بالفيديو: عمار بوقس المعجزة رغم الإعاقة

انتشرت قصته بين المغردين وعبر باقي وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبره البعض معجزة، واعتبره آخرون صورة من صور التحدي، وألقاب أطلقت عليه كثيرة.. الصامد والمعجزة والبطل.. وغيرها، لكني أجد أن عماراً هو صورة ناصعة لهؤلاء الذين عرفوا ذواتهم فأبدعوا فيما لديهم من قدرات، فاستطاعوا أن يجمعوا صفات الإعجاز والصمود والقوة فتجسد فيهم مفهوم البطولة.

طفل يولد لا يملك من القدرات الجسدية أي شيء، فكل أجهزته وأعضائه بلا حركة، أب وأم منحهم الله صبر الجبال فتلقوا خبر عجز ابنهم وتأكيد الأطباء أنه سيموت خلال عام أو عامين بمزيد من الصبر والجلد والاسترجاع، وبدأت الرحلة في بلاد العم سام، يقول عمار عن رحلته: «عشت 26 عاماً كانت تحديات كبيرة جدًّا، بدأت دارستي في أمريكا في مدارس عادية غير مخصصة للمعاقين»، ولكنه بعد أن بلغ التاسعة عاد للسعودية ولم يجد أي مدرسة تقبله رغم تفوقه وشهاداته من مدارسه في الولايات المتحدة، حاول أهله وخاصة جده الذي أولاه رعايته، طرق أبواب كل المدارس ولم يجدوا من يقبله، حتى استطاع جده أن يقنع أحد مديري المدارس بأن يقبلوه بنظام الانتساب.. يقول عمار: «العجيب أنني كنت متفوقًا على أقراني في أمريكا بينما في بلادي كانوا يريدون أن أدرس في مدارس المتخلفين عقليًّا»!

تخرج عمار من الثانوية بنسبة 96%، وحفظ القرآن في سنتين ودخل كلية الإعلام، كل ذلك فعله شاب لا يوجد في جسده أي شيء يتحرك سوى لسان وعينين.

وقد كانت المفاجأة أنه كلما ذهب للمدرج يمنعه الأستاذ من الحضور.. يقول عمار: إن هذا الموقف ما كان يهزني؛ لأن هدفي أكبر من ذلك بكثير، ويتوج عمار بتوفيق ربه وثقته في ذاته بأن يتخرج في الجامعة بامتياز مع مرتبة الشرف، بل يكون الأول على أقرانه، والآن هو معيد بالجامعة، وخلال سنوات سيكون في مرتبة الأستاذ الذي كان يرفض إدخاله المدرج.

من كلماته التي عبر فيها عن نفسه يقول: «الدنيا مليئة بالتحديات، وأنت لك القرار، إما أن تختار وإما أن تنهار»، ويضيف: «صوت الإرادة صوت لا يعلو فوقه أي صوت؛ لأنه الصوت الذي يسمعه كل من في المعمورة إذا نطقت وقلت أنا هنا، فثق تماما أنك هنا».

كيف أكتشف ذاتي؟

هذا السؤال يحتاج إلى كتب ومراجع كي نجيب عنه ونكتب فيه، لكن صدقني الأمر متوقف عليك فكل إنسان أعلم بذاته وهو وحده الذي يعرف قيمتها وقدراتها، فقط فتش في نفسك، ودع اليأس وتحلَّ بالإيمان، تذكر دائما قول الله عز وجل (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ {145}) (آل عمران).

إنها الإرادة.. تلك الفضيلة التي بها يستطيع الإنسان صنع المعجزات، يقول صاحب رواية «السميائي» باولو كويلو في رده على سؤال ما «الأسطورة الشخصية؟»: «هي ما كنت دائمًا تتمنى أن تفعل، فكل واحد منا يعرف ما هي أسطورته الشخصية وهو في ريعان شبابه، في هذه الفترة من الحياة، يكون كل شيء واضحًا، كل شيء ممكنًا، ولا يخاف المرء من أن يحلم أو يتمنى ما يحب أن يفعله في حياته، وكلما جرى الوقت، فإن قوى خفيّة تنشط لإثبات استحالة تحقيق الأسطورة الشخصية.. إنها قوى قد تبدو سيئة، ولكنها في الواقع هي تلك التي تعلّمك كيف تحقق أسطورتك الشخصية، إنها هي التي تعد عقلك، وإرادتك، لأن هناك حقيقة كبرى في هذا العالم. فأيًّا كنت، وأيّ شيء فعلت، فإنك عندما تريد شيئًا بالفعل، فهذا يعني أن هذه الرغبة قد ولدت في «النفس الكليّة»، وأنها رسالتك على الأرض، وعندما تريد شيئًا ما، فإن الكون بأسره يتضافر ليوفر لك تحقيق رغبتك».

 

مصدر  الموضوع: مجلة “الوعي الشبابي”.

Exit mobile version