ماليزيا: التظاهرات جرس إنذار.. والحسم في يد البرلمان

الفساد الحكومي يشعل الغضب الماليزي

مهاتير محمد يدعو لسحب الثقة من رئيس الوزراء

رجال أعمال يستغلون الأزمة لتحقيق مكاسب خاصة

 

شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور على مدار 34 ساعة متواصلة من الاحتجاجات الشعبية بمنطقة وسط العاصمة التاريخي، شارك فيها الآلاف من المتظاهرين، رافعين قائمة من المطالب في مقدمتها إقالة رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق على خلفية قضايا فساد حكومية، ومعلومات تتواتر حول تورط رئيس الوزراء في قضية فساد مالي كبيرة.

عبدالرزاق من ناحيته نفى بشكل قاطع ارتكاب أي مخالفات مالية، رافضاً الدعوات المطالبة باستقالته من منصبه، ويقول: إنه ضحية “عملية تخريب سياسي”، وقام بإقالة نائبه محيي الدين ياسين الذي انتقد تعامل رئيس الوزراء مع الاتهامات، وأقيل أيضاً المدعي العام عبدالغني باتايل الذي بدأ التحقيق في هذه الاتهامات بعد تسلمه وثائق كشفت أن نحو 2.6 مليار رينجت ماليزي قد حولت إلكترونياً من صندوق MDB1 الاستثماري إلى حسابات نجيب عبدالرزاق الشخصية.

وأكدت وكالة مكافحة الفساد الماليزية أن المبالغ المالية التي وجدوها في حسابات رئيس الوزراء عبارة عن تبرعات لكنها لم توضح الجهات التي تبرعت بها أو أسباب تلقي تلك التبرعات، وقال الصندوق الاستثماري (MDB 1): إنه لم يحول أي مبالغ لرئيس الحكومة، وإن كل الادعاءات بهذا الصدد لا أساس لها.

وسخر رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد الذي فاجأ المتظاهرين بالمشاركة في التظاهرات التي دعت لها حركة “بيرسيه” من اعتبار جهات حكومية أن الأموال التي جرى تحويلها لحساب عبدالرزاق “تبرعات”، واصفاً إياها بالسخافة، وقال مهاتير محمد: إن نجيب عبدالرزاق يقود البلاد إلى طريق مسدود.

وأكد مهاتير في تصريحات صحفية أن مظاهرات الشوارع أصبحت ضرورية الآن في ماليزيا؛ لأنه تم إغلاق كل القنوات الشرعية التي يعبر من خلالها الناس عن شكاواهم، وفي الوقت نفسه دعا المتظاهرين إلى الضغط على نواب البرلمان باعتبارهم ممثلين عن الشعب للمطالبة بسحب الثقة من الحكومة.

واتسمت المظاهرات بالسلمية، وعبر المتظاهرون عن رأيهم في صورة أشكال احتفالية، ورقصوا ومارسوا التمارين الرياضية على أنغام الموسيقى رغم جدية مطلبهم بتنحي رئيس الوزراء عن منصبه، ووصل الأمر إلى التقاط بعض المحتجين الصور التذكارية مع ضباط الشرطة المكلفين بمراقبة مناطق التظاهر.

وقال مراقبون لـ”المجتمع”: إن المتظاهرين غلب عليهم العرق الصيني وسط عزوف الملايويين عن المشاركة، نافين فكرة أن تكون تلك الاحتجاجات بداية لربيع ماليزي.

وأشار الإعلامي سامر علاوي، المتخصص في الشأن الماليزي، في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، إلى أن فكرة الربيع العربي انتهت من العقلية الماليزية منذ عامين تقريباً، خاصة بعد التداعيات السلبية التي تشهدها دول الربيع العربي.

وأكد علاوي أن استمرار المظاهرات وتصاعدها غير مقبول لا على مستوى الحكومي ولا على مستوى من ينظمها أو يقودها، لافتاً إلى أن شريحة كبيرة من رجال الأعمال هي من تدعم تلك التظاهرات وتدهور الأوضاع السياسية ليست في صالحهم.

وأضاف أن شريحة رجال الأعمال التي تدعم المظاهرات كانت لها مطالب غير معلنة من هذه الاحتجاجات في مجملها مكاسب سياسية واقتصادية تحقق معظمها؛ بدليل أنه تم إنهاء فعاليات المظاهرات دون أن يتحقق المطلب الرئيس المعلن وهو إسقاط رئيس الوزراء.

وتابع قائلاً: مطالب المعارضة تتبناها الحكومة، لكن الأخيرة ترى أن طريقة المطالبة بتحقيقها ليست الطريقة المناسبة للتعبير عن عدم الرضا في بلد ديمقراطي، حيث وصف رئيس الوزراء المحتجين بأنهم يتمتعون بروح وطنية ضعيفة، وقال: إن الاحتجاجات تهدف إلى تشويه صورة ماليزيا وهدم ما تم بناؤه.

ويرى علاوي أن الحكومة الماليزية غير قلقة من هذه الاحتجاجات، خاصة بعد العزوف الملحوظ للملايويين وهم الأغلبية عن المشاركة في المظاهرات.

واعتبر أن أهم المكاسب التي تحققت من هذه الاحتجاجات هي تعزيز الحريات العامة في البلاد، وإثبات حق المواطنين في حرية التظاهر والتعبير عن آرائهم، والتحذير الشعبي من استمرار الفساد الحكومي.

Exit mobile version