“الغاز الطبيعي”.. باعه “مبارك” لـ”إسرائيل” ويستورده “السيسي”

كالمعتاد ودون نفي أو مواربة، أعلنت الحكومة المصرية على لسان وزير البترول عزمها استيراد الغاز من “إسرائيل” عبر شركات أجنبية وسيطة، متجاهلة السخط الشعبي الكبير الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وضاربة بعرض الحائط التحذيرات الواسعة بشأن وضع أمن الطاقة في قبضة العدو الإستراتيجي لمصر والعرب؛ ومن ثم تعريض أمن مصر القومي للخطر.

وكشفت الحكومة المصرية، في بيان رسمي ربما هو الأول من نوعه عن وزارة البترول، أنه ليس لديها أي مانع من استيراد الغاز من “إسرائيل” أو أي دولة أخرى، فيما أكد وزير البترول المصري شريف إسماعيل في تصريحات صحفية أن استيراد الغاز الطبيعي من “إسرائيل” “أمر وارد”، مضفياً أنه: لو أن استيراد الغاز من “إسرائيل” يحقق الأمن القومي لمصر سنفعل.

برلمان غائب

ويقول د. رمضان أبو العلا، رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن بترول مصر: إن تصريحات الوزير أمر خطير، ومرفوضة شعبياً، خاصة في ظل غياب برلمان يمارس دوره الرقابي والتشريعي، موضحاً أن البرلمان هو الذي يقرر استيراد الغاز “الإسرائيلي” من عدمه وليس الحكومة.

وأكد أبو العلا في تصريحات صحفية أن استيراد الغاز من “إسرائيل” اعتراف بأحقية الكيان المحتل بحقول الغاز في البحر المتوسط التي هي في الأساس ملك لمصر، مطالباً بضرورة البحث عن طرق لإثبات ملكيتنا لتلك الحقول ورفض الاستيراد من “إسرائيل” مطلقاً.

تطبيع مرفوض

ويعتبر خبراء ومراقبون أن هذه التصريحات غير المسبوقة، من قبل الحكومة المصرية، جاءت اضطرارية بعد تسريب العقود التي أبرمتها الحكومة لاستيراد الغاز من “إسرائيل”، وفشلها في الحفاظ على سرية تلك العقود، خاصة بعدما كشفت مصادر بوزارة البترول عن قرارات من قبل الوزير شريف إسماعيل بإحالة عدد من كبار موظفي الوزارة للتحقيق، على خلفية تسريب العقود للإعلام.

وقالت المصادر: إن الوزير طلب من مسؤولي الوزارة عدم الحديث عن خطط استيراد الغاز من “إسرائيل” أو من شركات عاملة هناك لعدم إحداث بلبلة لدى الرأي العام.

وكشف رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن بترول مصر أن لديه من الوثائق ما يثبت بشكل قاطع أن الاكتشافات الغازية “الإسرائيلية” في البحر المتوسط تقع في نطاق المنطقة الاقتصادية المصرية باحتياطات تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار وليس 200 مليار دولار كما أشيع من معلومات غير صحيحة، مؤكداً أن استيراد الغاز من “إسرائيل” “تطبيع” لن يقبله الرأي العام.

وبحسب مصادر بوزارة البترول المصرية، فإن مصر سوف تستورد  الغاز من “إسرائيل” على مدى 15 عاماً مقابل 60 مليار دولار، من حقل “تمار” الذي يقع في المياه الإقليمية اللبنانية، مع العلم بأن هناك دعاوى لبنانية أمام هيئات ومنظمات دولية بشأن استغلال “إسرائيل” له بوضع اليد.

ويقع حقل “تمار” للغاز الطبيعي المكتشف عام 2009م في البحر المتوسط على بعد 50 ميلاً غرب حيفا على عمق 1700 متر تحت سطح البحر، وقال شركاء في حقل “تمار”: إنهم وقعوا صفقة مدتها سبع سنوات مع شركة “دولفينوس” القابضة المصرية وهي شركة تمثل عملاء تجاريين وصناعيين غير حكوميين من القطاع الخاص المصري.

وتنص الاتفاقية بين الجانبين المصري و”الإسرائيلي”، وفقاً لتصريحات شركاء الحقل، على بيع 5 مليارات متر مكعب من الغاز على الأقل في أول ثلاث سنوات، ومع ذلك ذكر مصدر بقطاع الطاقة في “إسرائيل” عبر تصريحات صحفية أن إجمالي الكمية المصدرة قد يزيد على ثلاثة أضعاف هذا الرقم وفقاً لحجم الطلب من مصر التي تعاني أزمة في الطاقة.

الطاقة في يد العدو

بدوره، شن الخبير في شؤون الطاقة د. إبراهيم زهران هجوماً حاداً ضد قرار مصر استيراد الغاز من “إسرائيل”، وقال: أرفض بشدة تصدير الغاز لـ”إسرائيل”؛ وبالتالي أرفض الاستيراد منهم لأنها مسألة أمن قومي، ولا يصح أن نترك “إسرائيل” تتحكم في كهرباء المنازل والمصانع في مصر.

وأشار إلي أن “إسرائيل” اعتدت على المياه الإقليمية لمصر ولبنان ووضعت يدها على حقلي “تمار ولفثيان”، مضيفاً أن الأدهى أنها وقعت عقد بيع غاز حقل “تمار” للأردن، وحصلت منها على ملياري دولار، وتريد أن تحصل من مصر على 2.5 مليار دولار؛ لكي تستخرج لها الغاز من حقل “ليفثيان”، حسب قوله، بما يعني أننا ندفع الأموال لـ”إسرائيل” لكي تسرقنا، مشيراً إلى أن هناك بدائل أمام مصر لسد احتياجاتها من الغاز كالجزائر وروسيا.

بدائل وحلول

ودعا خبراء ومتخصصون الحكومة المصرية إلى ضرورة  اللجوء إلى حلول بديلة لفكرة استيراد الغاز من “إسرائيل”، ومنها تعميم تطبيق منظومة الكروت الذكية على البنزين والسولار والبوتاجاز التي ستحل أزمات الطاقة، وستوفر مليارات الجنيهات للدولة سنوياً، وكذلك محاربة مافيا التهريب التي يمكن أن توفر 50 مليار جنيه أخرى.

كذلك طالب هؤلاء الحكومة بتشديد الرقابة الأمنية أو التموينية على أصحاب المحطات وشركات توزيع المنتج البترولي لوقف عمليات التهريب؛ ما يعفي الحكومة من اللجوء للاستيراد، خاصة من “إسرائيل”.

Exit mobile version