صناعة الحلال.. فرص كبيرة وتحديات خطيرة

 

إبراهيم الطاهر

 

مع التمدد المستمر لقطاعات الاقتصادي الإسلامي المختلفة، يواجه العاملون في هذا المجال المزيد من الفرص والتحديات، يبرز معها أهمية قطاعات الاقتصاد الإسلامي التي أصبحت محل اهتمام المستثمرين ورجال المال والأعمال حول العالم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

وتوقع الخبراء والأكاديميون المشاركون في قمة الحلال  العالمية عام 2015م التي نظمتها وزارة التجارة الدولية والصناعة الماليزية في العاصمة كوالالمبور الأسبوع الجاري؛ أن يزيد عدد المسلمين من 1.8 مليار مسلم في عام 2014م إلى 2.2 مليار مسلم في عام 2030م؛ أي بزيادة قدرها 26.4%.

وأكد الخبراء أن هذه الزيادة السريعة في تعداد المسلمين حول العالم تشكل عصب سوق الحلال في الأغذية وقطاعات الاقتصاد الإسلامي بشكل عام.

ويشمل الاقتصاد الإسلامي العالمي مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك الأغذية، والأدوية، والأزياء، والسياحة ووسائل الإعلام، والتمويل الإسلامي وغيرها من القطاعات التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية.

وتشير التقديرات الواردة في تقرير وضع الاقتصاد الإسلامي العالمي الذي أعدته مؤسسة “تومسون رويترز” بالتعاون مع مؤسسة “دينار ستاندرد” حجم إنفاق المستهلكين المسلمين في العالم على قطاعات الأغذية الحلال وأسلوب الحياة زاد بنسبة 9.5% ليصل إلى تريليوني دولار في عام 2013م، ومن المتوقع أن يزيد ويصل إلى 3.7 تريليون دولار في عام 2019م.

سوق موحدة

وقال “داتو سري مصطفى محمد”، وزير التجارة والصناعة الدولية الماليزية لـ”المجتمع” على هامش مشاركته في فعاليات المعرض الدولي للحلال (MIHAS): إن ماليزيا تنبهت مبكراً للإمكانات الواعدة لسوق الحلال الاقتصادية، ولذلك قامت بحزمة من التشريعات والإجراءات لتحفيز تلك التجارة.

وأوضح وزير التجارة والصناعة الدولية الماليزية أن المعرض الدولي للحلال يهدف إلى الاستفادة من الطاقة القصوى لصناعة الحلال حول العالم، كما يستهدف تنسيق الجهود لتجميع منتجات الحلال تحت مظلة واحدة أو سوق موحدة؛ من أجل تطوير صناعة الحلال، وتذليل العقبات التي توجه الصناعة على المستوى العالمي.

وأشار إلى أن المعرض لا يقتصر فقط على مشاركة المنتجين والصناع العاملين في هذا المجال فقط، بل يشمل كل ما له صلة بصناعة الحلال من مراكز متخصصة وعلماء وأكاديميين متخصصين في هذا المجال؛ بهدف توفير مناخ لمشاركة المعلومات وحلول المشكلات التي تواجه العاملين في سوق الحلال وإنتاج خدمات مبتكرة تحافظ على مصداقية المنتجات الحلال حول العالم.

وقررت ماليزيا منذ 12 عاماً أن تتعدى اقتصاد بلدها لتجعل من الحلال مفهوماً جديداً ذا مكانة في عالم الاقتصاد الإسلامي على غرار البنوك الإسلامية، عندما بدأت في تنظيم المعرض الدولي للحلال والذي يقدر عدد زواره هذا العام (2015م) بـ20 ألف زائر، ويشارك فيه 180 عارضاً ممثلين عن 65 دولة.

تحديات التوثيق

وتواجه صناعة الحلال العديد من التحديات أشار إليها الخبراء والباحثون المشاركون في الفعاليات التي تمت على هامش المعرض، في مقدمة هذه التحديات التوثق من مصداقية الشهادات التي تمنحها الجهات المعنية بهذه الصناعة، وافتقار هذه الجهات إلى الشفافية والكفاءة في ظل وجود أكثر من 1000 هيئة مانحة حول العالم لا تتبع آلية توثيق محددة تعطي بناء عليها شهادة إنتاج الصناعات الحلال، خاصة وأن 85% من المنتجات الغذائية تأتي من دول غير إسلامية، إلى جانب الافتقار إلى قلة الأبحاث المتعلقة بطبيعة المستهلك المسلم وغير المسلم من ناحية التنوع الجغرافي واحتياجات المستهلكين والرؤية العامة لصناعة الحلال.

وقال الخبراء: إنه رغم هذه التحديات فإن هناك تطوراً إيجابياً يجري إعداده حالياً تقوم به مؤسسة المعايير والمقاييس للدول الإسلامية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي؛ يستهدف وجود معيار موحد للحلال يقوم على استخدام آليات “الآيزو” المتبعة في منح الشهادات الخاصة بها.

وقال متخصصون: إن كثرة المعايير وعمليات المراقبة والتدقيق التي تدرجها بعض الدول داخل لوائحها المنظمة طرح المنتجات الحلال بالأسواق لا تخدم كثيراً نمو هذه المنتجات أو جذب مزيد من الاستثمارات بها.

وأشاروا إلى ضرورة تقليل تعقيدات إجراءات عملية إصدار شهادات اعتماد المنتجات الحلال عبر وضع مجموعة من المعايير الموحدة لكافة مراحل الإنتاج والتغليف والتعبئة والنقل والتصدير، بالإضافة إلى دراسة التكاليف الاقتصادية وتخفيض أسعار المنتجات في كافة أنحاء العالم.

مفاهيم خاطئة

وتعجب د. حسيب بشير، الأستاذ بكلية التجارة جامعة هول البريطانية، من أن تكون هناك صناعة بحجم صناعة الحلال على مستوى العالم والتي تصل إلى 3 تريليونات دولار، ومع ذلك لا يوجد أبحاث لدراسة المشكلات التي تواجه تلك الصناعة، وطرح حلول مناسبة لها على أساس علمي.

وأكد د. حسيب أن الحاجة أصبحت ملحة وضرورية لمعرفة رؤية المستهلكين لهذه الصناعة، وأسباب عزوفهم عن منتجات الحلال، قبل البدء في حملة عالمية لتصحيح أي أفكار خاطئة عن هذه الصناعة، متسائلاً: هل من بين تلك الأسباب ما يمكن تسميته بـ”الإسلاموفوبيا”، أم لأسباب أخلاقية تتعلق بمعايير إنتاج تلك الصناعة أو تتعلق بالصورة الذهنية العامة عن المسلمين؟

وكشف حسيب أن هناك تقارير متخصصة تؤكد أن صناعة الحلال ينظر لها بشكل سلبي من قبل غير المسلمين؛ لأنهم يعتقدون أنها تمول عمليات وأنشطة إرهابية، موضحاً أن كل هذه مخاوف يتم تداولها، وينبغي على المهتمين بتلك الصناعة أخذها بعين الاعتبار، والتعامل معها بشكل مناسب وفقاً لأبحاث علمية ودراسات يتم عملها على أعلى مستوى من الكفاءة والمهنية.

حملة دولية

وطالب المشاركون في ورش العمل منظمة التعاون الإسلامي بضرورة دعم ومساعدة تدشين حملة علاقات عامة وتوعية نشطة على مستوى العالم؛ لشرح وتأكيد أهمية صناعة الحلال كخيار صحي، وإزالة وتصحيح المفاهيم الخاطئة والمضللة عن صناعة الحلال.

 

Exit mobile version