تفاعلات المشهد السياسي المغربي قبل الانتخابات

 

في تقرير لموقع “مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية”، تناول الباحث كمال القصير المشهد السياسي المغربي قبل الانتخابات البلدية المزمع عقدها في سبتمبر القادم، والتي ستكون عنواناً للانتخابات الأهم الخاصة بالمجلس التشريعي والتي ستكون في عام 2016م.

عنوان المرحلة اتفاق عام 2011م

أصَّل الباحث في عرضه لأحداث عام 2011م، وما نتج عنها من اتفاق سياسي بين الملكية والفاعلين السياسيين بالمغرب، وذلك بعد الاحتجاجات الاجتماعية التي وقعت في ظل أجواء ما عرف بـ”الربيع العربي”، والتي كان من ثمارها التقسيمة الحكومية بما أفرزته من قيادة لحزب العدالة الإسلامي بقيادة عبدالإله بن كيران.

وبحسب الكاتب، يتحكم في تفاعلات وديناميات هذه المرحلة السياسية في المغرب عنصران نتجا عن تداعيات الاحتجاجات الاجتماعية عام 2011م، وهما: الدستور المعدَّل ومسار تنزيله، ثم نتائج الانتخابات البرلمانية التي أفرزت الخارطة السياسية الحالية، ومن دون شك فقد منحت نتائج هذين العنصرين درجة مهمة من التوازن والاستقرار للمشهد السياسي والاجتماعي المغربي لما يزيد على ثلاث سنوات.

امتحان صلابة التوافقات السياسية

تحت العنوان، أكد الباحث فرضية أن الانتخابات القادمة ستكون امتحاناً واختباراً على عدة مستويات:

– مدى صلابة التوافقات والقواعد السياسية التي توافقت عليها الملَكية والفاعلون السياسيون في المرحلة التي أعقبت الاحتجاجات الاجتماعية عام 2011م.

– الأحجام الحقيقية لأطراف المشهد السياسي، والتغيير الذي سوف يمس الأحزاب السياسية وزناً وموقعاً، بعد جولات من الصراع بين الحكومة والمعارضة.

– تمثل الانتخابات القادمة من الناحية الاجتماعية جواباً مهماً يقدم فيه المجتمع كذلك تقييمه للأداء الاقتصادي والسياسي لحكومة يقودها الإسلاميون.

مواقف اللاعبين على المشهد

استعرض التقرير مواقف اللاعبين الأساسيين في المشهد والتي اعتبرت الورقة أنهم يمثلون “الملك – حكومة العدالة الإسلامية – والمعارضة”، ليضع الباحث ملامح لتوجهات كل فريق:

أولاً: الملك:

تشير القراءة السياسية لتنزيل مضامين الدستور الجديد وقضية الصلاحيات المحدَّدة للملك ورئيس الحكومة، التي تستحوذ على جزء مهم من النقاش السياسي الداخلي، إلى أن العلاقة بين الملكية ورئيس الحكومة تعرف حالة من الاستقرار، ويعكس ذلك غياب التضارب فيما يخص مساحات وحدود الصلاحيات التي يتحرك من خلالها كلا الطرفين.

ثانياً: حزب العدالة:

استطاع أن يحفظ مسار العملية السياسية المستقر نسبياً، وذلك من خلال اعتماد سياسة عدم التصادم مع خيارات الملكية وقبول دخول وزراء تكنوقراط إلى الحكومة، خصوصاً في وزارة الداخلية، وقد أثبتت هذه التنازلات نجاعتها، بجانب قدرة العدالة والتنمية على تجنب النزاع مع الملك، ويرجع إصرارهم الكبير والمتواصل على إغلاق ملف التطبيع مع الملكية والوصول به إلى شكله النهائي إلى التمييز بين الفعل الإستراتيجي والممارسة التكتيكية، فالعلاقة مع الملك تتجاوز كونها مرحلة عابرة، وزمن الملوك سياسياً يقاس بالفترات الطويلة، وهو مختلف عن زمن السياسيين الذين يخططون لفترات سياسية أقصر بكثير، قد تقف في كثير من الأحيان عند إعادة انتخابهم.

بجانب تفضيل إسلاميُّو العدالة والتنمية تغليب مقاربة الإصلاحات الاقتصادية، لإدراكهم تكلفة الإصلاحات السياسية الكبيرة، ولذلك يفضلون تجنب الخوض في هذا النوع من الإصلاحات، حيث انصبَّ جهدهم الكبير من خلال الحكومة في التركيز على النجاح اجتماعياً عبر القيام بإصلاحات اقتصادية جريئة، لكنها مقارنة بالإصلاحات السياسية أقل تكلفة.

ثالثاً: المعارضة:

أكد الباحث ضعف دور المعارضة سياسياً؛ ولذلك كلما اقترب موعد الانتخابات ازداد الجدل حدة بين أحزاب المعارضة والأغلبية الحكومية حول الكيفية والضمانات السياسية والقانونية لإدارة هذه العملية، وفي خضم الجدل الدائر حالياً حول كيفية إدارة هذه الانتخابات، تظهر تخوفات أحزاب المعارضة التي تستشعر صعوبة هذه المرحلة، وما سيكون عليه موقعها ونصيبها من التصويت الشعبي وأهم الإشكاليات لدى المعارضة بحسب الورقة تتمثل في:

كثيراً من ممارساتها السياسية تسهم في تقوية رصيد الحكومة.

– أسهم تواصل الحكومة مع المجتمع في تقوية ما يمكن وصفه بجانب المصداقية السياسية في الحكومة.

– الأرقام التي يتم تداولها إعلامياً حول شعبية رئيس الحكومة، وكان أهمها استطلاع الرأي الذي قامت به مجلة “الإيكونوميست” تخلق لدى المعارضة ردود أفعال لا تبدو أنها محسوبة دائماً.

– تتباين قدرات أحزاب المعارضة على الفعل الميداني، ويتقدمها في الأنشطة الحزبية حزب الاستقلال، وتليه أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الأصالة والمعاصرة، وهي الأحزاب الأساسية في خارطة المعارضة.

– محدودية قدراتها في الحشد الجماهيري واللجوء لخيار شخصنة الصراع السياسي مع رئيس الحكومة الذي يمثل بالنسبة إليها حجر الزاوية الذي تبني عليه خطابها المعارض.

– توظيف الأمين العام للعدالة والتنمية للملك في خطاباته كما يمثل فائدة سياسية للإسلاميين، فإنه كذلك يمثل فائدة موازية بالنسبة للملك وصورته وتشكُّلها الدائم والمستمر في العمق الاجتماعي لدى الناس.

تأسيساً على المعطيات السابقة، تحاول المعارضة التأثير في مسار الإعداد للانتخابات بأدوات مختلفة سياسياً وقانونياً، وقد اضطرت نتيجة تقييمها للوضع السياسي بشكل عام ولأوضاعها الذاتية والإشكالات التنظيمية التي يعاني أكثرها منها (حزب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال)، أو نتيجة تراجع مشروعها السياسي والفكري (حزب الأصالة والمعاصرة) إلى محاولة التأثير في عملية الإعداد للانتخابات التي تشرف عليها الحكومة ووزارة الداخلية والعدل في جزء مهم منها.

 

 

Exit mobile version