غزة: سخط شعبي من الشركات الكبرى لعدم المساهمة في تخفيف المعاناة

 ألغت النيابة العامة في قطاع غزة مؤخراً قرار إغلاق شركة جوال بكافة فروعها والذي استمر خمسة أيام، وذلك بعد اتفاق أبرم بين الشركة وبين الحكومة لينهي الأزمة التي تصاعدت كثيراً خلال الفترة الماضية بين الجانبين بسبب مطالبة الحكومة في غزة للشركة بدفع الضرائب لصالح وزارة المالية الأمر الذي ترفضه الشركة، ويتردد أن الاتفاق الجديد شمل أن تقوم الشركة بدعم مشاريع في قطاع غزة بعد مجهودات واتصالات قام بها وسطاء من غزة بين الطرفين.

وكان النائب العام في غزة إسماعيل جبر قد أصدر قراراً يقضي بإغلاق الشركة وكافة فروعها المنتشرة في القطاع لاتهامها بـ«التهرب الضريبي»، وهو ما حدا بمجموعة الاتصالات الفلسطينية التي تضم إلى جانب شركة  جوال الشركة الاتصالات الأرضية وشركة أخرى كبرى متخصصة في تقديم خدمات الإنترنت إلى إغلاق مقراتها أيضاً.

ترحيب شعبي

وفور إصدار قرار الإغلاق أطلق ناشطون فلسطينيون وسماً (هاشتاغ) على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ترحيبًا بقرار النائب العام الفلسطيني إسماعيل جبر، القاضي بإغلاق المقر الرئيسي لشركة جوال، كإجراء قانوني لتهربها الضريبي في غزة، ما يدلل على حجم السخط الشعبي تجاه الشركة التي تحقق أرباحًا كبيرة جراء ما يستهلكه المواطنون من خدماتها، دون تقديم تسهيلات لهم أو تخفيضات على المكالمات، أو المساهمة في التخفيف من الوضع الإقتصادي المتردي الذي يخيم على القطاع على الرغم من أرباحها الطائلة.

وكانت شركة جوال تبرر عدم دفعها الضرائب لوزارة المالية في غزة أنها تقوم بدفع ما عليها من قيمة ضرائب لصالح خزينة حكومة التوافق الوطني الشرعية في مدينة رام الله، الأمر الذي رفضه القيادي في حركة حماس يحيى موسى قائلا “الشرعية هي شرعية الانتخابات وليست شرعية قطّاع الطرق”، مؤكدًا أن الجهات الأمنية في غزة هي من تحافظ على أمنهم وممتلكات شركتهم.

أرباح كبيرة

ويزيد حجم الضريبة المستحقة على مجموعة الاتصالات عن 900 مليون دولار، تشمل الضريبة المضافة إلى جانب الفوائد وغرامات التأخير، بحسب وزارة المالية بغزة، وهو مبلغ ضخم يتجاوز موازنة القطاع والتي تقارب حوالي 784 مليون دولار، وأكدت الوزارة  أن جوال تجني صافي أرباح حوالي 120 مليون دولار وهو ما يزيد على 70% منها من قطاع غزة، فيما حقق بنك فلسطين أرباحاً تقدر بـــ40 مليون دولار نسبة كبيرة منها تأتي من غزة.

وتتعمد الشركات والبنوك التعتيم على حجم الأرباح التي تجنيها من غزة حتى لا يستغل كورقة ضغط لكشف تهربها الضريبي في القطاع.

وإلى جانب شركة جوال ترفض كبرى الشركات في القطاع دفع الضرائب إلى وزارة المالية القائمة في غزة، بحجة أنها تدفع الضرائب إلى الحكومة “الشرعية” القائمة في الضفة الغربية، وهو ما ترفضة الوزارة في غزة، نظراً لأن الأباح التي تحققها الشركات تعود من الخدمة التي تقدمها للمواطن في غزة، إلى جانب البيئة الآمنة التي توفرها للشركات لعملها بالقطاع، وهذا ما يجعلها ملزمة بالتعاون مع الحكومة، ودفع المستحقات الضريبية لها بعد فشل حكومة التوافق من توحيد المؤسسات بالضفة والقطاع وإنهاء الانقسام.

شركات القطاع

من جهته أوضح الدكتور معين رجب الخبير الإقتصادي لـ”المجتمع” أن الشركات الموجودة في غزة هي جزء من شركات موجودة في كل ربوع الوطن ومقراتها الرئيسية في الضفة الغربية، وأشهرها شركة الاتصالات الأرضية، وشركة جوال الحاصلة على امتياز وهي الشركة الوحيدة في غزة المحتكرة لهذه الخدمة منذ 20 عاماً.

وإلى جانب شركات الاتصالات الموجودة في قطاع غزة أتى الخبير الاقتصادي على ذكر البنوك العاملة التي تتنوع ما بين البنوك المحلية، والبنوك الوافدة وهي تمثل جزءاً من النظام المصرفي الفلسطيني، وتقوم بالنشاط المالي على امتداد الوطن، وبين رجب أن أشهر البنوك المحلية هو بنك فلسطين، وهو أحد أقدم البنوك العاملة في غزة منذ 60 عاماً، إضافة إلى بنوك محلية أخرى كالبنك التجاري، وبنك الاستثمار الفلسطيني وبنك القدس، والبنوك الإسلامية،  إضافة إلى البنوك العربية الوافدة كالبنك العربي، وبنك القاهره عمان، وبنك والأردن، وكشف المحاضر الأكاديمي أن هذه البنوك تحقق أرباحاً عالية كل عام، ويظهر ذلك في التقارير المالية التي تقدمها للحكومة.

وإلى جانب البنوك يضيف رجب هناك شركات أخرى في مختلف التخصصات كشركات في مجال توزيع الطاقة والبترول، وشركة توليد الكهرباء وهي الشركة الوحيدة في غزة، وتحقق أرباحاً كبيرة عاماً بعد آخر، بالإضافة إلى الشركات العاملة في مجال الطاقة الأخرى كالمحروقات والبنزيزن، والشركات المتخصصة في إنتاج المواد الغذائية.

وفيما لو دفعت هذه الشركات الضرائب إلى وزارة المالية في غزة أكد الخبير الإقتصادي معين رجب لمراسل “المجتمع” أن هذا الأمر يساعد على تحسين مستوى المعيشة للمواطنين بشكل لافت، خاصة وأن الحكومة الموجودة في غزة حاليًا لا تحصل إلا على إيرادات محدودة من بعض الشركات الصغيرة دون الشركات الكبرى التي لديها رصيد كبير من الأرباح، وأشار إلى أن القيام بتوزيع عادل بين الضفة وغزة يعمل على جذب إيرادات إضافية تغير من الوضع الركودي الحالي .

دوافع سياسية

ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني البسوس في حديثه لـ “المجتمع” أن عدم دفع الضرائب ناتج عن خلافات سياسية أكثر منها قانونية تتمثل في ميول واتجاهات أصحاب الشركات السياسية تجاه طرف معين، إلى جانب تعرضهم لابتزاز سياسي يجبرهم على التعامل مع الحكومة في رام الله.

أما الكاتب حسام الدجني فيوضح أن الحالة الفلسطينية  تشهد انقسام سياسي منذ يونيو/2007م، مشيرًا إلى أن المؤسسات السياسية فاقدة للشرعية الدستورية، وانتهت ولايتها القانونية، وبذلك هنا كأمر واقع بالضفة والقطاع تتجاهله شركة جوال لاعتبارات سياسية واقتصادية، بحيث تخشى الشركة أن تفرض إسرائيل عليها عقوبات لتعاملها مع حكومة حماس، وكذلك تشكل الضفة الغربية مركزاً للقرار المالي، وهذا القرار يخضع لضغوطات من قبل السلطة الفلسطينية التي تريد أن تجني لوحدها الضرائب، في المقابل ترى حكومة غزة بأن شركة جوال تجني من قطاع غزة النسبة الأكبر من أرباحها، وهي من توفر البيئة الآمنة لعملها بالقطاع، وبذلك تريد أن تلزم الشركة بدفع المستحقات الضريبية لها.

 

 

 

Exit mobile version