تونس: الغنوشي يدعو لمؤتمر وطني حول أزمة البطالة

كانت الاضطرابات التي شهدتها تونس مؤخراً، ناقوس خطر، يهدد بالانفجار الشامل في تونس بعد أن وصل معدل البطالة إلى 18%، والدين الخارجي الذي كان عام 2012م 47% من الناتج القومي الخام، تجاوز الخمسين الآن، وهو بين 54 و57% من الناتج القومي الخام حسب الاختلاف بين الأرقام الرسمية والمعارضة.

وقد بلغ الدين الخارجي 8 آلاف مليون دينار؛ أي 8 مليارات دينار (الدولار الأمريكي يساوي 1.970 دينار تونس)، وانسداد أفق العمل في الوظيفة العمومية (المؤسسات المدنية في الدولة)، وارتفاع نسبة مساهمة الموظفين في الجباية المباشرة التي ستصل العام القادم إلى نحو 48% مقابل 45.7 العام الماضي، و40% في عام 2014م.

ومع استمرار التجاذبات بين الفرقاء السياسيين، والتشكيك في إمكانية تحقيق نسبة نمو بمعدل 2.5%، وتمزق الحزب الذي أسسه الرئيس الباجي قايد السبسي، والخلاف حول عدد من الخيارات، ولا سيما مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، الذي يعفي رجال الأعمال الذين نهبوا المال العام في عهد المخلوع بن علي، من التتبع القضائي، مقابل خدمات للمناطق المحرومة في العهد السابق، كل ذلك دفع رئيس حزب حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي للدعوة لمؤتمر وطني حول البطالة للخروج بحلول بدل التناحر والاتهامات المتبادلة، وستشارك جميع الأطراف والحساسيات السياسية والاجتماعية في هذا المؤتمر دون إقصاء.

أجندة المؤتمر

جاءت دعوة الشيخ راشد الغنوشي لمؤتمر وطني حول البطالة وبحث حلول شاملة لمعالجة هذه المشكلة بعد لقائه برئيس الحكومة الحبيب الصيد يوم الإثنين 25 يناير2016م، وقد أعقب هذه الدعوة إعلان وزارة التكوين المهني والتشغيل، التي يقودها زياد العذاري، عن عزمها عقد مؤتمر وطني حول التشغيل وذلك الأسابيع القادمة.

ويهدف المؤتمر إلى الوقوف على واقع التوظيف والبطالة سواء على المستوى الجهوي المناطقي، أو المستوى الوطني، وتقييم نتائج برامج التشغيل (التوظيف)، وتشخيص الإشكاليات وسبل تجاوزها، وتقييم نتائج آليات العمل المستقل وبعث المؤسسات وتشخيص المعوقات والبدائل، وتقديم التصورات والاقتراحات لإرساء سياسة تشغيل تستجيب لطموحات الشباب وتطلعات الجهات.

وقد طلبت الوزارة من الأحزاب السياسية والجمعيات وكافة الهيئات موافاتها بتصوراتها واقتراحاتها حول القضية، وذلك حرصاً من الوزارة على إشراك جميع الأطراف في المجهود الوطني من أجل العمل ومقاومة البطالة، حسب بيان للوزارة، حصلت “المجتمع” على نسخة منه.

وكان رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد قد أجرى العديد من المشاورات مع مختلف الأحزاب والحساسيات الفكرية والسياسية بالبلاد حول الوضع العام في البلاد، وكيفية الخروج من عنق الزجاجة على مختلف المستويات.

أرقام مشكوك فيها

في نهاية ديسمبر 2015م عرض صندوق النقد الدولي تقريره السنوي “الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2016م”، وجاء فيه أن الاقتصاد التونسي سيبدأ بالتحسن في عام 2017م، وتحقيق نسبة نمو 4% على المدى المتوسط؛ أي في غضون 5 سنوات على الأقل، وأن نسبة النمو في تونس ستكون في حدود 2.5% حتى نهاية عام 2016م، وستقفز النسبة إلى 4% في عام 2017م، لتصل إلى 5% في عام 2019م، ثم تتراجع إلى 4.7% في عام 2020م، لكن هذه الأرقام تبدو حالمة، وفق الخبراء منهم مدير البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، الذي أكد أن عام 2016م سيكون صعباً، وعلى التونسيين أن يصبروا، وفق تعبيره؛ إذ إن تونس قد شرعت في دفع ديونها منذ بداية العام الجاري، وستواصل ذلك في العام 2017م أيضاً، وهو ما سيؤثر إلى جانب عوامل أخرى أمنية واجتماعية واقتصادية سلباً أو إيجابياً في مؤشرات صندوق النقد الدولي الخاصة بتونس.

اقتراحات لمعالجة الأزمة

القيادي بحزب حركة النهضة، لطفي زيتون، أكد لـ”المجتمع” أهمية المؤتمر الخاص بمعالجة مشكلة البطالة في تونس، والذي سيجتمع فيه خبراء الاقتصاد من الخارج والداخل، واقتراح تكوين مجلس يضم رؤساء البنوك والبورصة وسوق المال عموماً وخاصة رجال الأعمال والشركات ممثلة في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة عمالية)، تنكب جميعها على صياغة الإجراءات العاجلة والمتوسطة والبعيدة لمعالجة مشكلة البطالة في تونس.

وشدد زيتون على ضرورة إقامة مشاريع صغرى، وعقد مقارنات بين الجهات لتعديل كفة الإخلالات الحاصلة بينها، فليس من المعقول أن تكون هناك 5 مسابح مثلاً في جهة وجهة أخرى لا يوجد بها أي مسبح، وينطبق ذلك على الشركات والمصانع المقامة في جهات، بينما جهات أخرى محرومة من أي موطن عمل، وذكر بأن الشباب في المناطق الداخلية البعيدة عن العاصمة ومنطقة الساحل لا ملجأ لهم سوى المقهى، أين يجتر الواحد منهم مشكلاته مع أمثاله.

وعما يمكن فعله، أشار زيتون إلى أن المراهنة على المشاريع الصغرى، ومساعدة الشباب على إقامة مشاريعهم الخاصة التي يرغبون فيها، هي من ضمن الحلول لمشكلة البطالة.

وأوضح أن تونس ليست دولة فقيرة، لكن توزيع الثروة فيها، واستغلال الثروات، لا يزال دون المطلوب، وألمح إلى إمكانية تخلي الدولة عن بعض الممتلكات العامة وخصصتها، بعد النظر فيما يمكن خصصته وما يمكن الاحتفاظ به، ولا سيما أراضي الدولة التي يطالب السكان المتاخمون لها بتوزيعها على الفلاحين منهم.

وقال: كل شاب له تصور عن كيفية خروجه من البطالة بعيداً عن الوظيفة العمومية، فالبعض يطلب ترخيصاً تجارياً، والبعض قطعة أرض لزراعتها، والبعض يحتاج لتكوين في مهنة، وهذه أمور يمكن تبنيها وتطبيقها على أرض الواقع، وهو ما سيتطرق إليه المؤتمر الوطني حول البطالة.

Exit mobile version