مركز دراسات: حصاد “السيسي”.. سراب الاستقرار وتنامي الاضطراب

استعرض مركز الجزيرة للدراسات في ورقة تقدير موقف حصاد حكم المجلس العسكري في مصر بقيادة قائد الانقلاب الفريق “عبدالفتاح السيسي”، وذلك من واقع قراءة أولية لأحداث الأحد 25 يناير 2015م ودلالاتها على مستقبل الحركة الشعبية المعارضة، ومستقبل نظام الحكم، ورؤ

استعرض مركز الجزيرة للدراسات في ورقة تقدير موقف حصاد حكم المجلس العسكري في مصر بقيادة قائد الانقلاب الفريق “عبدالفتاح السيسي”، وذلك من واقع قراءة أولية  لأحداث الأحد 25 يناير 2015م ودلالاتها على مستقبل الحركة الشعبية المعارضة، ومستقبل نظام الحكم، ورؤية القوى الإقليمية والدولية ذات الاهتمام لوضع هذا النظام.

تنامي الحراك الشعبي:

تحت هذا العنوان، أكدت الورقة أنه وبرغم عدم القدرة على حصر عدد الحركات الاحتجاجية وحجم المشاركين فيها في مصر، فإن الورقة أكدت أن مصر شهدت واحداً من أكبر الحشود الشعبية المعارضة للنظام منذ فضِّ اعتصامي رابعة والنهضة في صيف 2013م، واستعرضت الورقة أسباب هذا التصعيد، وكان أهمها بحسب الورقة:

– المناخ السياسي العام الذي يسود البلاد بعد أكثر من عام ونصف العام على ولادة نظام 3 يوليو 2013م، من حيث القمع وإنهاء الديمقراطية.

– عززت أحكام التبرئة، والإفراج عن رموز نظام “مبارك”، وعن “مبارك” نفسه وابنيه، من الشعور بأن مصر تعود بصورة مطَّردة إلى النظام القديم، وإنْ بأسماء جديدة.

– الانهيار المتسارع في سعر الجنيه المصري والتدهور المتسارع في الأوضاع الاقتصادية.

اتساع الحراك:

هذا ما أكدته الورقة، مشيرة إلى التحاق جماعات وتكوينات مثل 6 أبريل واليسار الراديكالي والحركات الطلابية المعارضة، أصبحت أكثر استعداداً للنزول إلى الشارع ومشاركة تحالف دعم الشرعية فعالياته من التظاهرات الشعبية.. من جهة أخرى، عززت التغييرات المتلاحقة في البنية القيادية للإخوان المسلمين، داخل وخارج البلاد، من ثقة القواعد الإخوانية بالنفس، وتركت أثرها على قدرة التيار الإخواني، والمتعاطفين معه، على الحشد، وتصميمه على مواصلة الحراك الثوري ضد النظام.

إلا أن الورقة أكدت أن الحشد في ميزان القوى بين المعارضة والنظام لم يصل بعد إلى المنعطف الحرج.

تعطيل آلة الدولة:

تحت هذا العنوان تناولت الورقة التغير في آليات المواجهة من قبل بعض الحركات المعارضة والتي تجاوزت على ما يبدو الإخوان المسلمين في مصر، متجاوزة سلمية الجماعة الأكثر تنظيماً وتأثيراً في تحالف دعم الشرعية –  والتي أكدت مراراً عدم تبنيها العنف أو حتى الثأر – وبدأ ظهور مؤشرات هذا التحول بخجل وتردد منذ حوالي العام، ولكن هذه المؤشرات وصلت مستوى لم يعد من الممكن تجاهله في أحداث يوم 25 يناير الماضي، وأوضحت الورقة هذه المؤشرات في أمرين:

الأول: يشمل أعمال التخريب والتدمير والحرق لمؤسسات الحكم والإدارة المحلية؛ وأقسام ومراكز وسيارات الشرطة والأمن؛ ونقاط وأبراج شبكة الاتصالات الهاتفية؛ ومحولات الكهرباء الرئيسة؛ وطرق المواصلات البرية والسكك الحديدية.

كما برزت مؤخراً توجيهات للمودعين بسحب أموالهم من البنوك المختلفة، في تهديد واضح باستهداف القطاع البنكي.

أما القسم الثاني، فيشمل هجمات مسلحة منظمة على مراكز الشرطة والأمن، وعلى الكمائن ونقاط التفتيش الأمنية، وهجمات بهدف الاغتيال لضباط وقضاة ووكلاء نيابة وعملاء أمنيين، متهمين بسجلهم القمعي.

الجماعات التي تبنت:

استعرضت الورقة الجماعات التي تبنت تلك العمليات مع دلالات ما قامت به وأعلنت عنه، وهي:

الجماعة الأولي: “أجناد مصر”، والتي أعلنت عن وجودها قبل زهاء العام، وتتبنى شعاراً، لها راية سوداء، تشبه إلى حد كبير راية تنظيم الدولة الإسلامية، وفي حال تأكدت علاقة “أجناد مصر” بتنظيم الدولة الإسلامية، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، تكون هذه الجماعة المسلحة، التي تنشط في محافظات وادي النيل، الثانية بعد “أنصار بيت المقدس”، التي تنشط في شمال سيناء، التي تعلن انتماءها إلى الدولة الإسلامية وتصورها الجهادي للإسلام.

أما الجماعة الثانية: فتطلق على نفسها اسم “حركة العقاب الثوري”، وقد أعلنت عن وجودها قبل يوم واحد من الذكرى الرابعة لثورة يناير، مدعية أن لها مجموعات نشطة في 15 من محافظات مصر، وبالرغم من صعوبة القطع في حقيقة مثل هذه الحالات، فإن إعلان انطلاقة “حركة العقاب الثوري” بدا خالياً من لغة الخطاب الإسلامي الجهادي؛ مما قد يشير إلى أن هذه الجماعة ليست إسلامية التوجه، ولكن المدهش كان حجم العمليات التي تبنتها الجماعة في يومي 25 و26 يناير الماضي، التي توزعت على مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك القاهرة والإسكندرية ومدن قناة السويس.

الجماعة الثالثة: التي تُعرف باسم “المقاومة الشعبية”، أُعلن عن وجودها قبل ما يقارب الشهور الستة، وتنمُّ لغة بياناتها عن توجهات إسلامية عامة، وعلاقة وثيقة الصلة بالحراك الشعبي، حيث تعمل على حماية المتظاهرين من هجمات المجموعات المرتبطة بأجهزة الأمن من البلطجية ورجال العصابات الإجرامية.

سراب الاستقرار:

وهو المحور الذي تناولت فيه الورقة دلالات الفشل الذريع للانقلاب العسكري في تحقيق ما اعتبره الهدف الأساسي الذي يسعى إليه؛ وهو تحقيق الاستقرار، وبحسب الورقة، فإن قائد الانقلاب لم يستطع حتى الآن تحقيق ذلك، ولا أن يلبي طموحات الغرب الذي رحب بحركة العسكر في الإجهاز على الديمقراطية في مصر تحت داعي ترويض حكم الرئيس المنتخب “محمد مرسي”، ولكنها أرادت أن تنجز عملية التغيير بصورة قانونية ودستورية.. ويمكن القول: إن هدف تحقيق الاستقرار بسرعة بلغت أهميته حداً جعل النظام يقضي على اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة المسلحة، ومحاولة وضع نهاية لمظاهر المعارضة الشعبية الكبيرة والانقسام المجتمعي.

وخلال العام ونصف العام الماضيين، ضخت دول الخليج المؤيدة للنظام ما يزيد على عشرين ملياراً من الدولارات في المالية العامة والسوق المصريتين، وقدم الغرب دعماً ليس خافياً للحكم العسكري، إلا أن ما حدث يوم 25 يناير 2015م أظهر أن حلم الاستقرار لم يزل بعيد التحقق، وأن النظام لم يعد قادراً على كسر أو احتواء المعارضة الشعبية السياسية، وأن البلاد مقبلة على حقبة توتر متفاقمة، قد تكون أكثر حدة مما شهدته في العام ونصف العام الماضيين.

اهتمت وسائل الإعلام الغربية، من كافة التوجهات، بصورة ملموسة بأحداث يوم الأحد 25 يناير، وأعرب الناطقون باسم الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية عن قلقهم تجاه أعداد القتلى من المتظاهرين.

Exit mobile version