الشقيقة الكبرى «السعودية».. في عهد جديد

 

الشقيقة الكبرى «المملكة العربية السعودية» يبدو أنها استعادت المبادرة بشكل إيجابي من جديد، كل الدلائل العملية، وكل من يرصد اتجاهات الحكم الجديد في المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ سيجد أن المملكة العربية السعودية تدشن عهداً جديداً، والخطوة التي تحملت كلفتها العسكرية والأمنية السياسية والمالية في «عاصفة الحزم» ضد الخارجين على الشرعية اليمنية و”المبادرة الخليجية” تدل على أن عهداً جديداً قد بدأ تقوده المملكة في إحداث مسار إستراتيجي جديد قائد للتحولات في المنطقة.

لقد كانت السنوات الأربع الماضية ونتائجها الميدانية على الوطن العربي بشكل عام، وعلى دول الخليج بشكل خاص سلبية؛ حيث وضعت دول الخليج ومحيطها العربي في حالة كارثية من التدافع والتشرذم والتشتت حتى وصلت الأمور إلى التنازع الخليجي – الخليجي على قضايا مهمة ومصيرية.

العهد الجديد في المملكة العربية السعودية بديناميكيته وحيويته وفكره الجديد ينسج خطوات تدريجية نحو المبادرة وليس رد الفعل، وأولها وقف التدهور في الجبهة اليمنية، والاتجاه نحو صد المد الإيراني وأدواته في اليمن؛ بما يحقق دفعاً لإيران عن النقاط الحيوية البحرية لخطوط التجارة في النقل في البحر الأحمر وبحر العرب.

لقد نجحت إيران في كسب المواقع وملء الفراغ الإستراتيجي في الفضاء العربي (العراق – سورية – لبنان – غزة – اليمن)، وامتد نفوذها إلى 3 بحار مهمة تحيط بالكتلة الجغرافية العربية، وهو واقع يجب التعامل معه بجدية وثقة واستعادة تلك المواقع لتعود ككتلة عربية مؤثرة وقادرة على إيجاد حالة من الأمن القومي العربي المتماسك.

إن المملكة العربية السعودية – ووفق الدراسات الإستراتيجية – تأتي في المرتبة الثالثة إقليمياً من حيث القدرات والإمكانيات والتفوق العسكري؛ بما يؤهلها إلى ممارسة دور محوري قيادي في المنطقة.

واعتبرت تقارير سياسية صادرة عن جهات عالمية أن المملكة العربية السعودية هي الدولة المؤثرة في العالم ضمن دول كبرى (أمريكا- الصين- الاتحاد الأوروبي – اليابان – روسيا – تركيا).

فالسعودية قادرة على حشد ائتلاف سُني موحد عتيد من دول الخليج إلى المحيط، كما تأتي علاقات المملكة بباكستان كدولة نووية (قنبلة سُنية في المنطقة)، لتعادل السلاح النووي الإيراني.

أضف إلى الحالة الجديدة من التفاهم السعودي – التركي، والمملكة قادرة بكفاءة وجدارة استخدام قوتها الاقتصادية وثقلها السياسي للتحكم في منظمة “أوبك” وأسعار النفط بما يحقق التوظيف السياسي والإستراتيجي لصالح أي تحرك للمملكة في مبادرة إقليمية أو دولية.

وستظل المملكة العربية السعودية هي القوة الأيديولوجية الرائدة في العالم الإسلامي وزعيمة العالم السُّني في صد إيران وحلفائها في المنطقة.

ومع الإجراءات العسكرية الرامية إلى وقف التدهور في اليمن والتي بدأت بـ«عاصفة الحزم»، والقدرة على إدارتها بعناية ونهاية صحيحة، فإن الانتقال لمنهجية التحكم بالأمن الإقليمي فهي خطوة مهمة وضرورية، ولا يمكن أن يقود هذه الخطوات الجادة ويبادر إلى تكاملها إلا المملكة العربية السعودية وبقيادتها الجديدة، وأعتقد أن المبادرة بتشكيل حلف إقليمي جديد للسيطرة على النزاعات الإقليمية واحتواء التمدد الإيراني والزهو “الإسرائيلي” ستكون خطوة في المسار الصحيح.

إن المملكة بحيويتها وديناميكيتها الجديدة تستطيع تأسيس كتلة من السعودية وتركيا وباكستان ومصر، في إطار مجلس إقليمي يحقق التوازن الإستراتيجي والاستقرار، ويسعى لتطوير التنمية في المنطقة وصياغة علاقات جديدة مع إيران وغيرها في المنطقة.

إن من أهم أهداف المجلس لو تم المبادرة إليه هو:

1- تقليص التمدد والنفوذ الإيراني في المنطقة العربية وفي الخليج العربي.

2- الإحاطة بالمشروع النووي الإيراني لتحويله إلى مشروع سلمي.

3- الضغط على إيران للتفاهمات السلمية مع دول المنطقة وخصوصاً في الخليج.

4- إيجاد توازن ضاغط في مواجهة الكيان الصهيوني المتنمر في المنطقة.

5- الاستفادة من مجموع القدرات التي تمتلكها كل من تركيا وباكستان.

6- نزع مصر من تذبذبها ومواقفها المتلونة في الملف السوري والعراقي، ووضعها أمام مسؤولياتها في المحافظة على الأمن القومي العربي.

7- سيشكل هذا المجلس الجديد والتحالف الإقليمي ثقلاً ووزناً سياسياً وإستراتيجياً عالمياً للتفاهمات الدولية وعدم تجاوز الولايات المتحدة دول الخليج، وخصوصاً السعودية، في أي ترتيبات إقليمية وأمنية في المنطقة.

إن دول وشعوب المنطقة تتطلع إلى دور الشقيقة الكبرى «المملكة العربية السعودية» ودورها الرائد في العهد الجديد بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ لتضع بصمة جديدة في إطار التحديات الخطيرة التي تعاني منها المنطقة وخصوصاً منطقة الخليج العربي.

وإذاً الخطوة الأولى قد بدأت في إيقاف التدهور في اليمن؛ فإن الخطوة الثانية في التفاهمات على مختلف الملفات الإقليمية والمبادرة الرائدة لمجلس إقليمي ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح. 

Exit mobile version