3 طرق تجعل حياتك بسيطة وناجحة

بقلم: مارك آنجيل

ترجمة: جمال خطاب

كلنا نملك الوقت، فالأيام والأسابيع والشهور مقسمة علينا بالتساوي، ولكن حتى السنوات لا تستطيع أن تنهي شعور البعض بالقلق والانشغال غير المبرر في العمل الذي يتعين عليهم القيام به، شعور محير يؤلمنا أحياناً، قد يعتقد الناس أن لديك كل شيء، لكنهم لا يستطيعون رؤية ما يجري في رأسك، التوتر يملأ أفكارك وعواطفك في كثير من الأحيان، ويزعجك أياماً وليالي، لديك الكثير من الأشياء التي ينبغي عليك تأديتها ولكن لا يبدو أنها ستتم أبداً، ودائماً تشعر أنك متأخر وعليك ضغوط لا تنتهي، وقديماً قال «ليو تولستوي»: «لا توجد العظمة إلا إذا وجدت البساطة والخير والحقيقة».في البداية، دعونا نتأمل رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني من قارئة تدعى «جيل»: تقول: «كلما تقدمت بي السن كان من الصعب أن أشعر بالسلام والنجاح، أنا زوجة وأمٌّ لاثنين، وأعلم أنني كنت سأشعر أكثر بالسعادة وبأنني أكثر فعالية إذا لم يكن لديَّ ولدى عائلتي الكثير من الالتزامات الروتينية، ولكن العكس هو الصحيح، لديَّ مهمة أقوم بها في نهاية الأسبوع، حيث أقوم بتوصيل مجموعة من الشباب مع ابنتي للنادي، وأساعد زوجي في بعض الأعمال، وأذهب للصلاة وقائمة أخرى طويلة من المهام.

والآن، الطريقة الوحيدة للقيام بكل هذه الأعمال هي تقليل النوم وتسريع العمل، ولكنني لاحظت أنني أشعر بالتعب، ولا أستطيع أن أنجز الأعمال بشكل جيد عندما لا أحصل على قسط كافٍ من النوم، وأريد أن أراعي صحتي؛ لذلك قررت في الأيام القليلة الماضية أن أنام ثماني ساعات كاملة كل ليلة، ولذلك كان من المحتم أن أتأخر في كل شيء بشكل صارخ».

والحقيقة أنني يمكنني أن أفهم شعور صاحبة الرسالة؛ لأن هذا هو بالضبط ما كنت أنا وزوجتي نشعر به قبل أن نبدأ في تبسيط أسلوب حياتنا.

فقد كنا منشغلين ومشتتين في العشرات من الاتجاهات المختلفة كل يوم وليس لدينا ما يكفي من الوقت لعمل كل ما نريد، وبطبيعة الحال، كنا نرغب في القيام بعمل عظيم مع كل ما لدينا من الالتزامات، بشكل ما كنا نقنع أنفسنا أننا يمكننا أن نفعل كل شيء، لكن الواقع أننا كنا متمادين أكثر من اللازم؛ وبالتالي كنا نقوم بعمل رديء في كل شيء، وكنا نشدد كثيراً على أنفسنا.

حقيقة قاسية

ولذلك أواجه «جيل»، وجميع من يعمل بهذه الطريقة، بالحقيقة القاسية التي كنت أتجنبها وهي «لا يمكنك أن تفعل كل شيء»، إذا كنت لا تريد لصحتك أن تتدهور ولإجهادك أن يستمر، يجب أن تبدأ في فعل ثلاثة أشياء رئيسة، هي:

1- حدد أولوياتك وقللها:

حياتنا معقدة بشكل لا يُصدق، وهي لم تتعقد بين عشية وضحاها، ولكن تعقدت تدريجياً، والتعقيدات تزحف إلينا ببطء وبخطى وئيدة.

اليوم أطلب عدداً قليلاً من الأشياء من موقع «أمازون»، وغداً يعطيني شخص هدية عيد ميلاد، ثم أشعر بالسعادة أثناء الانخراط في عمل ما.. أفوز، وأقرر عمل واقتناء العديد من الأشياء، هكذا تزحف إلينا التعقيدات بخطى وئيدة، ولكنها ثابتة، وتتراكم الفوضى وذلك لأني أظل أتحمل أعباء جديدة وأضيف أشياء جديدة دون التخلص من القديم.

وتستمر الدورة في جميع مناحي الحياة، اليوم ألبي دعوة لحفل على «الفيسبوك»، وغداً أقول: نعم عندما يُطلب مني أحد الجيران مساعدته في نقل الأريكة إلى اجتماع غداء سريع، ثم أقرر التطوع في فريق ابني للشباب، نعم واحدة في كل مرة، سرعان ما تشغل حياتي جداً وتعقدها، وأنا لا أعرف إلى أين أذهب ولا ما هو الخطأ.

ولأنني أشعر أنني مضغوط ومتوتر أشتت نفسي، اليوم قرأت بضع مقالات علي موقع CNN، ثم تحولت إلى وسائل الإعلام الاجتماعي، ثم البريد الإلكتروني الخاص بي، وبعد ذلك تحولت لهاتفي وقمت بمشاهدة شريط فيديو لابن أخي أرسلته أخت زوجتي، ومر اليوم ويوم آخر ولم أنجز أي شيء، وتتآكل حياتي، وأشعر بالإرهاق رغم عدم الإنجاز.

صفحة جديدة

كيف يمكننا حماية أنفسنا من هذه الحلقة المفرغة؟

علينا أن نأخذ خطوة إلى الوراء على أساس منتظم، ونعيد تقييم ما لدينا، وبدلاً من أن تقول: «يا إلهي، صفحتنا محملة بالكثير من المشاغل والهموم!»، دعونا نتساءل: ماذا لو بدأنا صفحة جديدة؟

ماذا ستفعل إذا كان الجدول الزمني الخاص بك فارغاً؟ إذا كان طبقك نظيفاً تماماً، مع مساحة محدودة، ماذا ستضع به اليوم؟

بالنسبة لي، أود أن أضيف بعض الوقت للكتابة المركزة والهادئة؛ وقتاً للعب مع ابني، وقتاً للتريُّض واحتساء الشاي مع زوجتي، نزهة طويلة وغداء وحديثاً مسائياً مع صديق قديم لم أتحدث إليه منذ وقت طويل، بضعة أنشطة قصيرة تهمني وتشكل فرقاً للآخرين، وقتاً للقراءة والتعلم، وقتاً للتفكير والتأمل والاسترخاء قبل النوم.

تلك هي الأشياء التي يمكن أن أضعها في طبقي لو كان خالياً، والواقع أن هذه هي الأشياء التي لديَّ على جدول أعمالي الآن؛ لأنها هي التي أشعر أنها تناسبني.

فما الذي ستختار أن تضعه في طبقك عندما يصبح خالياً؟ بمجرد أن تقتنع بذلك، ستعرف ما ينبغي أن يوضع في طبقك، والآن أنت بحاجة فقط إلى البحث باستمرار في الدعوات والأنشطة والطلبات والمهام التي تطفو على السطح، وتسأل: هل هذه واحدة من الأشياء التي أود أن أختارها لتوضع في طبقي الخالي النظيف؟

قل: «لا»

2- تعلَّم أن تقول: «لا»:

إذا كنت لا تريد أن تضيف شيئاً جديداً لطبقك، فقول «نعم» لكل شيء يضعك على الطريق السريع إلى التعاسة، الشعور بالتعاسة غالباً ما يكون نتيجة لقول «نعم» في أغلب الأحيان، كلنا علينا التزامات، ولكن وتيرة الحركة المريحة يمكن العثور عليها فقط عند إدارة «نعم» بشكل صحيح، ولذلك توقف عن قول «نعم» عندما لا تريد أن تقولها وعندما تريد أن تقول «لا»، فأحياناً نحتاج لوضع حدود واضحة.

قد تكون مضطراً أن تقول «لا» لبعض الأشياء التي تحبها، أو لمشاريع العمل، أو الأنشطة المجتمعية، أو لجان أو مجموعات المتطوعين، أو بعض الأنشطة التي تبدو مفيدة للآخرين.

أعرف ما تفكر فيه، يبدو أنه ليس من العدل أن نقول «لا» عندما تكون هذه أشياء ثمينة جداً للقيام بها، حينها تقتلك كلمة «لا»، ولكنها ضرورة؛ لأن البديل هو عمل ناقص تافه ضعيف.

حدود البشر

لذلك تذكر، أن الشيء الوحيد الذي يبقى الكثير منا عالقاً في هذه الدورة المنهكة هو التخيل أننا يمكن أن نكون كل شيء، ونكون في كل مكان في وقت واحد، ونكون أبطالاً على جميع الجبهات، وهذا مجاف للواقعية والمنطقية، والحقيقة هي أننا لسنا سوبر بشر، نحن بشر، ولدينا حدود، لابد أن نتخلى عن هذه الفكرة، فكرة عمل كل شيء، وإرضاء كل الناس، وأن نوجد في كل مكان في نفس الوقت، فإما أن تتقن القيام بالقليل من الأشياء، أو لا تتقن شيئاً على الإطلاق.. هذه هي الحقيقة.. وهذا انتقال مثالي للنقطة التالية:

3- التركيز على ما لا يزيد على ثلاثة أمور كل يوم:

قد يكون لديك أكثر من ثلاثة أشياء في الطبق الخاص بك، ولكن هذا لا يعني أن تحاول مضغها كلها مرة واحدة، الواقع أن التركيز الكامل يكون على شيء واحد فقط بشكل جيد لفترة طويلة من الزمن، فقم باختيار بند واحد مهم وضعه في طبقك، وقل لكل ما تبقى: «لا»، وركز في الوقت الواحد فقط على هذا الشيء الواحد، قد يكون هذا مشروعاً في العمل، أو التزاماً في الأسرة، أو أعمالاً خيرية، فليكن دائماً شيئاً واحداً فقط، ستتعلم أن تفعل ذلك بشكل جيد، وستتحسن أكثر وأكثر كل يوم، وستخدم الناس بشكل استثنائي بمهارة بارعة، ولن تتوتر بسبب كثرة الالتزامات.

ومع ذلك، فهذه ليست الطريقة التي تعمل بها الحياة، ففي معظم الحالات لا يمكننا تقليص الأمور إلى شيء واحد، ولهذا السبب يمكنك اختيار شيئين أو ثلاثة أشياء، فبعد تدريب الآلاف من الناس على مدى العقد الماضي، وجدنا أن الشخص العادي يمكن أن ينجز شيئين أو ثلاثة أشياء بشكل جيد كل يوم، (وشيء واحد بشكل أفضل)، ومع محورين أو ثلاثة محاور، لن تكون مركزاً ولن تتعلم بعمق، ولكنها قابلة للتنفيذ، مع أربعة أو خمسة محاور، لن تفعل شيئاً بشكل جيد أو تعلم أي شيء بشكل عميق ولن تكون شخصاً استثنائياً، وعندما يبدأ التقليص التدريجي لشيئين أو ثلاثة أشياء؛ استيقظ كل صباح واعرف ما أهم شيئين أو ثلاثة أشياء لهذا اليوم، وتجاهل الباقين، وخصص ساعات قليلة لكل مهمة، وأخبر أصدقاءك ومحبيك أن طبقك مملوء ولا يتسع لأشياء أخرى، ولا يمكنك أن تقدم لهم خدمة جليلة اليوم، لذلك للأسف يجب أن تتعلم أن تقول: «لا».

قم بذلك، وستلاحظ الفرق، الحياة ليست معقدة، ولكننا نحن المعقدون، فعندما نتوقف عن محاولة القيام بكل شيء دفعة واحدة، تعود الحياة بسيطة وناجحة مرة أخرى.

Exit mobile version