثية.

وبالتالي لا حل أن تقع حروب أهلية وتتعمق، كما حصل في اليمن ويحصل في سورية، وكما يحصل في العراق، ويحصل أيضاً في ليبيا.

فلا حل للحروب الأهلية غير التسوية السياسية وعقد اجتماعي جديد، وتوزيع دوائر النفوذ مناصفة على الجيش والشرطة، وغيرها من مراكز القوى، بحيث لا يستطيع أحد الأطراف تحريك الجيش ناحية الطرف الآخر، ولكن يستطيعان سوياً تحريك الجيش لصد عدوان خارجي.

وفي شأن إيران فهي ليست مستنزفة في اليمن، ولكنها مستنزفة في سورية أكثر، وربما قامت بسحب بعض قواتها، وهناك أمور لا أحب الخوض فيها، فلإيران علاقات خاصة مع بعض الأطراف في المنطقة، والمسألة بالنسبة لإيران في اليمن مسألة ميزانية، والميزانية متوافرة في إيران في تلك المرحلة وستزيد في المستقبل.

إذن دعم النفوذ الإيراني في العراق واليمن سيستمر، وتنظيم “داعش” مستمر في الصمود في عام 2016م لأسباب وجيهة، فحين سيطر “داعش” على الموصل وكل المنطقة الشمالية عام 2014م أسفر عن ذلك هروب مليون ونصف مليون شخص من هذه المناطق إلى بغداد، ومع ذلك تم إيقافهم على حدود العاصمة، تخيّل؛ يستنجد المواطنون بحكومتهم وحكومتهم تتخلى عنهم؛ لأنهم من فئة اجتماعية طائفية دينية مختلفة، وتخشى من دخولهم إلى العاصمة!

سمعنا من بعض المحللين أن “داعش” ظهر فجأة وسيختفي فجأة، ولكن ما سمعته منك يعني أن “داعش” سيقوى أمره في ظل غياب الدولة المركزية في العراق، ما تعليقك؟

– يوجد في الإسلام ما يسمى بالمدرسة الإسلامية الجهادية، وهي مختلفة عن المدرسة الإسلامية السلمية، فالمدرسة الإسلامية الجهادية إن عدنا فيها إلى تنظيم “القاعدة” وما قبله سنجد أن هناك تطوراً في الرؤية الجهادية الإسلامية، فالزرقاوي كان في “القاعدة”، وأسس لمن جاء بعده، وانتهى الأمر بظهور مدرسة “داعش”، وهي مدرسة جهادية إسلامية تؤمن بالتركيز على العدو القريب أكثر من العدو البعيد.

فتنظيم “القاعدة” يقوم بالتحضير ويجاهد على المستوى العالمي حسب أدبياته، بينما “داعش” جاء برؤية أنه آن الأوان لإنشاء دولة، وهذا فحوى الخلاف بين “داعش” وتنظيم “القاعدة”، وإذا هُزم “داعش” سوف يعود “القاعدة” مرة ثانية إلى المشهد، وسيقول للآخرين: كنا على حق فانضموا إلينا.

“داعش” يبني مؤسسات للدولة كالقضاء، ولديه قوانين وقضاة وأحكام؛ أي لديه سعي لبناء دولة بصرف النظر إن كانت تلك الدولة استبدادية أو لديها مشكلات، ومن الصعب التنبؤ بالمصير بعد عام أو خمسة أو عشرة، فهل يُهزم وتُعاد الكرة بمرونة أكثر وبرؤية مختلفة، أم يُهزم وتعود الكرة لـ “القاعدة” من منطلق أنه لم يحن الأوان لإنشاء دولة وإعادة الخلافة ضمن هذا المنظور.

هل سيهبط النفط إلى ما دون 10 دولارات؟ وهل ستُقْدم إيران على إغراق سوق النفط؟ وهل سنواجه أوضاعاً صعبة؟

– أنا لا أحمِّل هبوط أسعار النفط على إيران، فإيران رُفعت عنها العقوبات، ومن الطبيعي أن تعود إلى تصدير النفط؛ وبالتالي ستأخذ حصتها، كما كان يحدث في السابق، وتاريخياً حينما كان يهبط سعر النفط كانت دول “الأوبك” تقوم بتخفيض الإنتاج، فتحافظ على السعر بمبلغ معين، واليوم الدول المصدرة للنفط تخشى من تخفيض الإنتاج؛ لأنه لم تعد دول “الأوبك” هي الأغلبية المصدرة للنفط، ولو خفضت الإنتاج وظل السعر مرتفعاً سيكون ذلك مكسباً للدول غير المرتبطة بـ “الأوبك”.

فنحن أمام أزمة حقيقية، وهي أزمة كبرى لمن اعتمد على البترول بصفته أساس الاقتصاد الوطني والقومي، رغم وجود عدة إنذارات في خلال الثلاثين سنة الماضية، فإن بعض الدول بقيت على رؤيتها، فالكويت 85% من الاقتصاد يقوم على النفط، والكويت محظوظة لأن عدد السكان قليل، أما المملكة فهي تعاني من حروب ومصاريف ومسؤوليات إعادة البناء، بالإضافة إلى المسؤولية عن شعب تعداده 25 مليون نسمة، فالمسؤوليات أمام السعودية ضخمة والتحديات كبيرة.

الأمر الإيجابي في هذا التحدي أن هناك أرصدة ما زالت موجودة لدى الدول النفطية من خلال أموال وودائع وأرصدة السيادة (600 مليار تقريباً)، وهذه توفر الحماية لبعض الوقت، وتساعد في التعامل مع الإشكاليات العديدة، ولكن إذا استمر تدني الأسعار لفترة طويلة ستخلق مشكلات عميقة.

كلمة أخيرة لمجلة “المجتمع”؟

– أتمنى للمجلة الآن وغداً وبعد غد أن تكون صوتاً للحوار المفتوح بين مدارس مختلفة؛ لأننا أقوى بالحوار في ظل الاختلاف، من عدم تقبل الآخر، والاعتقاد بأن الخلاف غير موجود.

 

Exit mobile version