عرض لدراسة بعنوان “الخارطة العسكرية والقراءة الإستراتيجية لعاصفة الحزم”

نشر موقع “الجزيرة للدراسات” ورقة بعنوان “الخارطة العسكرية والقراءة الإستراتيجية لعاصفة الحزم” للباحث د. ظافر محمد العجمي، تناول فيها تحليلاً للعملية العسكرية “عاصفة الحزم” من الناحية العسكرية وتأثيرها على موازين القوى ومستقبل المنطقة.

عرض الباحث في مقدمة الورقة عرضاً لتفاصيل انطلاق العملية نقلاً عن أحد الطيارين المشاركين، والتي بدأت عصر يوم الأربعاء 25 من مارس 2015م، حيث تم إبلاغ طياري مجموعة القتال الجوي الخليجي من السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين بتحديد ساعة الصفر، وقبيل منتصف الليل تم إعطاء الأوامر لفنيي الأسلحة لتذخير الطائرات، ليكمل الطيار حديثه بالتأكيد على تفوق القوى المشاركة في العاصفة جواً، بدليل عدم حدوث مواجهة جوية بين الطرفين، إلا أن الخطر وفقاً للطيار كان في المضادات الأرضية التي يملكها الحوثي والمليشيات المؤيدة للرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ التي حالت بين قوات التحالف وبين قائمة الأهداف التي تضمنت تدمير الصواريخ البالستية، وإخماد وسائل الدفاعات الجوية، وتدمير مخازن الذخيرة؛ ثم تطور بنك الأهداف (Bank Of Targets) في الأيام التالية ليشمل قطع حركة الإمداد والتموين، واستهداف تجمعات المليشيات الحوثية وأنصارها، وقد تمَّ بالفعل قصف تجمُّعات عربات المليشيات ومقرات القيادة والمعسكرات التابعة للمليشيات الحوثية القريبة من الحدود السعودية، وكانت محاور الورقة كالتالي:

المحور الأول: نظام معركة قوات التحالف:

القوى الرئيسة كانت السعودية ثم دول الخليج.

وقد تناولت الورقة دور الدول المشاركة، وقد بدأ بالمملكة العربية السعودية: معتبراً إياها دولة مواجهة في الأزمة بوضعها ما يزيد على 100 طائرة مقاتلة في مقدمتها طائرات F15، والتورنادو، واليوروفايتر تايفون، ولدعم الحملة الجوية وفَّرت الرياض طائرات إنذار مبكر – أواكس – وطائرات للتزويد بالوقود في الجو، وطائرات للنقل الجوى، وعدداً من طائرات الهليكوبتر، ومن أسلحتها صواريخ جو/جو (سايد ويندر)، و(سبارو)، وصواريخ جو/سطح (مافريك)، كما وضعت القوات الجوية الملكية السعودية – التي تعتبر من أكبر القوات الجوية في آسيا والعالم – 150 ألف مقاتل من الجيش البري في حالة استعداد.

بينما كانت الدول بجهودها تأتي تباعاً.

دولة الإمارات العربية المتحدة، خصصت 30 طائرة مقاتلة من نوع F-16 للمهمة.

دولة الكويت: تشارك بـ15 طائرة من نوع F-18.

دولة البحرين: تشارك بـ15 طائرة من نوع F-16.

دولة قطر: تشارك بعدد 10 طائرات من نوع F-16.

الدعم العربي

الأردن: أعلن عن مشاركته بـ6 طائرات أردنية مقاتلة من نوع F-16.

المغرب: قرر تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة إلى التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن سياسياً ومعلوماتياً ولوجيستياً وعسكرياً، وشارك بعدد 6 طائرات من نوع F-16.

جمهورية السودان مشاركة بـ3 طائرات سودانية، ووعدت بالمشاركة بقوات برية سودانية مكونة من 6 آلاف جندي.

مصر: أعلنت عن مشاركتها بـ4 سفن حربية و16 طائرة مقاتلة وفرقاطة بحرية.

الدعم الدولي

باكستان: أبدت استعدادها للمشاركة البرية، وشاركت قواتها النخبوية في 29 مارس 2015م بالتمرين المشترك “الصمصام 5″؛ الذي تم تنظيمه بين القوات البرية الملكية السعودية ووحدات من القوات الخاصة بالجيش الباكستاني؛ وذلك في مركز الملك سلمان للحرب الجبلية، بميدان شمرخ في منطقة الباحة جنوب المملكة؛ علماً أن هناك ما يتراوح بين 750 و800 جندي باكستاني فعلياً في السعودية.

الولايات المتحدة الأمريكية: أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تُنَسِّق بشكل وثيق مع قوات التحالف، وتشارك واشنطن في الجانب الاستخباري والتكنولوجي للعملية بالأواكس وبطائرات دون طيار.

القوى اليمنية

– حلف مأرب القبلي: من محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز داخل اليمن؛ حيث شكَّلت قبائل مأرب حزاماً أمنياً منذ حوالي 6 أشهر، لحمايتها من الحوثيين، وقد أعلنت تأييدها لعملية “عاصفة الحزم”.

– كما أبدى اللواء علي محسن الأحمر تعهُّده بقيادة المعركة القادمة والانتصار للوطن وإخماد الفتنة الحوثية وتصفية أوكارها من صنعاء حتى صعدة، ويُرَجِّح الباحث أن يكون لقوات الأحمر الموجود الآن في مأرب دور كبير.

دعم التحالفات

– قوات درع الجزيرة المشتركة: وهي ذات إمكانيات وقدرات عسكرية عالية، حيث تجاوز عدد منتسبيها 30 ألف عسكري من دول منظومة مجلس التعاون الخليجي.

– القوة المشتركة للتدخل السريع، وقد تقرر إنشاؤها في القمة الـ30 للمجلس في ديسمبر 2009م.

– القوة العربية المشتركة التي أقرَّت تشكيلها في القمة العربية الـ26 المنعقدة بمدينة شرم الشيخ 25 مارس 2015م.

المحور الثاني: نظام المعركة (ORBAT)

أولاً: الحوثيون:

استعرض الكاتب فلسفة الحوثيين في القتال والتطور الذي طرأ على طريقتهم وتحولهم من المناوشات مع الجيش اليمني إلى الهجوم والضرب المباشر والتكتيك قائلاً: إستراتيجية قتال الحوثيين تتمحور حول قوات ذات تركيبة “قيادة وسيطرة غير مركزية”، تستخدم تكتيكات عسكرية مبتكرة هي هجين بين حرب العصابات بالكرِّ والفرِّ والحصار ثم الانقضاض، وبين التكتيكات والحرب النظامية أيضاً.

ثانياً: قوات صالح:

والمتمثلة في قوات الحرس الجمهوري اليمني الذي يدين الولاء للرئيس السابق علي عبدالله صالح الحليف الرئيس للحوثيين؛ وتتكون قوات الحرس الجمهوري في اليمن من 17 لواء، وكل لواء يضم 1500 مجند، ويملك صواريخ ودبابات (T72) و(T80) الروسية المتفوقة، وحاملات الجنود (BMB-3). وتتوزع ألوية الحرس الجمهوري في المنطقة الوسطى؛ ذمار وصنعاء، وتمتد لتصل إلى الجوف وحرف سفيان، وتساندها القوات الخاصة في المهمات الصعبة، وقد استهدفت طائرات التحالف مؤخَّراً معسكراته في محافظة الضالع وفي محافظة إب المجاورة.

ثالثاً: الجيش اليمني:

 بحسب الدراسة، فإن تقدير ولاءات أفراد الجيش اليمني لجماعة الحوثي وللرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بأكثر من النصف، علماً بأنه ليس من الدقة القول: إن كافة التشكيلات الموالية للغير داعمة للحوثيين؛ ولكنها تعاني من سرعة تغيير الولاءات حسب تغير الظروف، خصوصاً عناصر القوات البرية وقوات حرس الحدود وقوات الاحتياط الإستراتيجي التي تضم العمليات الخاصة والحماية الرئاسية وألوية الصواريخ.

نتائج الدراسة

عملية “عاصفة الحزم” سينتج عنها تحولات وتداعيات إستراتيجية عدة، وقد تُغَيِّر وجه المنطقة إن تحولت إلى حرب إقليمية طويلة الأمد ومن تلك التحولات والتداعيات:

– موقف إيران المرتبك، الذي سينعكس على موقفها في سورية والعراق وأصابعها في الخليج العربي.

– لفتت دول الخليج بعملية “عاصفة الحزم” النظر إلى أن التجاهل الأمريكي والأوروبي لتدهور الأوضاع في المنطقة لم يعد مقبولاً، وأن خيار المبادرة واتخاذ قرار المواجهة ضد أي جهة تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنجاز متطلبات الأمن الجماعي بشكل عام من قبل الخليجيين أنفسهم سيكون الرؤية الإستراتيجية الحاكمة لسياستهم مستقبلاً.

 

 

Exit mobile version