“الانتفاضة” في صدارة الأحداث الفلسطينية عام 2015م

حفل العام 2015م في الأراضي الفلسطينية كغيره من الأعوام السابقة بالعديد من الأحداث والتطورات الميدانية على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث احتلت انتفاضة القدس الصدارة في الأحداث.

مجلة “المجتمع” وثّقت أبرز الأحداث التي عاشتها الأراضي الفلسطينية على مدار عام 2015م.

حيث شهدت الخمسة أشهر الأخيرة النصيب الأكبر من تلك الأحداث وأهمها.

بداية في الأول من يناير، حيث كشفت مصادر سياسية “إسرائيلية” النقاب عن خطة شاملة عرضتها شرطة الاحتلال على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لإطباق السيطرة على المسجد الأقصى، ولاحقاً تصاعدت وتيرة الاعتداءات والانتهاكات بحق المسجد.

على صعيد آخر، نفذ الشاب حمزة متروك من مدينة طولكرم في 21 من الشهر ذاته، أول عملية فدائية أدت إلى إصابة 12 “إسرائيلياً” منهم أربعة بجروح خطيرة، بعد أن طعنهم بسكينه واحداً تلو الآخر قبل أن يرتقي شهيداً.

“كتائب القسام” منظمة إرهابية

وفي اليوم الأخير لشهر يناير، قوبل قرار من محكمة الأمور المستعجلة المصرية باعتبار “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس” منظمة إرهابية، برفض شعبي وفصائلي لم يخلُ من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن قضت ذات المحكمة بعدم الاختصاص في نظر دعوى باعتبار حركة “حماس” منظمة إرهابية.

وفي مارس، غرقت سفينة تقلُّ على متنها لاجئين فلسطينيين من سورية وقطاع غزة في عرض البحر الأبيض المتوسط، أثناء هجرتهم إلى السواحل الأوروبية، وأدى هذا الحادث إلى موت وفقدان وإصابة المئات.

وفي مارس أيضاً وتحديداً في السابع من ذات الشهر افتتح الشاب الفلسطيني محمود سلايمة باكورة عمليات الدهس بتنفيذه عملية دهس ضد مجموعة من الصهاينة، وأصيب في العملية سبعة “إسرائيليين”، وذلك قبل أن تعتقله سلطات الاحتلال بعد إصابته.

وكان انضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية في الأول من أبريل كعضو رسمي، وجد ترحيباً شعبياً وفصائلياً، واعتُبرت هذه الخطوة بأنها خطوة تاريخية وإنجاز لعزل الاحتلال “الإسرائيلي”، ومحاكمته على جرائمه التي ارتكبها ضد الفلسطينيين ومقدساتهم.

في مايو، أصدر القضاء المصري جملة من الأحكام التي قال: إنها بحق أشخاص متهمين بالضلوع في القيام بأحداث أمنية داخل البلاد، وما أثار الجدل حيناً والسخرية أحياناً أخرى أن من بين المتهمين شهداء فلسطينيين وأسرى في سجون الاحتلال.

طريق محاذٍ على الحدود

في23 من شهر مايو، وفي خطوة جريئة وغير مسبوقة أقدمت “كتائب القسام” على شق طريق محاذٍ للسياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948م، ومثّلت هذه الخطوة صدمة كبيرة للاحتلال الصهيوني الذي حاول جاهداً منع تنفيذ هذا المشروع  بنشر آلياته وإطلاق النار على المقاومين، لكنه فشل في ذلك بعد أن استدعت الكتائب وحداتها الخاصة لترافق العاملين على شق الطريق، وعدّها خبراء عسكريون بأنها ضربة للاحتلال وقوة رادعة.

ثم جاء 29 من مايو، ليحمل واقعة رياضية معبقة بالسياسة، تتمثل في سحب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب طلب التصويت لتعليق عضوية الاتحاد “الإسرائيلي” في الجمعية العمومية لـ”الفيفا”، بعد مسيرة من الترويج السياسي في وسائل الإعلام لهذه الخطوة.

أما في شهر يونيو، فكان الحدث الأبرز فيه اعتداء سفن الاحتلال الصهيوني على سفينة ماريان السويدية التي انطلقت في مسيرة طويلة سعياً لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ثماني سنوات، وكانت تقل مجموعات من مؤسسات حقوقية وجمعيات إنسانية وشخصيات بارزة منهم الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، وقد قرصنت سفن الاحتلال هذه السفينة واقتادتها إلى ميناء أسدود وأعادت ركابها من حيث أتوا بعد أن احتجزتهم لساعات.

زيارة مشعل للسعودية

كانت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل للسعودية في 31 من يوليو، ولقاؤه بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وعدد من المسؤولين، بمثابة إذابة للثلج المتراكم منذ سنين، ولا سيما خلال المرحلة الأخيرة من حكم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، التي شهدت توتراً ملموساً بين الجانبين.

وفي 31 من يوليو، أضاف المستوطنون الصهاينة إلى سجل جرائمهم المتواصلة بحق الفلسطينيين جريمة جديدة لكنها غير مسبوقة من حيث حجمها، وبشاعة المشهد حيث أحرق مستوطنون متطرفون منزل أسرة يعود لعائلة “دوابشة” في قرية دوما بمدينة نابلس، الأمر الذي أدى إلى استشهاد الرضيع علي دوابشة فوراً، واستشهاد والديه متأثرين بجراحهما، وإصابة طفلهما الآخر بجراح خطيرة، وكانت تلك الحادثة أحد أسباب وعوامل انتفاضة القدس التي تفجرت بعدها بأسابيع قليلة.

خطف الشبان وغمر الأنفاق

وفي تطور آخر، نفذ مسلحون ملثمون في 19 أغسطس هجوماً مسلحاً على إحدى الحافلات المصرية الرسمية التي تقل مسافرين غزِّيين في سيناء أثناء مغادرتهم للعلاج في الخارج، واختطفوا أربعة شبان من على متنها، بعد النداء عليهم بأسمائهم، ولا يزال ملف الاختطاف محط تساؤل واستغراب فلسطيني كبير، وكشف بعض سكان المنطقة التي اختطف فيها الشبان الأربعة أن عناصر من الجيش خرجت من إحدى النقاط العسكرية بزي مدني واختطفوا الشبان ومن ثم عادوا إلى موقعهم.

وفي سابقة خطيرة، أقدم الجيش المصري في 18 سبتمبر على إنشاء ممر مائي على الحدود بين غزة ومصر ليغمر تلك المنطقة المحفورة بمياه البحر المتوسط وذلك عبر أنابيب نقل غرب مدينة رفح المصرية، وذلك كخطوة لهدم ما تبقى من أنفاق بين الجانبين، أسفر عن انهيارات متعددة في التربة بالجانب الفلسطيني.

انتفاضة القدس

وجاء الأول من أكتوبر ليحتل صدارة الأحداث التي حصلت خلال العام نفسه وأهمها، إذ انطلقت الشعلة الأولى لانتفاضة القدس في ذلك اليوم بعد تنفيذ عملية “إيتمار” قرب نابلس، والتي قتل فيها مستوطن “إسرائيلي” بإطلاق نار محكمة نفذها مقاومون.

ولم يمضِ يومان على تلك العملية حتى نفّذ الشاب مهند الحلبي عملية مزدوجة (طعن وإطلاق نار) في القدس بتاريخ 3 أكتوبر، رداً على انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى وبحق المواطنين، وقُتل في العملية مستوطنان اثنان وأصيب آخرون.

في 14 أكتوبر قرر الاحتلال احتجاز جثث الشهداء وهدم منازلهم أو منازل ذويهم، في خطوة عدها رادعة لمنفذي العمليات.

وتوالت بعد ذلك عمليات الطعن التي نفذها الشباب الفلسطيني في كل أنحاء الضفة المحتلة ومدينة القدس وداخل أراضي الـ1948، حتى وصل الأمر إلى تنفيذ أكثر من عملية في اليوم الواحد، وذلك على الرغم من القبضة الأمنية والعسكرية المشددة على تحركات المواطنين.

وتفيد الإحصاءات بأن 129 شهيداً ارتقوا منذ اندلاع انتفاضة القدس بنيران جيش الاحتلال والمستوطنين اليهود، بينهم 25 طفلاً، و6 سيدات، إضافة إلى إصابة أكثر من 15 ألفاً بإصابات مختلفة، فيما كان نصيب قطاع غزة من مجمل الشهداء 20 شهيداً، و1320 جريحاً، حتى يوم إعداد هذا التقرير.

وبحسب ما أفاد مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني و”الإسرائيلي”، فإن 22 “إسرائيلياً” ما بين جنود ومستوطنين قتلوا، فيما أصيب 338 آخرون منذ اندلاع انتفاضة القدس.

وفي 11 نوفمبر أقرت المفوضية الأوروبية توجيهات تتضمن وضع ملصقات على منتجات المستوطنات في الأراضي المحتلة، في خطوة هي الأولى بحسب مراقبين في هذا الاتجاه.

Exit mobile version