نتنياهو في الكونجرس.. غطرسة وجهل

أثارت الدعوة التي قدمها زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي، جون باينر، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي

 

 

 

أثارت الدعوة التي قدمها زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي، جون باينر، إلى رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، للتحدث أمام الكونجرس حول “التهديد الإيراني” في 3 مارس المقبل، موجة من الانتقادات، لم تقتصر على الولايات المتحدة، بل طالت الداخل الإسرائيلي أيضاً.

وشكلت هذه الدعوة خرقاً للبرتوكول، لكونها جاءت دون علم الرئيس الأمريكي، وهو الجهة المخولة بدعوة قادة الدول الأجنبية وزعمائها.

وأثارت الدعوة استفزاز البيت الأبيض الذي أكد أن الرئيس أوباما لن يستقبل نتنياهو، معللاً ذلك باقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية، وعدم رغبة الإدارة في الظهور وكأنها تدعم طرفاً على آخر.

كذلك أعّرب الديمقراطيون عن استيائهم من الزيارة، واعتبروا أنها تنتقص من مقام الرئاسة. وأكد أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس أنهم سيقاطعون الجلسة التي سيتحدث فيها نتنياهو، وفي مقدمتهم نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب التي قالت بشيء من السخرية إنها سوف تتابع الكلمة على التلفزيون.

وأعلن نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه لن يترأس الجلسة في مجلس الشيوخ، كما جرت العادة عند حضور رئيس دولة أجنبية، لأنه سيكون خارج البلاد.

وعلى صعيد الحزب الجمهوري، لاقت الدعوة تأييداً محدوداً، اقتصر على الساسة في الكونجرس الذين يسعون إلى تحجيم أوباما. لكن الملفت كان موقف المحللين السياسيين اليمينيين الذين نددوا بزيارة نتنياهو، واعتبروا أنها تمثل تهديداً للعلاقات الأمريكية “الإسرائيلية”. وفي هذا الإطار، وصف كريس والاس، وهو أحد المحللين على قناة فوكس الأمريكية اليمينية، قرار نتنياهو بالعمل “الشرير”.

وقد دفع هذا التخوف من أن تؤثر الزيارة سلباً على العلاقات الأمريكية “الإسرائيلية”، أيضاً، يهوداً أمريكيين، إلى مطالبة نتنياهو بإلغاء الزيارة.

ولعل أبرز تلك الأصوات أبراهام فوكسمان، مدير رابطة مناهضة التشهير اليهودية النافذة، والذي دعا رئيس الوزراء “الإسرائيلي” إلى عدم استفزاز إدارة أوباما.

وشن الكاتب في صحيفة واشنطن بوست، ريتشارد كوهين، حملة لاذعة على نتنياهو، وقال إن الزيارة تعبّر عن ازدراء الرئيس أوباما.

علاوة على ذلك، رأى محللون أمريكيون في زيارة نتنياهو تدخلاً في السياسة الأميركية الداخلية. فتلبية دعوة الكونغرس الجمهوري تعني وقوف رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى جانب الجمهوريين، في إطار سعيهم إلى إحراج الرئيس الأمريكي داخلياً.

ولم يخفِ نتنياهو يوماً وده لليمين الأميركي، فهو من أقرب المقربين للملياردير اليهودي، شيلدون أديلسون، الذي تبرع بمبلغ 100 مليون دولار لمرشحي الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية العام الماضي.

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى الفضيحة التي ظهرت، أخيراً، في الإعلام الإسرائيلي حول ضغط نتنياهو على مسؤولين يابانيين، من أجل تسريع معاملة أديلسون فتح كازينو في طوكيو.

وفي إسرائيل، تعالت أصوات من المعارضة، تحذر نتنياهو من تداعيات زيارته على العلاقات مع الولايات المتحدة.

لكن، على الرغم من كل تلك التحذيرات والانتقادات، مازال نتنياهو يتعنت في موقفه المتمسك بالحديث أمام الكونجرس. والسؤال الذي يبرز: لماذا هذا الإصرار؟. ولا شك في أن موقف نتنياهو ينمّ، في المقام الأول، عن غطرسته التي تعوّدنا عليها. فهو بات مدمناً على إملاء آرائه على العالم، ولا يكترث لأي حوار.

وإلى جانب تعنته، يشي موقف نتنياهو إما بجهله بالتداعيات السلبية للزيارة، ليس فقط على طموحاته السياسية، بل على العلاقات “الإسرائيلية” الأمريكية أيضاً، أو تجاهله لها.

ويرى مراقبون أن “جنون” نتنياهو هذا سببه موقف إدارة أوباما من الملف النووي الإيراني، والمتمسك بضرورة استنفاد الحلول السلمية مع إيران، قبل فرض عقوبات جديدة عليها.

لكن، ما لا يدركه نتنياهو أن مساعيه لتحقيق مكاسب، من خلال استغلال الخلافات الأمريكية الداخلية مصيرها الفشل. فانتقاص مقام الرئيس لن يزيد من الفرقة بين الأمريكيين، بل سيوحّدهم حوله. ولعل ريتشارد كوهين أفضل من عبّر عن ردة فعل الأمريكيين، عندما كتب مقالا بعنوان: لا تهينوا رئيسي.

 

 

 

Exit mobile version