“حزب الله” والكيان الصهيوني.. 4 سيناريوهات للرد والردع

صراع يتفاقم وبيئة مغايرة سناريوهات أربعة ترسم المشهد

مر الصراع  بين حزب الله والكيان الصهيوني بمنحنيات مختلفة إلى أن وصلت لما يشبه الاتفاق الضمني على مناطق صراع ونفوذ ومحدادت مواجهة، بعد أن أصبحت المواجهة بين ما يشبه الجيش المنظم التابع لحزب الله وما يشبه الدولة ممثلة في الكيان المحتل، وقد وصف معهد كارنيجي محددات هذه العلاقة في إحدى دراسته أنها: “تحوّلت طبيعة الاشتباك بين “إسرائيل” وحزب الله من الحرب المفتوحة إلى المواجهة الأكثر انضباطاً التي تتركّز في شكل أساسي في “المنطقة الأمنية” المحتلّة من “إسرائيل”..

وبعد موجتَي تصعيد في التسعينيات، أصبحت قواعد الاشتباك أكثر مأسسة من خلال تدبير تم التوصل إليه عن طريق الاتفاق بين الطرفَين، لكن من دون توقيعه، وذلك بالاستناد إلى ضبط النفس لدى الجانبَين والتبادلية، إلا أن ذلك التدبير سقط بصورة مفاجئة إلى حد ما في صيف عام 2006م، في “حرب الـ34 يوماً”، على الرغم من أن الحرب اندلعت في البداية ربما كنتيجة سوء تقدير داخلي، فإنها شكّلت خرقاً لقواعد الاشتباك، مع اتّخاذ “إسرائيل” قراراً بمعالجة ما اعتبرته تآكلاً في قوتها الرادعة عبر تصعيد ردّها وشن عملية عسكرية واسعة النطاق، ومنذ انتهاء حرب عام 2006م، تخضع العلاقات بين حزب الله و”إسرائيل” إلى الردع المتبادل.

بيئة اختلفت: 

أولاً: مشهد عام:  المشهد الحالي تجاوز فكرة الردع، وما تعيشه بيئة المنطقة من أحداث وما كشفت عنه الأحداث من وقائع طرحت سيناريوهات مختلفة للواقعة الأخيرة المتمثلة في التوتر الحادث نتيجة القذف المتبادل بين الكيان وحزب الله والذي أصفر عن مصرع قيادات من الحزب على رأسهم ابن القيادي عماد مغنية، وقتل جنود للاحتلال وأسر واحد .

فالآن معادلة القوة ظهرت فيها فواعل جديدة، وأُضعفت فواعل أخرى وذلك كالمشهد السوري، وفقد النظام للسيطرة الكاملة ووجود تهديدات مباشرة للكيان، ثم على الجانب الآخر التنسيق الإيراني الصهيوني الأمريكي بشأن إدارة الدفة في المنطقة حيث توزيع المناطق وكيتونات القوة بعد أن أُضعفت القوى الرئيسة “مصر وسورية” وأصبحت إيران – وفقاً لتنسيق أمريكي – شرطياً جديداً يرتب له المشهد ليكون خاصرة في منطقة الخليج، وعصا في مواجهة تركيا، مع استمالتها دون روسيا لكسب ودها وتحييد صراعها ضد الولايات المتحدة وما حدث في اليمن كان الصورة والمشهد الأوضح لذلك .

ملاحظات مهمة: خلال الفترة الماضية ومنذ وقوع الأزمة السورية تحديداً بدأت الصورة الذهنية لقوى حزب الله وإيران والنطام السوري تهتز بشكل كبير إن لم يكن عُريت بالكامل، حيث إن فكرة المقاومة لم تعد كما في السابق، بل أصبح حزب الله عربياً وإسلامياً جزءاً من مليشيات شيعية زرعتها إيران لخدمة مصالحها، وحدّث عن صورة نظام “بشار” ولا حرج فيما يتعلق بالمقاومة؛ أما الكيان الصهيوني فصورته أيضاً تضررت كثيراً بعد حرب غزة الأخيرة والتي أظهرت ضعفاً شديداً في قدرته على المواجهة، واستطاعت “القسام” أن تعطيه درساً قاسياً برغم كل ما توافر له من بيئة مواتية للانتصار وتدمير “حماس” وجيشها .

صراع أقطاب: الصراع الحالي الدائر بين المملكة العربية السعودية من جهة وإيران من جهة أخرى أيضاً هو جزء من المشهد وجزء أساسي، وقد استطاعت المملكة أن ترغم إيران على الشعور بالخوف والتهديد من مصير الشاه بعد خطوات أدت إلى خفض أسعار النفط؛ وما لذلك من تأثير سلبي على ميزانية إيران وقدرتها على تلبية متطلباتها وتطلعاتها، وهو ما جعل الأخيرة على ما يبدو تزلل كل عقبات المصالحة مع النظام الدولي، أو بالأصح مع أمريكا بشأن برنامجها النووي والعقوبات المفروضة عليها، وهو ما استجابت له على ما يبدو أمريكا، وكانت بوادر ذلك الإفراج عن أموال مجمدة للنظام الإيراني تحت دعوى اتفاق على التخلي عن النووي الإيراني، ثم عدم  الجدية في التخلي عن “الأسد”، وأخيراً التنسيق الأمريكي مع الحوثيين لصالح إيران في اليمن.

سناريوهات أربعة:

السناريو الأول: يعتمد على نظرية المؤامرة؛ حيث جزء أساسي منه يقوم على أن كسر المعادلة بين حزب الله والكيان الصهيوني في فتح جبهة حرب بينهما الآن برغم ما يعيشه الطرفان من تهديدات ووضع متأزم إنما دافعه الأساسي تحسين الصورة، ومحاولة كل طرف تحقيق هدف يتعلق بذلك بما يشبه الاتفاق الضمني بينهما، حيث يقوم حزب الله بعمليات نوعية كما حدث الأربعاء وقتل عدة جنود  صهاينة مع مناوشات تنتهي بتدخل دولي على أقصى تقدير .

السيناريو الثاني: مواجهة مفتوحة على غرار ما حدث في حرب عام 2006م باندفاع صهيوني مصحوب بدعم دولي، بحيث تقوم دولة الكيان بشن حرب على أهداف محددة أو مفتوحة في الجنوب اللبناني، وما يثير لعاب الصهاينة لهذا السيناريو المشهد العام في المنطقة، وتشتت حزب الله في سورية والعراق، وضعف قدرة النظام السوري على دعم نصر الله، وما تعيشه إيران من أحداث، ورغبة الكيان الجامحة لتحسين صورته، بجانب دوافع سياسية لدى “نتنياهو” وحاشيته.

السناريو الثالث: وهو السيناريو التكتيكي “ضرب مفاعلات إيران”؛ فقد بات من الواضح أن إيران تخلت بشكل أو بآخر عن  جديتها في السلاح النووي، وأصبحت تتكسب من خلاله وتقتاد عليه؛ من هنا وهناك وربما الكيان يجد الفرصة مواتية لشن هجمة جريئة ومخططة على مفاعلات إيران، في ظل اتفاق دولي ضمني على ذلك، وأيضاً الواقع الإقليمي يهيئ لهذا السيناريو، فالمنطقة قلقة بشكل أو بآخر من طموحات وأطماع وتحركات إيران، والنظام الدولي من مصلحته أن تظل إيران – شرطيها المحتمل في المنطقة – لا تملك أنياب حقيقية  وخاصة أن الاتفاق الذي قبلت به إيران قد قبضت من ورائه ” الإفراج عن الأموال – بقاء الأسد – ترك الحوثيين” وحتى الآن لم تدفع.

وربما تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين تؤشر لذلك، وأهمها ما نقلته وكالة أنباء الإيرانية عن مساعد وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان القول: إن إيران بعثت برسالة تحذير عبر القنوات الرسمية إلى المسؤولين الأمريكيين ليسلموها بدورهم إلى “إسرائيل”.

السيناريو الرابع: اكتفاء كل طرف بما حقق من مكاسب، فحزب الله سيخرج زعيمه غداً الجمعة في لقائه المرتقب، وسيتحدث بلغة النصر بعد أن حقق ضربة حفظت ماء وجهه، والكيان مازال سعيداً بما فعله من عملية نوعية أدت لمقتل قادة كبار في الحزب بجانب عدة غارات تلت مقتل جنوده، والآن لديه مساحة يتحرك فيها لتفجير أنفاق لحزب الله وتمشيط المنطقة دون رد من الأخير.

وعلى ما يبدو أن ذلك ما يرتب له خاصة بعد أن صرح وقال وزير الدفاع  الصهيوني “موشى يعلون”: إن “إسرائيل” تسلمت رسالة من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان؛ مفادها أن حزب الله ليست لديه الرغبة في مزيد من التصعيد.

مصدر الصورة : وكالة فلسطين اليوم للأخبار

 

 

 

 

 

Exit mobile version