رحلة السير من باب العامود عبر سوق البلدة القديمة في القدس المحتلة باتجاه المسجد الأقصى، يعكر صفوها أول بؤرة استيطانية بعد احتلالها عام 1967م ، وتسمى هذه البؤرة لدى المقدسيين بمنزل شارون الذي سكنه منذ بداية احتلال المدينة”.
حكاية بيت شارون
رئيس أكاديمية القرآن في المسجد الأقصى د. ناجح بكيرات يقول للمجتمع :” حكاية بيت شارون في البلدة القديمة تجسد إستراتيجية الاستيطان في القدس المحتلة منذ بداية الاحتلال، فهذه البؤرة هي من أملاك أهلنا في مناطق الـ48 وهي وقف ذري، وقام أحد السماسرة من مرضى النفوس بتسريب المنزل إلى الاحتلال واستوطنه شارون في أول خطوة استفزازية لأهل القدس، وكرسالة أن الاحتلال قادم ومعه الاستيطان”.
ويضيف بكيرات: “تعاملنا مع تسريب البيت للاحتلال بذكاء وحنكة تمثلت بإهمال القضية خوفاً من استغلال ذلك من قبل مؤسسة الاحتلال بإشاعة أن المقدسيين يسرّبون بيوتهم للاحتلال، وبالمقابل قمنا بنشاط صامت لإحلال المقدسيين حول المنزل المسرب، ونجحنا بتثبيت عائلات مقدسية حول المنزل، وأصبح المنزل الآن الذي سكنه شارون بؤرة معزولة عن محيطها بفعل ثبات المقدسيين حوله، وهو الآن بؤرة غير ممتدة”.
المقدسيون يعتبرون منزل شارون ووضع العلم الإسرائيلي عليه محطة دائمة للاستفزاز، ويعتبرون بقاءهم في المكان نجاح منقطع النظير في مواجهة هذه البؤرة، ويصف المواطن المقدسي أنور النتشه هذا المنزل قائلاً للمجتمع:” أراد شارون أن يكون هذا المنزل محطة لطردنا من هنا، إلا أن آماله وآمال المستوطنين خابت، فنحن هنا ومن تحته ومن جميع الجوانب المحيطة بالمنزل نرابط رغم الحراسات على ما يستخدم المنزل واستفزازات من يأتي للمنزل، فحقنا لا نتخلى عنه يقول المواطن النتشه”.
أما أصحاب المحلات التجارية في المكان فجميعهم أظهر ثبات وصمود في المكان رغم الإجراءات الأمنية.
يقول التاجر خالد الزغير: “لا نخشى أي تواجد أمني في المكان، وتعودنا على ذلكم منذ احتلال القدس من قبل الاحتلال، ومن يأتي للمنزل يخاف منا ومن رباطنا، وهذه نعمة كبرى، فبدلاً أن نخاف أصبح الخوف في قلوب المستوطنين”.
ويضيف الزغير: “الوافدون من الضفة الغربية يستغربون من وجودنا في هذا الوضع الأمني ويستفسرون عن المنزل الذي يجاورنا وعندما يعلمون أن السفاح شارون أول ما سكنه، يصابون بالدهشة، المجرم شارون له صيت سيئ الذكر، وهو مرتكب جرائم بحق الفلسطينيين في فلسطين ولبنان ومصر، وبعد هذه الدهشة تظهر عليهم علامات الفرح عندما يسمعون ويشاهدون أن المقدسيين حاصروا بؤرة شارون والتي كانت من المفروض أن تحاصرهم”.
ويتواجد طاقم حراسة من أفراد شرطة الاحتلال في المكان على مدار الساعة لحماية من يستخدمه من المستوطنين، إضافةإ الكاميرات الأمنية التي تحصي كل حركة في المنطقة بأكملها”.
نائب محرر من السجن.. يعود للمنبر
في أول جمعة رمضانية في المسجد الأقصى أم مدينة القدس مئات المحررين من السجون الصهيونية، حيث حرمهم الاحتلال العام الماضي من الوصول للمسجد الأقصى بعد عملية الخليل.
النائب المحرر د. إبراهيم أبو سالم صاحب الكلمة المؤثرة، غاب العام الماضي عن منبر الأقصى ودرس الجمعة الأسبوعي بعد اعتقاله وتحويله للاعتقال الإداري.
يقول د.ابراهيم أبو سالم في لقاء معه: “غيابي وغياب الآلاف كان بسبب حملات الاعتقال التي نفذت قبل رمضان بأسبوعين على خلفية عملية الخليل، وأخبرني من كان في المسجد الأقصى العام الماضي كيف كانت الأجواء كئيبة بفعل الحصار المفروض على القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص ومنع من كان عمره اقل من خمسين عاماً”.
وأضاف: “في أول جمعة رمضانية دبت الحياة في المسجد الأقصى، وطالبت كل الجموع التي شدت الرحال للمسجد الأقصى بأن يصلوا صلاة الشكر لأنهم وصلوا المسجد الأقصى وأدوا الصلاة فيه، فالاحتلال يحرم آلاف الأسرى من الوصول إلى المسجد الأقصى، إضافة إلى كل الشباب في فلسطين ويضع الشروط العنصرية عليهم”.
وتابع قائلاً: “الأسرى في السجون يتوقون للصلاة فيه، وحملونا الدعاء لهم في محراب المسجد الأقصى، فهم دخلوا السجن من أجل المسرى وتحريره، ولهم حق علينا أن نعمر المسجد الأقصى وندعو لهم فيه، فهذا أقل الواجب، مؤكداً أن الاحتلال يحاول عزل الأسرى بكل الوسائل”.
انتقام على حاجز قلنديا
أخضع الاحتلال العشرات من الأسرى المحررين الذين توافدوا على المسجد الأقصى في أول جمعة رمضانية للفحص الأمني بالرغم من تجاوز أعمارهم الأربعين عاماً، وزعم الاحتلال وجود ممر إنساني لدخول المسجد الأقصى.
د. ياسر داود “55 عاماً قال للمجتمع “أمضيت في السجن عدة سنوات، وأجبرني الاحتلال على الخضوع للفحص الأمني، وتم منعي في البداية من الدخول وبعد محاولات من هنا وهناك تمكنت من الدخول بشق الأنفس، وكان معي العشرات ممن تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً، وطلب منهم الاحتلال الخضوع للفحص الأمني، وتم إرجاع قسم كبير منهم، وكل من اعتقل سابقاً وكانت تهمته الانتماء لحركة حماس منع من الدخول، إلا أن إصرار المحررين على دخول المسجد الأقصى في أول جمعة رمضانية كان دافعاً قوياً لاقتحام حاجز قلنديا عدة مرات حتى تمكنوا من الدخول”.
وأضاف: “ضباط الشرطة كانوا ينظرون إلى وجوه الوافدين وكل من يشتبه بانتمائه لحركة حماس أو إلى أي فصيل مقاوم يتم تحويله إلى الفحص الأمني ولو كان كبيراً في السن، فضباط الشرطة لديهم أوصافاً محددة للأسرى المحررين”.
والد أسير إعلامي يبرق لابنه تحية من المسجد الأقصى
لم يجد الإعلامي المحرر نواف العامر في أول جمعة رمضانية وسيلة للتضامن مع ابنه الأسير في أول أيام شهر رمضان إلا رسالة مكتوبة من المسجد الأقصى إلى ابنه الأسير المحامي إبراهيم العامر”.
ويقول الإعلامي نواف العامر للمجتمع: “الاحتلال اعتقل ابني إبراهيم من المنزل قبل عدة شهور وقبل أيام منع زوجتي من زيارته بعد مصادرة تصريح الزيارة على أحد الحواجز العسكرية، وكانت فكرة التواصل مع ابني في أول أيام رمضان، وفي أول جمعة رمضانية الذهاب للأقصى للدعاء له، وكتابة رسالة من عدة كلمات “الأسير المحامي إبراهيم العامر ساحات الأقصى تفتقدك”، وهذا أقل الواجب من أجل أسرانا داخل السجون”.
ويضيف الإعلامي العامر لإعلام الأسرى: “ابني المحامي اعتقل لأنه يدافع عن الأسرى والاحتلال، لا يرغب بأي شخص يدافع عن الأسرى، فهم لا يريدون أي صوت أو منبر يدافع عن الأسرى”.