زوجة البلتاجي لـ”المجتمع”: حراسة السجن اعتدوا عليَّ وخلعوا حجابي بلا سبب

رفض البلتاجي فتك المعتصمين بضابطين اندسا وسط الاعتصام فكان جزاؤه السجن 20 عاماً بتهمة تعذيبهما

لفق الانقلابيون للبلتاجي أكثر من 23 قضية حتى الآن منها القتل وقطع الطرق

مواصلة طريق ثورة المباركة مع التأكيد على أن الجميع قد أخطأ في حقها

سيثبتنا الله على طريق الحق لكي نعطي للانقلابيين درساً حتى لا يعيدوا التجربة مرة ثانية

 

 حوار: سمية سعادة

 

من كان يتصور وقد بلغنا القرن الحادي والعشرين أن التاريخ سيكرر نفسه، رغم اختلاف الوقائع، وستنجب البشرية من رحمها نسخة أخرى مطابقة لنموذج الصبر العربي الأصيل “الخنساء” التي تذكرها كتب التاريخ بأحرف من ذهب، لكن التاريخ تكرر وما لم يكن متوقعاً بات حقيقة جلية جسدتها السيدة سناء عبدالجواد، زوجة د. محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، أو “خنساء” هذا القرن.

فعلى الرغم من أن السيدة سناء فقدت وحيدتها أسماء التي ارتقت شهيدة خلال فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2013م، ويقبع زوجها وابنها في غياهب زنازين الانقلابيين، إلاّ أنها تأبى إلا أن تقف شامخة كالطود، عصية على الانكسار، بل أكثر من ذلك، فهي تحمل لكل أولئك المؤمنين بثورة المصريين على الظلم والظالمين بشائر نصر قريب يكسر شوكة الانقلابيين الذين سفكوا دماء الأبرياء ليحكموا بالرصاص والنار شعباً حراً خرج ليقول: لا للاستعباد.

وفي هذا الحوار الذي خصت به السيدة سناء عبدالجواد مجلة “المجتمع” تروي بألم تلك اللحظات الأخيرة في حياة ابنتها الشهيدة أسماء، وتلك المعاناة والجور الذي يتعرض له زوجها المعتقل في ظروف غير إنسانية، وفيما يلي نص الحوار:  

بداية، ما الذي جعل د. محمد البلتاجي يعتقد أن الانقلاب لن ينجح، وإن نجح فلن يصمد؟

– في واقع الأمر، تنبع قناعة د. البلتاجي من أنه طالما أن هناك شعباً حراً أبياً لا يقبل بالذل والهوان فلن يرضى بحكم العسكر، وسيثور حتى إسقاط الانقلاب، وهذا ما يحدث الآن بالفعل، وأيضاً لأن مآل الانقلابات معروف فعمرها قصير في مواجهة أي شعب حر.

ما حقيقة الضابطان اللذان اتُهم د. البلتاجي بتعذيبهما؟

– الحقيقة أن هذين الضابطين اندسا وسط المعتصمين الذين تعرفوا على هويتهما وأرادوا الفتك بهما، لكن د. البلتاجي كعادته وانطلاقاً من إنسانيته المعهودة ورفضه أن يقتتل المصريون فيما بينهم، منع المعتصمين من النيل منهما وظلا في أمان تام حتى أجرى اتصالاً بوزير الداخلية الحالي يخبره بوجودهما.

وطلب منه أن يحضر من يتسلم هذين الضابطين وجرى تسليمهما، وللعلم فإن كل من يبحث عن الحقيقة بوسعه العودة إلى هذه المكالمة المسجلة بالفعل لو أرادوا تحري الحقائق، لكنهم للأسف لفقوا قضية تعذيبهما، ضمن مسلسل الاتهامات الهزلية وأدين د. البلتاجي بـ20 سنة سجناً بسبب هذه التهمة الملفقة.

ولماذا كان زوجك يتصل بوزير الداخلية محمد إبراهيم خلال الاعتصام؟

– كانت الاتصالات بوزير الداخلية، وأيضاً بعد مجزرة الحرس الجمهوري والمنصة، ليحمّله فيها المسؤولية الكاملة عن هذه الدماء التي أريقت، ويؤكد له أن الاعتصام سلمي وله مطالب مشروعة، وكان الدكتور يقول لنا: إن وزير الداخلية أداة منفذة فقط، وإن هناك من يدير هذه المجازر والمشهد برمته.

جرى تلفيق 23 قضية لزوجك، منها الإرهاب والقتل، كيف تتوقعين أن يكون الحكم في ظل هذه الاتهامات المفزعة؟

– بالفعل لفق الانقلابيون لزوجي أكثر من 23 قضية حتى الآن، منها القتل وقطع الطريق والعنف وحرق منشآت وغيرها من القضايا التي يقف أمن الدولة خلفها؛ انتقاماً من د. البلتاجي لمواقفه الشجاعة في وجه الباطل قبل ثورة يناير وبعدها.. وحقيقة فإن الأمر رغم مرارته مثير للسخرية والاستهجان معاً؛ فهل تحول د. البلتاجي، كما قال لهم، من أستاذ جامعي وطبيب مرموق، ومن برلماني وحقوقي وعضو باللجنة التأسيسية لوضع دستور مصر، إلى مجرم يقوم بالقتل والعنف والحرق في طول البلاد وعرضها في غضون أيام معدودة؟!

لقد حُكم على زوجي د. محمد البلتاجي بأحكام وصلت حتى الآن إلى 120 عاماً في 5 قضايا فقط، ورغم ذلك وفي انتظار باقي الأحكام يظل زوجي متماسكاً، وقد قال لنا ذات مرة في أثناء المحاكمة من وراء الحائل الزجاجي في ورقة صغيرة: “120 ومكملين ولن ترهبنا أحكامهم، تستوي عندنا البراءة والإعدام طالما نحن على طريق الحق وليس الضلال، الحمد لله تاريخنا ناصع البياض في خدمة ديننا وبلدنا”.

لقد ذكرت في حديث صحفي سابق أن زوجك د. محمد البلتاجي يتنفس من خلال فتحة الباب في زنزانته الانفرادية، حدثينا عن ظروف محبسه؟

– بالفعل هذا الأمر صحيح، وقد نُقل الدكتور إلى زنزانة الحبس الانفرادي بسبب الرسائل التي كان يبعث بها ليبث روح الثورة والحماسة في نفوس الثوار، حتى وهو خلف القضبان، ويسمى هذا المحبس الانفرادي “عنبر الموت”، وهي عبارة عن زنزانة مظلمة ليس بها 1 سم لدخول الهواء، وكان بالفعل يتنفس من تحت الباب، وليس عنده غطاء أو أي شيء آخر، فدخل في إضراب عن الطعام احتجاجاً على هذا المحبس غير الإنساني، ولم يكن يتناول سوى شربة ماء واحدة في اليوم لمدة  24 يوماً.

وسمحوا لنا برؤيته في إحدى الزيارات لكي نضغط عليه للتوقف عن الإضراب، وفي هذا اليوم عندما رأيناه أنا وولدنا أنس، وهو الابن الثاني المعتقل الآن، انهرنا من هول الصدمة، بسبب وضعه الصحي غير المحتمل، وصرخنا فيهم: “لماذا هذا الظلم الذي تمارسونه عليه، ارفعوا الظلم عن هذا الرجل الشريف المناضل، إنه القوي وأنتم الضعفاء، هو الكبير وأنتم الصغار، لن تكسروا إرادته بما تفعلونه، اسألوا أنفسكم لماذا تخافون منه؟”.

ولذلك لفقوا لنا قضية وقتها بحجة أننا اعتدينا أنا وأنس على قوات الشرطة في السجن رغم أنهم هم من تعدوا علينا بالضرب، وأرغموني على الخروج، بعد أن اعتقلوا ابني، فصممت على البقاء معه، فاعتدوا علينا بالضرب ثانية وخلعوا حجابي أمام كل ضباط السجن والحرّاس، ثم لفقوا لنا تهمة الاعتداء عليهم، وحرّروا لنا محضراً واعتقلونا وأخذونا إلى النيابة وأجروا معنا تحقيقات حتى الواحدة صباحاً، ثم أخلوا سبيلنا على ذمة القضية بعد دفع كفالة قدرها  10 آلاف جنيه، وحتى الآن مازالت القضية قيد التحقيق، وسيفصل فيها في 29 مارس الجاري.

من أقنع زوجك بالتوقف عن الإضراب عن الطعام؟

– مناشدات وإلحاح كل الثوار على الدكتور، من الداخل والخارج حفاظاً على حياته حتى يستطيع استكمال مسيرته من أجل الوطن الحبيب، وقد نزل على رغبتهم وتوقف عن الإضراب، فقد كانت هناك مخاوف شديدة على حياته وكنا نخشى أن يلقى مصير سليمان خاطر.

من خلال زيارتك إليه، ما الرسائل التي يحاول زوجك أن ينقلها للعالم الخارجي؟

– يحاول زوجي إرسال رسائل لرفع الهمم والثبات، والتصميم على مواصلة طريق الثورة المباركة، مع التأكيد على أن الجميع قد أخطأ في حقها، وعلى الجميع الاستفادة وتقييم ومراجعة ما يخص الثورة المصرية، مع بث روح الثقة العالية ورفع الروح المعنوية للثوار، وأن الله قد اختارنا في هذه الحقبة لأمر جلل حتى يغيّر تاريخ الأمة إلى الأفضل.

أنت أم لشهيدة، وابن معتقل بتهمة التحريض على العنف، وزوجة قيادي بالإخوان معتقل على ذمة اتهامات خطيرة، كيف تعيشين حياتك وسط هذا الفقد الموجع؟

– نعم إنه فقدان وحرمان موجع، ولكني استمد من الله العون والتأييد والنصرة، ولدي ثقة أن الله لن يضيّعنا في الدنيا والآخرة حتى نلحق بالشهيدة أسماء في الدرجات العلى من الجنة، وحياتنا وأرواحنا رخيصة في سبيل ما نطمح إليه.

وبفضل الله لدي ثقة ويقين شديدين أن الله ناصرنا ومؤيدنا، وأنه قد اختارنا في هذا الوقت لنقدم لديننا وبلدنا بالفعل وليس بالكلام التضحيات في سبيل نصرة الحق والمظلومين من أبناء بلدنا، وسيثبتنا الله على طريق الحق الذي اخترناه لكي نعطي درساً للانقلابيين حتى لا يعيدوا هذه التجربة مرة ثانية، بل وسنعطي درساً للعسكر في كل بلاد العالم حتى لا يفكروا في الإقدام على ما تجرأ به عسكر مصر، وإنا إن شاء الله صامدون، ثابتون، مصرون على كسر الانقلاب.

برأيك، ما المصير الذي ينتظر الرئيس “محمد مرسي”؟

– إن شاء لن يتمكنوا من الرئيس الشرعي للبلاد، وسيسقط هذا الانقلاب، وإنني موقنة أن سقوطه وشيكاً بهذه الأفعال الحمقاء التي تهوي بقادته يوماً بعد يوم.

اختارك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي “الأم المثالية” لمصر هذا العام، كيف استقبلت هذا التتويج؟

– بالطبع كل التقدير لمن قام بذلك، فهم جميعاً أبنائي بعد أولادي الذين حُرمت منهم، وأنا أفتخر بكل شاب حر، وكل فتاة حرة.

 

Exit mobile version