لماذا تصاعدت حدة الأزمة بين “نواز شريف” والمدارس الإسلامية؟

الحملة المستهدفة للمدارس الإسلامية متواصلة دون هوادة

 

 

 

 

منذ الهجمات على المدرسة العسكرية للأطفال في مدينة بيشاور في 16 ديسمبر2014م والحملة المستهدفة للمدارس الإسلامية متواصلة دون هوادة، حيث راحت الأنظار تتجه إليها بعد عملية “طالبان” ضد هدف حساس بالنسبة للمؤسسة العسكرية في باكستان، وهو استهداف أطفالهم وفلذات كبدهم.

أهمية المدارس الإسلامية في باكستان:

تنبع أهمية المدارس الإسلامية في باكستان من كونها مارست دورا رئيساً في التصدي لجميع الحملات التبشيرية والعلمانية والاستعمارية لمحو هوية الباكستانيين الدينية، ويعرف الخاص والعام أن هذه المدارس هي من أدت دوراً في تكوين وتخريج مئات الآلاف من العلماء والمفتين وحفظة القرآن الكريم والمتخصصين في العلوم الشرعية، ومنذ استقلال باكستان لم تقم وزارة الإسلامية في باكستان بدور سوى الإشراف على الحجاج والأوقاف وحوالي 10% من دور العبادة، ولم ترَ أنها مسؤولة عن تكوين أئمة المساجد وتخريجهم من معاهد إسلامية خاصة بها، كما هي الحال مع دول العالم العربي والإسلامي الأخرى، التي تعتبر فيها هذه الوزارة المعنية مباشرة بتخريج أئمة المساجد وخطبائها والمرشدين الدينيين والعلماء الأجلاء، لكن بتغييبها في باكستان وحصر مهمتها في الحج والعمرة أخذت المدارس الإسلامية في باكستان ترفع من دورها وتضاعف من أنشطتها، وحظيت هذه المدارس بعناية ودعم أبناء باكستان من حيث التبرع لها ودعمها؛ حتى تحقق أهدافها في مواصلة تخريج حفظة القرآن الكريم، وتخريج أئمة وخطباء للمساجد، وإخراج مفتين شرعيين ودعاة إسلاميين يعود إليهم الناس في معرفة المسائل الإسلامية والقضايا التي تتعلق بالقرآن والسُّنة.

الحملة ضد المدارس بدأت في زمن الجنرال “مشرف”

ومنذ استقلال باكستان وإلى اليوم، لم يشكك فيها أحد في باكستان، ولم يوجه إليها تهمة التطرف والخروج عن الصراط المستقيم، وظلت بين الفينة والأخرى أصوات تظهر ثم تخفت من العلمانيين وبعض من المحسوبين على التيار التغريبي، إلا أن المحاولة الأقوى والأقسى كانت على يد الجنرال السابق “برويز مشرف”؛ الذي حمل لأول مرة راية غلق المدارس الإسلامية، ولما فشل أخذ يطالب بإصلاحها وجعلها مؤسسات تعليمية عصرية، وجعل يشن عليها هجوماً من خلال القبض على العلماء والدعاة، وشرع يضيِّق عليها الخناق؛ بمنع التبرعات لها، ومنع انضمام طلاب جمهوريات آسيا الوسطى وشرق آسيا وأفغانستان وسُنة إيران؛ بحجة محاربة الإرهاب، ومنع تحولهم إلى إرهابيين.

إلا أن السكان في باكستان وقفوا مع المدارس ودعمها، وقد طالبوا في حينها الحكومة بدلاً من محاربتها في زمن “مشرف” ومنع المال عنها؛ تقديم حلول والإشراف على تمويلها بأنفسهم، ورصد ميزانيات خاصة لمئات الآلاف من الطلاب؛ حتى يكملوا تعليمهم الديني، ويخرجوا إلى المجتمع في صفة خطباء مساجد وأئمة وغيرها.

استهداف المدارس في حقبة “شريف”:

وبعد أفول نجم “مشرف”، لم تتعرض المدارس الإسلامية لخطر كما باتت تتعرض له اليوم في زمن رئيس الوزراء الحالي “نواز شريف”، الذي رفع شعارات الدفاع عن المدارس والدين الإسلامي قبل الفوز بمنصبه في انتخابات عام 2013م؛ الأمر الذي جعله يكسب قلوب علماء الدين والطبقة المحافظة في باكستان التي صوَّتت له بالإجماع.

لكن ما يقوم به اليوم “نواز شريف” مهما كانت المبررات وقوله: إنه يتعرض لضغوط من الجيش أو المجتمع المدني أو العواصم الغربية؛ يقابَل بعدم ارتياح شعبي؛ حيث يقود الحملة على دور العبادة والمؤسسات الإسلامية، وهو أمر اعتبره البعض مساساً بالهوية؛ ومن خلالها استهداف دور العبادة والمداس الإسلامية.

وكان زعماء جماعات إسلامية في باكستان تتقدمهم جمعية علماء إسلام، والجماعة الإسلامية، ومجلس الدفاع عن باكستان، ومجلس علماء باكستان المتحد، وغيرهم من الجماعات السُّنية؛ قد هددوا بتصعيد الاحتجاجات حال استمرار استهداف المؤسسات الإسلامية؛ حيث أعلنوا أنهم سيحاصرون مباني الدولة في مارس 2015م، وسينظمون عصياناً مدنياً، مطالبين الحكومة بوقف مسلسل استهدافهم، وإصدار تعديلات في القانون تمنع هذا الأمر، وتمنع اعتبارهم إرهابيين ومهددين للدولة، ولا يعرف بعد إن كانت الحكومة قد تتعامل مع تحذيراتهم بجدية وواقعية، أم إنها ستواصل سياسة عدم الاستماع إليهم والاستمرار في تنفيذ نهجها إزاء المدارس، وتضييق الخناق عليها، وبالتالي انتظار جميع الاحتمالات التي ستتعرض لها مستقبلاً.

إجراءات مطلوبة:

ومن الإجراءات التي يطالب العلماء بوقفها فوراً:

 – قرارات السلطات المحلية بتجفيف منابع المدارس الإسلامية، ومحاربة من يدعمها من الداخل أو الخارج، وما من شأنه إرهاب الداعمين للمؤسسات الإٍسلامية.

– التحقيق الأمني؛ وفي مقابل التجفيف والضغط على المتبرعين، فإن الحكومة شرعت في تخويف الأسر حتى لا ترسل أبناءها للتعليم الديني، فقد جاء في التحقيقات الحكومية الكشف عن هوية المدرسين وعن عناوينهم، وجرى توسيع عملية التحقيق لتشمل جميع أفراد المدرسين، والبحث عن المدرسين السابقين وعناوينهم، وطلب معلومات مفصلة عن أفراد أسر من له علاقة بالتدريس الديني.. ويرى العلماء أن التفصيل في هذا الأمر يهدف إلى إرهاب الناس وتخويف الأسر من التعليم في المدارس وتخويف المدرسين.

ووفقاً لبعض الإحصائيات، فقد بلغ عدد المدارس الإسلامية 25 ألف مدرسة وجامعة إسلامية، تعلِّم حوالي مليون من الطلاب والطالبات، وهي أكبر منظمة غير حكومية في باكستان تصرف على نفسها حوالي 50 مليار روبية سنوياً، ولم يسبق أن هددت الدولة أو أعلنت الجهاد ضدها أو سيَّست التعليم ضد الحكومة، ويقول العلماء: إن تجفيف منابع الدعم للمدارس دون أي حلول أخرى سيفاقم الوضع، ويقول العلماء: إن الحكومة إن كانت ترغب في قطع الدعم عنهم، فإن عليها تقديم الدعم للمدارس هي بنفسها، اللهم إلا إذا كان هدفها الأخير هو غلقها والقضاء على الهوية الدينية. 

 

 

 

Exit mobile version