هل أحدث مسلسل “الفدائي” نقلة نوعية في الدراما الفلسطينية؟

لم يكن مسلسل “الفدائي” الإنتاج الأول لقناة الأقصى الفضائية، لكنه اعتبر الأهم والأضخم في تاريخ الدراما الفلسطينية في قطاع غزة على وجه الخصوص.

حجم التفاعل مع المسلسل فاق حتى توقعات القائمين عليه، واختزلت ذاكرة الأطفال الفلسطينيين الكثير من المشاهد في المسلسل، وظهر العديد منهم يقلد في مقاطع فيديو بعض المشاهد. و يعود ذلك إلى حالة التعطش الكبيرة لعمل درامي يجسد حالة المقاومة الفلسطينية، ولرؤية ما وراء الأخبار الإعلامية، حيث تدور أحداث المسلسل حول معاناة سكان حي فلسطيني يقع في مدينة الخليل، هذا الحي يعاني كثيرًا من مضايقات المستوطنين الإسرائيليين، ويركز على معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

يؤكد لنا مخرج “الفدائي” محمد خليفة أن المسلسل أحدث نقلة نوعية في الدراما الفلسطينية، هذه النقلة أتت من تراكم التجارب الدرامية المتواضعة، ويشير خليفة إلى أن ما مميز “الفدائي” هو تسليط الضوء على قضية هامة هي قضية الأسرى، ويضيف :”تناول المسلسل معاناة الأسرى بتفاصيلها المتعددة، وذلك عكس الأعمال الدرامية السابقة التي عرجت على القضية بشكل عام”.

لا يخفى خليفة حقيقة أن قطاع غزة ذات إمكانيات فنية متواضعة، فلا يوجد فنيين متخصصين ولا طواقم عمل، وهناك نقص في القدرات الداخلية، وتابع القول : “لا يوجد لدينا ممثلين محترفين إلا من أهل الخبرة، ولا يوجد معهد لسينما أو المسرح، كما نفتقد لمن يتبنى  هؤلاء الفنيين والفنانين لتطوير أدائهم”.

كان من السهل التحجج بالحصار والاحتلال، وعدم إنتاج عمل غني بحجم “الفدائي”، كما يقول خليفة، إلا أن الإصرار دفع طاقم زاد 200 عامل على تنفيذ العمل حتى في ظل انقطاع التيار الكهربائي ووجود الناس في أماكن التصوير، ونقص المعدات الإنتاجية والتصوير، وختم بالقول : “بإرادة طاقم العمل تغلبنا على معظم هذه المعيقات”.

النجاح فاق التوقع

مسلسل “الفدائي” ليس التجربة الأولي للممثل الفلسطيني وليد أبو جياب، فمنذ عام 2009 وأبو جياب يخوض العمل الفني في المسرح والتلفزيون والإذاعة، يقول أبو جياب : “صدمت من حجم الدور وأهميته، شخصية نضال، بطل المسلسل انقسمت لثلاث شخصيات متشعبة، لذا كنت أمام تحدى كبير”.

نجاح المسلسل فاق توقع أبو جياب، يقول لنا : “توقعنا النجاح منذ البداية، لكن ليس بالصورة التي تحققت، لقد حظي المسلسل بمتابعة كبيرة في مدن الضفة والقطاع والقدس و48 وبعض الدول العربية”.  ويري أبو جياب أن ما شد الناس للمتابعة هو رؤيا الواقع الفلسطيني دراميًا، بحيث يسمع الجميع عن ما يتعرض له الفلسطينيين من الاحتلال وما يعيشونه من ظروف اجتماعية خاصة، هذا الأمر دفع فريق العمل إلى اتخاذ قرار التجهيز للجزء الثاني من المسلسل على أن يعرض في رمضان المقبل.

ومع هذا كان هناك تحديات عدة واجهت طاقم العمل، كما يقول أبو جياب: “لا يوجد مدن أو أماكن مخصصة للإنتاج، نضطر لتصوير في بيوت المواطنين والمؤسسات والمساجد، لذا فمن أكبر المعيقات هي عملية ضبط التصوير”، ويتابع القول : “تعرضنا لنقد منذ بث الحلقة الأولي، ونحن نرحب بأي نقد هادف للارتقاء بالعمل، أما الأصوات المثبطة التي تريد إحباطنا فلم نعبث بها”.

الفدائي طعم خاص

رغم أنه أحدث تطور ملموس على صعيد التجربة الدرامية الفلسطينية إلا أنه “الفدائي” كأي عمل فني تعرض لنقد،  يقول الناقد والمخرج الفلسطيني رائد يوسف :”أنمسلسل بحجم “الفدائي” هو عمل فني اعتبره إضافة مهمة للدراما الفلسطينية التي بدأت تنهض بعد جمود طويل” .

و في نقد “الفدائي” الذي تابعه يوسف كناقد أيضًا، يوضح :”بما أن  النقد الفني هو عملية تحليلية ليس هدفها الانتقاص من العمل بقدر ما هي عملية تشريحية تظهر مناطق الضعف ومناطق القوة، يمكني القول أن هنالك سقطات تتعلق بكاتب ( السيناريو والحوار ) وتتعلق باللهجة و حبكات الخط الدرامي للعمل ككل”.

ويتابع : “مع أول حلقات المسلسل لم يقنعني بسيطرته على عناصر قصته، فبدأ العمل عبارة عن مجموعة من المحطات والنقلاتالتي لم تعكس بشكل تام واقع الضفة المعاش، وهنا أتحدث عن قيم اجتماعية لغة وثقافة واجتماعيات وعادات وتقاليد”.

وأضاف : “العمل أُنجز خلال فترة وجيزة، لذلك كان هناك خلل في عملية المونتاج في بعض  حلقات المسلسل، كما أن الأداء التمثيلي للعديد من الممثلين وخاصة العنصر النسائي في العمل كان ضعيفا ومتكلف بعض الشيء”.

Exit mobile version