مراقب إخوان سورية الجديد: أي حل سياسي لا يقوم على إزالة نظام «الأسد» مرفوض

دعوات الحل السياسي عمرها أكثر من عامين، وقد وقفنا موقفاً إيجابياً من كل الحلول

 

 

 

 

دعا د. محمد حكمت وليد، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بسورية، إلى رحيل نظام «بشار الأسد»، وأركان حكمه، واصفاً أي حل لا يتضمن ذلك بأنه «مرفوض»، كما دعا في حواره مع «المجتمع» المنظمات العربية والإسلامية إلى تحمُّل مسؤوليتها تجاه مأساة الشعب السوري المستمرة منذ سنوات.

* بداية، نود التعرف على المراقب العام الجديد للإخوان المسلمين في سورية؟

– من مواليد مدينة اللاذقية، عام 1944م، أكملت تعليمي الثانوي في مدينة اللاذقية، ثم حصلت على الدكتوراه في الطب البشري من جامعة دمشق عام 1968م، ثم سافرت إلى بريطانيا للتخصص في طب العيون، وحصلت على الدبلوم عام 1973م، ثم على زمالة كلية الجراحين الملكية الأيرلندية لطب العيون وجراحتها عام 1980م، ثم زمالة كلية أطباء العيون البريطانية عام 1990م.

عملت أستاذاً مساعداً في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة حتى عام 1988م، ثم استشارياً لأمراض العيون في مستشفى بخش بجدة.

كما أن لي اهتمامات أدبية منوعة، وأنا عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية منذ عام 1989م، ونشرت العديد من القصائد والمقالات في الصحف والمجلات، مثل «المسلمون»، و«الندوة»، و«الفيصل»، و«المجتمع»، و«الإصلاح»، و«البيان»، و«المشكاة».. كما أنّ لي بعض الدواوين الشعرية، مثل أشواق الغرباء.

* نشر منذ أسابيع الحديث عن مبادرات لحل الأزمة السورية.. ومؤخراً قال المبعوث الدولي «ستيفان ديمستورا»: إن هناك توافقاً دولياً على التوصل لحل سياسي هذا العام.. ما واقعية الحل السياسي في ظل ما تمر به الثورة السورية؟

– أكدنا مراراً أن أي حل سياسي لا يقوم على إزالة نظام «الأسد» وأجهزته القمعية، ولا يتضمن المناخ الملائم؛ فهو حل مرفوض؛ لأنه يعد نكوصاً عن مطالب الشعب السوري التي ثار من أجلها، والدماء التي بذلها للوصول إلى الدولة المنشودة والتي تكفل الحرية والعدالة لجميع مواطنيها، أما محاولات الترميم والتجميل التي تمارسها دول ومنظمات بعيداً عن ملامسة جوهر المشكلة وحقيقتها المتمثلة في «الأسد» ونظامه؛ فهي مضيعة للوقت، وسبب في سفك مزيد من الدماء.

* منتدى موسكو سينعقد قريباً، وقد أبديتم تحفظكم على المشاركة فيه، وأكدتم رفضكم لأي مشروع روسي للحل في سورية ما دام الروس لم يغيروا موقفهم من نظام «الأسد».. ألا تخشون من أن يتسبب هذا الموقف في عزلكم عن التأثير في القضية السورية، خاصة أن هذا الموقف يتعارض مع الرؤية الدولية على ما يبدو؟

– التأثير الحقيقي هو الفعل السياسي الذي يتواصل مع الداخل السوري، والذي يتصل بصورة مكثفة مع السوريين ويعرف همومهم، ويصون عهد الثورة معهم، ولا يخذل أبناء الشهداء وآباءهم، ولا يعرض عن دموع الأمهات ويصد عن ثكلاهم، ونحن على تواصل مستمر مع شعبنا ولا عزلة لنا إذا كنا بين السوريين ومنهم.

* دعوتم في بيان لكم مؤخراً إلى حل سياسي يقوم على زوال نظام «الأسد» وأجهزته الأمنية، وتوفير مناخ سياسي بوقف القتل الذي يمارسه النظام، وفك الحصار على المناطق الآهلة بالمدنيين والإفراج عن المعتقلين.. ألا تعتقدون أن هذه الاشتراطات تؤخر الحل السياسي وتزيد في معاناة السوريين؟

– دعوات الحل السياسي عمرها أكثر من عامين، وقد وقفنا موقفاً إيجابياً من كل الحلول التي تصل بالسوريين إلى مطالبهم وإلى وقف شلال الدماء، كما أكدنا تطبيق بنود جنيف، حيث نعتقد أن المشكلة الأساسية في سورية هي نظام «الأسد» ولا حل سياسياً إلى بالخلاص منه.

ولم تتوقف معاناة السوريين حتى اللحظة مع كل المرونة التي أبديناها؛ لأننا نعتقد أن المجتمع الدولي غير جاد في حل القضية السورية؛ ولذلك فإننا نحمل هذا المجتمع المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن المأساة في سورية.

* الثورة على أبواب عامها الخامس.. كيف ترون مسيرتها؟ وإلى أين يكون مصيرها؟

– بالرغم من كل ما مر على الثورة السورية من معاناة ظاهرة لا تخفى على أحد، كان وراءها نظام «الأسد» وحلفاؤه الإقليميون والدوليون، وصمت مطبق من قبل أطراف دولية أخرى؛ فإننا على يقين من أن الثورة تسير في طريقها المرسوم لها والمقدر من عند الله، ولو أمعنا النظر قليلاً وخلال الأيام الماضية لرأينا الكثير من البشائر في طريقها، خلال الأسابيع الأخيرة، كان هناك تقدم ملحوظ للثوار في مناطق مختلفة من حلب وريفها ودرعا وريفي حماة وإدلب، أضف إلى ذلك هناك بشائر مختلفة للوحدة تجلت في توحد عدد من أهم وأكبر الفصائل في شمال سورية وجنوبها؛ ما يشي بنضوج الفاعلين في الثورة السورية إلى مستوى ما قدمه شعبها من تضحيات جسام.

* في سورية معاناة أخرى وهي أنها تحولت اليوم إلى ميدان تصطرع فيه أنواع متباينة من الأفكار، قسم كبير منها فيه غرابة على السوريين.. ما أفق التغيير في هذا الميدان؟

– عمل النظام ومنذ أيام الثورة الأولى على تقسيم الناس، وبث أسباب الفرقة بين الشعب الواحد، فأطلق على لسان عدد من مسؤوليه تصريحات من شأنها أن تخوف بعض الناس من بعض، وأن تلقي في نفوسهم من عوامل التفرقة ما يجعلهم متأهبين للصراع والاحتراب الداخلي، كل ذلك ترافق مع بطش أمني وعسكري غير مسبوق؛ أضعف من الثقة بين الناس، كما قطع أواصر المحبة والتعايش فيما بينهم؛ من هنا ظهرت أفكار لا تنتمي إلى تاريخ الشعب السوري ولا إلى حاضره، كان للنظام اليد الطولى في استجلابها من الخارج، من مليشيات طائفية مذهبية، وأفكار متطرفة غالية.

غير أن ثقافة السوريين الأصيلة تقاوم كل هذا، وقد برز الإخوان المسلمون بوسطيتهم المعهودة وفكرهم المنتمي إلى شعوبهم في هذا الميدان، يحاولون التصحيح قدر الإمكان، وقد أفلحت كثير من الجهود، ولا تزال الجماعة تعمل على هذا الصعيد؛ حيث إنها وجدت تجاوباً كبيراً من كثير من الفصائل والمجالس المحلية والتجمعات السياسية والاجتماعية في الداخل السوري مع فكرها الوسطي ورؤيتها الإسلامية المعتدلة.

* ما إستراتيجية الجماعة في المرحلة القادمة من الثورة السورية؟

– عنوان المرحلة القادمة هو استكمال عودة الجماعة إلى الداخل؛ فكراً وكوادر وأدوات؛ لنشر فكرها الوسطي المعتدل والمنتمي إلى ثقافة السوريين وفكرهم، حيث هو الضمان الوحيد لحياة سياسية واجتماعية مستقرة في سورية، بشراكة وطنية مع جميع أبناء الوطن، لبلاد تسودها الحرية والاستقرار، وعملنا على هذا الصعيد لم يتوقف يوماً منذ بدء الثورة السورية، ولن يتوقف حتى يظهرها الله تعالى، وهو قريب إن شاء الله.

 

 

 

Exit mobile version