احترس..عقلك يضللك ويكذب عليك!

العقل شيء رائع، إلا أنه كذاب كبير، وآلة ضخمة لخلق الأعذار؛ تحاول في كثير من الأحيان أن تقنعنا بعدم جدوى اتخاذ إجراءات نعرف أنها مفيدة وجيدة بالنسبة لنا، وهذا في النهاية، يمنع العديد من التغييرات الإيجابية من الحدوث في حياتنا.

لقد كان عليَّ أن أتعلم مراقبة هذه الأكاذيب والأعذار بعناية فائقة من أجل إجراء التغييرات الإيجابية التي أجريتها في حياتي؛ اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتأمل، والمزيد من النوم، والكتابة اليومية، والتخطيط بشكل أفضل، وتقليل التسويف، ومزيد من التركيز.. إلخ.لو لم أكن قد تعلمت مقاومة هذه الأكاذيب والأعذار، وكيفية قمعها؛ لما نجحت في تحقيق هذه التغييرات الإيجابية، والواقع أنني أعرف هذا على نحو أفضل، فشلت مرات لا تعد ولا تحصى عندما كنت صغيراً بسبب الميول الذهني الخادعة التي كانت تسيطر عليَّ.

فلماذا يكذب العقل علينا ويقدِّم لنا أعذاراً غير منطقية؟

لأن العقل يريد الراحة؛ هذا هو ببساطة السبب، يخاف من عدم الراحة والضغط والتغيير، العقل غارق في منطقة الراحة، وكلما حاولنا أن نوسع تلك المنطقة ونمددها؛ يحاول العقل يائساً العودة إلى نقطة الصفر بأي ثمن، بما في ذلك التضحية بصحتنا على المدى الطويل، وبسعادتنا ونجاحنا.

لذلك دعونا نفضح 10 من الأكاذيب والأعذار الأكثر إضراراً بالعقل الجبان مرة واحدة وإلى الأبد:

1- لا أستطيع أن أفعل ذلك:

الشيء يبدو صعباً جداً في البداية، لذلك تعتقد أنك لن تقدر على إحداث التغيير الإيجابي الذي تقبل على إنجازه، لا تثق ولا تؤمن بنفسك ولا بقدرتك بما يكفي على اتخاذ خطوة أخرى، هذا كذب وعذر شائع يمكن مواجهته من خلال النظر في حقيقة أن الآخرين ليسوا أكثر قدرة منك على فعل ذلك، فعلى سبيل المثال، قام جاري البالغ من العمر 60 عاماً بالركض في ماراثون قبل أن أبدأ أنا التدريب لسباق الماراثون الأول بالنسبة لي بقليل، ولذلك قلت لنفسي: «إذا كان هو يستطيع أن يفعل ذلك، فأنا كذلك أستطيع»، وكان عندي حق، والحق يقال: إن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقول لك: «لا أستطيع»؛ هو أنت.

فإذا سمعت لتلك الكلمات صدى في الجزء الخلفي من عقلك، فقم بطردها، وعليك أن تدرك أن الشكوك الخاصة بك وإيمانك بها شيء مشترك، كلاهما يطلب منك أن تؤمن بشيء لا يمكنك أن تراه، وعليك ببساطة أن تقرر أي شيء تريد أن تعتقده.

2- يمكنك القيام بذلك، ولكن هذا لا ينطبق عليك؛ لأن لديهم ما هو أفضل مني:

– مجرد أن شخصاً آخر يستطيع، لا يعني أنك تستطيع، أليس كذلك؟ أنت تبحث عن الأسباب التي تبرر لك أنهم يقدرون على فعل ذلك، ولكنك لا تستطيع، فهو ناشط على الإنترنت أو كاتب مستقل ربما لأنه لا يوجد لديه أطفال، وهو يستطيع الركض في الماراثون؛ لأنه يتمتع بلياقة أفضل مني، وربما ليس لديه كل الواجبات العائلية والعمل الذي لدي، أو له زوجة تدعمه، أو لأن ركبتيه ليستا سيئتين.. حسناً، من السهل أن تجد الأعذار، ولكن لننظر إلى الآخرين الذين لديهم أيضاً عقبات كبيرة ويفعلون ذلك رغماً عنها؛ فأنا لديَّ عائلة، وتعرضت لخسائر كبيرة في حياتنا، وتمكنت من النجاح على عدة جبهات، وعندما تحولت الأمور لصالحنا؛ علمنا أن مئات من الأشخاص الآخرين قد فعلوا الشيء نفسه، وخلال عشر سنوات من التدريب على فنون الحياة، شاهدنا الكثير من الناس الذين أعادوا اختراع أنفسهم في جميع الأعمار، أناس أعمارهم حوالي 48 عاماً بنوا أسراً جديدة، وأعمارهم حوالي 57 عاماً تخرجوا في الجامعة للمرة الأولى، و71 عاماً خاضوا أعمالاً تجارية ناجحة، وهكذا دواليك، وقصص كثيرة للأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض الذين تغلبوا على العقبات وحققوا أشياء عظيمة، ويمكنك أنت أيضاً التغلب على العقبات الخاصة بك.

3- أنا محلَّك سِرْ؛ لأنه ليس لديَّ ما يكفي من الوقت لإجراء تغييرات:

هل سبق لك أن التقيت شخصاً سعيداً ناجحاً يتجنب المسؤولية باستمرار، ويلزم الآخرين ويلوك الأعذار التي تبرر حياته غير المرضية؟ بالطبع لا، الحقيقة هي أننا نحن الذين نكتب مصائرنا من خلال الخيارات التي نقوم بها كل يوم، فأنت لست إلا ما تفعله مراراً وتكراراً، لا بد أن نعرف إلى أين نذهب ولماذا، وذلك أهم من الوصول إلى هناك بسرعة، والواقع أن الشيء الأكثر أهمية في الحياة هو معرفة الأهم، وتحديد الأولويات وفقاً لذلك، معظمنا ينفق الكثير من الوقت على أمور ملحة، ولكنه لا ينفق ما يكفي من الوقت على الأمور المهمة؛ لذلك قدِّم لنفسك معروفاً وقم بتنفيذ هذه الإجراءات الثلاثة في كل مرة تريد فيها بناء أو فرز ما تريد القيام به:

أ- فكِّر في الفرق بين ما هو عاجل وما هو مهم.

ب- قُم بمراجعة جميع الالتزامات في القائمة الخاصة بك. جـ- قُم بما هو مهم أولاً.

4- سوف يكون من الصعب جداً القيام بهذا العمل؛ لأنني لا أستطيع الحصول عليه:

– املأ الفراغ؛ أحتاج أن أملأ الثلاجة بالمشروبات والمأكولات والحلويات، وأريد أن أشاهد البرامج التلفزيونية التي أحبها، وأحتاج عشر ساعات من النوم، ومنزلاً كبيراً، ودولاباً مليئاً بالملابس.. وغيرها، هذه هي الكماليات التي نقنع أنفسنا أننا لا نستطيع العيش بدونها، حتى نتمكن من تبرير عدم إجراء تغييرات إيجابية؛ مثل تناول الطعام الأكثر صحة، أو ممارسة الرياضة يومياً، أو توفير المال، أو تبسيط حياتنا، أو بناء مشاريع مربحة، وكما قلت، أنا لست في مأمن؛ في الماضي قدمت هذه الأعذار لنفسي، ولكنها جميعاً تبين أنها لا تعدو عن كونها أكاذيب، لم أكن بحاجة إلى أي من هذه الأشياء في حياتي، ولكنها هي التي أبعدتني عن طريق التغييرات الإيجابية التي كنت أستطيع أن أخلقها لنفسي.

5- من المفترض أن تكون الحياة أسهل وأمتع:

بالتأكيد، أوافق أن الحياة يجب أن تكون أمتع (كما يعتقد معظم الناس)، ولكن المشكلة هي أن فكرة أن الحياة يجب أن تكون دائماً سهلة وممتعة تُستخدم لتبرير جميع أنواع السلوك الكسول؛ أن تجلس مسترخياً على الأريكة مرتدياً أفخر الثياب؛ لأن المقصود أن تستمتع، أليس كذلك؟ هذه ليست الحياة، وهذا ليس هو الاستمتاع بها، يمكنك الاستغناء عن الوجبات السريعة وأنت لا تزال تستمتع بالحياة، يمكنك ممارسة الرياضة وأنت لا تزال تستمتع بالحياة، يمكنك التخلي عن الكثير من الراحة في حياتك ولن تخسر شيئاً.. الواقع أن الطريق الأقل مقاومة غالباً ما يكون الطريق الأقل مكافأة، لا بد أن تمارس بعض الأمور الصعبة، لا توجد طرق مختصرة إلى أي مكان يستحق الذهاب إليه، كما قال «أينشتاين» ذات مرة: «العبقرية والموهبة هي 1%، والعمل الشاق 99%».

يجب تتعب لتصبح عدَّاء، يجب أن تكتب لتصبح كاتباً، يجب أن تعمل بنشاط في مشروع تجاري لتعرف كيفية تشغيل مشروع تجاري ناجح، ليس هناك بديل للقيام بذلك؛ لذلك لا بد أن تقضي وقتاً للتأمل كل اليوم: «سأقوم بالعمل الذي لن يكون سهلاً، ولكنه يستحق ذلك»!

 

ونستكمل في العدد القادم باقي النقاط.

Exit mobile version