الإعلام المصري يجنح لجنون الدم ويطالب باغتيال المعارضين!

طغى على المشهد الإعلامي المصري طفرات جديدة بصبغة الدم لا تنم إلا عن لوثة أصابت مطلقيها جراء ما اعتادوا رؤيته

طغى على المشهد الإعلامي المصري طفرات جديدة بصبغة الدم لا تنم إلا عن لوثة أصابت مطلقيها جراء ما اعتادوا رؤيته من جريان لدماء الأبرياء المعارضين لهم عقب المجازر التي شهدتها مصر بعد انقلاب يونيو 2013 بداية بمجزرة الحرس الجمهوري ومرورا برابعة والنهضة وصولا إلى قتل أبرياء في ليبيا خارج الحدود المصرية والبقية تأتي.

المتابع للمشهد الإعلامي المصري سواء المرئي أو المكتوب لن يجد سوى لغة الدم هي اللغة الدارجة في وجه أي معارض أو مخالف للرأي للسلطة الحالية أو من مؤيديها ممن استيقظت ضمائرهم أو لاعتراضه على إجراء مسه بصورة مباشرة.

لقد باتت الآلة الإعلامية الجبارة في مصر تعزز الاحتقان الطائفي وتدفع البلاد دفعا نحو الحرب الأهلية وتشجع النظام على ارتكاب المزيد من المجازر التي وضعت البلاد على حافة هاوية ستأتي على الأخضر واليابس بما فيهم مطلقو دعوات الدم.

وضمن هذا المشهد الجنوني المصبوغ بدماء الأبرياء، تتبنى صحيفة “المصري اليوم” حملة تحريضية لتحويل مصر لحمامات دم لا تنتهي إذ نشرت مقالا تدعو للقتل علانية دون الاحتكام للقانون لتعلي بذلك شريعة الغاب وشعار “البقاء للأقوى”.

فقبل أشهر نشرت الصحيفة، مقالا للكاتب نصار عبد الله، دعا فيه إلى قيام الشرطة بحملات مكثفة لـ”اصطياد” أطفال الشوارع، وإعدامهم، لـ”تطهير” البلاد منهم، بحسب تعبيره. وأثار المقال موجة عارمة من السخط على الصحيفة، واضطرت إلى رفعه من موقعها الإلكتروني.

ورغم ذلك واصلت الصحيفة حملتها الدموية حيث نشر في عددها الصادر يوم أمس مقالا للكاتب الناصري عاصم حنفي، دعا فيه السلطة إلى تشكيل ميليشيات سرية لاغتيال معارضيها، على أن تبدأ بقيادات جماعة الإخوان المسلمين، على مراحل، وكلما حدثت واقعة عنف، دون الرجوع للقانون، والتأكد بمن يقف وراء الجريمة.

وطالب “حنفى”، في مقاله الحكومة أن تقتدي بإسبانيا، في تعاملها مع منظمة “إيتا” الانفصالية، وذهب به الشطط إلى حد تشبّيه جماعة الإخوان بتلك المنظمة، التي تطالب بانفصال إقليم الباسك، عن إسبانيا، بينما المعلن أن”الإخوان” لا تطالب بانفصال أي إقليم عن مصر ودائما ما تشدد على وحدة مصر وأبنائها.

وقال إن الحكومة الأسبانية اهتدت “إلى حل عبقري.. وفي كل مرة تغتال المنظمة الانفصالية أحد رجال الشرطة مثلاً.. كان الرد هو اغتيال أحد الزعماء السياسيين البارزين لإيتا!”. وأضاف، “لم تقم الحكومة الإسبانية بذلك علناً.. وإنما قامت به سراً.. واستعانت بتنظيم مجهول تولى تنفيذ عمليات الاغتيال لأفضل عناصر (إيتا) وزعمائها الشعبيين”.

 وتابع الكاتب الناصري، “من الواضح أن المسألة نجحت بامتياز، لأن (إيتا) قد رأت أفضل عناصرها السياسيين يتساقطون واحداً بعد الآخر.. فتوقفت تماماً عن زرع القنابل قبل أن تعلن تخليها تماماً عن العنف واتخذت المفاوضات السياسية سبيلاً من أجل انفصال إقليم الباسك”!.

وواصل الكاتب خطابه الدموي الذي شدد فيه على أنه لا اعتذارات عن الحل الدموي، مبررا ذلك بأن دولا كبرى مثل أمريكا وألمانيا وبريطانيا لجأت لذلك في أدلة واهية تدين دعوته الدموية فردود هذه الدول على الأعمال الإرهابية كانت ضد منظمات خارجية وأحداث إرهابية لمنظمات مسلحة بالفعل وليس لمجرد معارضين سلميين كل جريرتهم أنهم طالبوا بالاحتكام إلى الديمقراطية وصندوق الانتخابات.

وتابع الكاتب حملته الدموية ضد أبناء شعبه قائلا: “في جميع دول العالم التي تتبنى الديمقراطية.. فإن مواجهة العنف ليست أبداً بالجيوش النظامية.. وإنما المواجهة بشغل المخابرات.. التي من وظيفتها وأد أعمال العنف قبل أن تبدأ.. وعليك باغتيال خصومك بدم بارد عندما يكون أسلوبهم في الحوار هو العنف البربري.. ومن حسن الحظ أن العالم يقف معك ولا يمانع.. وقد أدان الاغتيال الهمجى والبربري لأقباط مصر في شواطئ سرت الليبية”.

ويبدو لأي قارئ متعقل أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن إنسان أعماه التعصب السياسي فلم يستطيع التفرقة بين ثقافة الخلاف وتقبل الآخر وبين التحريض على أبناء جلدته ودفع البلاد لأتون حرب أهلية، فما ساقه من أمثلة بعيد كل البعد عن الحقيقة وجانبه الصواب.

فالتفجيرات الإرهابية المزعومة أعلن عن مسئوليتها تنظيم أنصار بيت المقدس الذي بايع داعش مؤخرا وليس جماعة الإخوان المسلمين كما أن أجهزة الدولة وظيفتها الوقوف على مسافة واحدة من جميع أبناءها مهما كانت توجهاتهم طالما لا تتبنى خطاب العنف والدم، علاوة على ذلك فإن الكثير من المراقبين يرون بل ويأكد بعضهم بالأدلة أن الضربة الجوية لليبيا كانت ضد الثوار المناهضين للانقلابي الليبي حفتر وليس ضد قتلة المصريين. ويزعم الكاتب أن هناك التفاف واصطفاف شعبي مؤيد للنظام فيما يفعله وكأن الكاتب لم يشاهد على شاشات التليفزيون حتى التابعة للانقلاب الأعداد الهزيلة التي خرجت لتمنح النظام تفويضا جديدا.

وكان حنفى قد أثار موجة من السخرية ضده، بطلبه في مقال سابق من وزارة الداخلية، أن تقوم بسجنه حتى يستمتع بالحياة داخل السجون، والأكل والإقامة المجانية، كما تستمتع قيادات وأعضاء الإخوان، وشدد فى ذلك المقال على أنه يحسد الإخوان على تلك الرفاهية، وعلى تحركاتهم فى”تشريفة” أثناء عرضهم على النيابات والمحاكم، بينما هو وأمثاله لا يعيشون فى أمان خارج السجون.

اللافت أن “حنفي” تعرض للاعتقال أيام الرئيس الراحل أنور السادات، وخرج ليصف ما لاقاه من أهوال، ولم يتحدث أبدا عن أي رفاهية وجدها داخل السجن.

Exit mobile version