اللجان الشعبية.. نصرة لـ”هادي” أم بداية لانفصال جنوب اليمن؟

تتسارع الأحداث بوتيرة عالية في اليمن، منذ سيطرة مليشيات الحوثي على صنعاء، وتصبُّ في مجملها لصالح الجماعات المسلحة، فيما تنكمش معالم الدولة تاركة أدوارها لتلك الجماعات.

تتسارع الأحداث بوتيرة عالية في اليمن، منذ سيطرة مليشيات الحوثي على صنعاء، وتصبُّ في مجملها لصالح الجماعات المسلحة، فيما تنكمش معالم الدولة تاركة أدوارها لتلك الجماعات.

ومنذ السادس من فبراير الجاري، تاريخ إصدار مليشيات الحوثي ما أسمته “الإعلان الدستوري”، بات شمال اليمن، بما فيه العاصمة صنعاء، يرزح تحت سلطة الأمر الواقع لجماعة الحوثي، وباشرت “اللجان الشعبية” (مسلحون يتبعون الحوثي) عملها من القصر الجمهوري بصنعاء، كسلطة فعلية تُدير شؤون البلاد.

أما في الجنوب، وتحديداً في عدن، كبرى مدن جنوب اليمن وعاصمة دولته السابقة، أحكمت “اللجان الشعبية” (مسلحون موالون للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي) سيطرتها على مؤسسات حكومية مهمة في المدينة، في خطوة اعتبرها مراقبون رد فعل على وضع الرئيس المستقيل وقيادات جنوبية أخرى في حكومة خالد بحاح، الخاضع حالياً للإقامة الجبرية من قبل الحوثيين.

شكوك

ويقول مراقبون: إن نحو 8 آلاف عنصر، يشكلون مجموع مسلحي اللجان الشعبية في الجنوب، شنوا تحركات خاطفة وسريعة، استولوا خلالها على مقر التلفزيون الحكومي (قناة عدن الفضائية) الواقع في مدينة “التواهي” بالمحافظة، ومقر السلطة المحلية في “دار سعد”، ونقطة “العلم” ذات الموقع الحساس والتي تصل بين مدينة عدن والمحافظات الشرقية لها، وتعتبر بوابة عدن الشمالية من جهة محافظتي “أبين” و”البيضاء”.

ويرى هؤلاء أن اللجان الشعبية لديها شكوك في موالاة قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) للحوثيين، والسعي إلى تسهيل مهمة إدخال عناصر مليشيات الحوثي إلى المدينة تحت غطاء هذه القوات، التي لديها تاريخ طويل من العنف مع المحتجين الجنوبيين منذ أيام حكم الرئيس المخلوع “علي عبد الله صالح” بحكم أنها تخضع سابقاً لقيادة نجل شقيقه “يحيى محمد عبدالله صالح”.

مخاوف الانفصال

وفيما يرى المراقبون أن اللجان الشعبية في الجنوب هي بمثابة حركة شعبية عفوية جاءت كرد فعل نتيجة زيادة مخاوف الجنوبيين من أن يجتاح الحوثي مدنهم كما فعل في الشمال، يُبدي آخرون خشيتهم من أن تكون هذه التحركات هي بوابة الولوج إلى الانفصال أو ما تسميّه قوى جنوبية “فك الارتباط” مع الشمال.

ويرى منصور صالح، المحلل السياسي اليمني، أن هناك جهتين تتنازعان السيطرة على هذه اللجان وكسب ولائها؛ الأولى وتتمثل بالسلطات المحلية في المحافظات والموالية بالمطلق لـ”عبد ربه منصور هادي”، وهدفها استخدام هذه اللجان كورقة ضغط ضد صنعاء لتحقيق مكاسب سياسية معينة، منها الإفراج عن “هادي” وأعضاء حكومته، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار(انتهى في يناير الماضي) التي تمنح الجنوب حكماً ذاتياً على إقليمين ضمن الدولة الاتحادية.

وحسب “صالح”، تتمثل الجهة الثانية في قوى الحراك الجنوبي (الداعية للانفصال) التي تحاول استمالة هذه اللجان لتكون بمثابة الجناح العسكري لها، والاستفادة مما لديها من تسليح وتنظيم نسبي وقدرة على خوض مواجهات قتالية.

وأشار، في حديث لوكالة “الأناضول”، إلى أنه في ظل حالة الاستقطاب هذه، تبدو اللجان وكأنها تمارس دوراً مزدوجاً؛ حيث تخضع لإدارة وتوجيهات السلطات المحلية وتتسلم مخصصاتها وتسليحها من هذه السلطات، وتمارس دوراً تكاملياً في حماية المؤسسات الحكومية والأمن العام بالمشاركة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية السلطوية الأخرى، ومن جهة أخرى نجدها، أحياناً، تتبنى خطاب الحراك الجنوبي وترفع الرايات والشعارات الجنوبية وكأنها فصيل تابع له.

وتابع: وعليه يبدو الدور المناط بهذه اللجان ضبابياً، وإن كان يمكن القول: إنها في ثقافتها وعقيدتها أكثر قرباً من قوى الحراك الجنوبي، باعتبارها جاءت من محيط اجتماعي تسيطر الثقافة الثورية للحراك الجنوبي على أدق تفاصيل الحياة فيه.

واستطرد قائلاً: مواجهات اللجان مع قوات الأمن المركزي وما حققته من انتصار عسكري عليها أكدت هذا التقارب وزادت منه، كما رفعت من أسهم هذه اللجان شعبياً، ونالت ثقة والتفافاً غير مسبوقين حولها، بينما زاد ذلك من عزل السلطات المحلية الرسمية المتهمة بالولاء لصنعاء ولمصالحها الذاتية أكثر انعزالاً عن الشارع بل وتضاداً مع مصالحه.

مهمة اللجان الشعبية

ويمكن القول، حسب المحلل السياسي اليمني: إن مهمة هذه اللجان في الوقت الحالي هي خوض معركة كسر إرادة القوى الشمالية المتحكمة بالجنوب، انتقاماً لما يعتبرونه سنوات طويلة من الامتهان الشمالي للجنوب، وثأراً لامتهان الكرامة الجنوبية بصنعاء بوضع الرئيس الجنوبي “عبد ربه هادي” ورئيس حكومته خالد بحاح الخاضع للإقامة الجبرية، ويتداخل مع ذلك تعبئة مذهبية وطائفية.

واستدرك قائلاً: لكنها لا يمكن أن يكون هدفها الوصول إلى هدف فك الارتباط عن الشمال باعتبارها إلى الآن تمثل مناطق معينة من محافظات معينة، وإن كانت  تؤسس له، خاصة في حال ما إذا تشكلت لجان شعبية مماثلة في المحافظات الأخرى وجرى مدها بالقدر ذاته من التمويل بالمال والسلاح.

تاريخ اللجان

ويعود تاريخ نشأة اللجان الشعبية في الجنوب، وهي قوة قبليّة مسلّحة، إلى منتصف عام 2012م حيث شكلتها السلطات اليمنية لمساندتها في الحرب على القاعدة في المحافظات الجنوبية، وأشرف على تكوينها وزير الدفاع السابق محمد ناصر أحمد.

وخاضت اللجان حروباً شرسة ضد تنظيم “القاعدة”، خصوصاً في محافظة شبوة وأبين الجنوبيتين، لكنها عادت من جديد إلى الواجهة، بعد أن سيطر الحوثيون على صنعاء وأجبروا الرئيس “هادي” وحكومته على الاستقالة، لتفرض واقعاً جديداً في مدن الجنوب.

 

Exit mobile version