النخبة الليبية لم يرُق لها العملية السياسية فاختارت العنف

كان التدافع بين القوى السياسية في ليبيا يجري ضمن إطار سياسي إعلامي وقانوني حتى بروز الحدث المفصلي الأهم في المشهد السياسي والذي تمثل في انقلاب اللواء المتقاعد “خليفة حفتر”.

 

 

 

 

كان التدافع بين القوى السياسية في ليبيا يجري ضمن إطار سياسي إعلامي وقانوني حتى بروز الحدث المفصلي الأهم في المشهد السياسي والذي تمثل في انقلاب اللواء المتقاعد “خليفة حفتر”.

لكن الدوافع التي أعلنت لتبرير الانقلاب ثبت أنها لا علاقة لها بالانقلاب، الذي جاء تحت مسمى عملية “الكرامة”، إذ كان مخططاً له منذ أكثر من عامين.

لكن الغريب في الأمر أن كثيرين ممن أيدوا عملية الكرامة هم شخصيات في المؤتمر الوطني العام والحكومة وشخصيات سياسية كانت مشاركة في العمل السياسي كرئيس أكبر كتلة حزبية في المؤتمر، ويدل هذا بوضوح أن هذه الشخصيات اتجهت للعنف عندما لم ترق لهم العملية السياسية ونتائجها.

الانقلاب والشرعية

ويدعي البعض أن ما يقوم به اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” هو بغطاء شرعي من البرلمان المنتخب، بينما الحقيقة أنه أعلن عن انقلابه وبدأ بالقصف والعمليات العسكرية الشاملة لأربعة أشهر قبل أن يتبناه برلمانيو طبرق مما يطعن بوضوح في الشرعية المزعومة اليوم.

وكرد فعل على الانقلاب انطلقت عملية “فجر ليبيا” التي جاءت بنداء من المؤسسة الشرعية الوحيدة وقتها، وهو المؤتمر الوطني العام لحماية العاصمة من الكتائب التي شكلت الجناح الغربي لعملية الانقلاب وخروجها المعلن في تهديد مشهور بحل المؤتمر خلال ثلاث ساعات، وتصريح العديدين من قادة تلك الكتائب المتمردة باستهداف واغتيال وخطف أعضاء المؤتمر، ثم تنفيذ التهديد باقتحام المؤتمر واختطاف أعضاء منه.

موقف المجتمع الدولي

وعند إعلان الانقلاب – الحدث الأكبر في الانزلاق نحو العنف – خرج رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس الحكومة ورئيس الأركان ووزير الدفاع آنذاك، وأعلنوا أن ما يسمى “عملية الكرامة” هي انقلاب على الشرعية، ورغم ذلك تعامل المجتمع الدولي وكأن لسان حاله يقول: إنه يقف على مسافة متساوية من الجميع.. الشرعي والمنقلب!

وأضعف مصداقية المجتمع الدولي وجعلها في أدنى مستوياتها، مواقفه من الانقلاب – رغم إدانته من كل مؤسسات الدولة الشرعية – وصمته عن عمليات القصف بالطائرات وتخريب أحياء سكنية وسكوته الغريب عن طائرات تدعم الانقلاب وذخائر وتسليح ودعم مستمر من خارج حدود البلد، ثم استخفافه بقرار المحكمة العليا الذي كان فرصة للخروج من الحالة المرتبكة.

الليبيون والحوار

وفي الوقت الذي ينمو فيه شعور متزايد بالرغبة في الحوار إلا أن رعاية المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة بالآليات التي ذكرها وعدم استخدام نفوذه لإيقاف قصف “حفتر”، وإيقاف الدعم العسكري الإقليمي له جعل مشروع الحوار برعايته فاقداً للمصداقية عند كثير من الأطراف الليبية.

لقد كان أولى بالمجتمع الدولي أن يكون صادقاً في استخدام نفوذه لإيقاف الحرب القائمة والقصف المستمر، وإدانة المجرم الذي قام بالانقلاب.. لكن عدم قيامه بكل هذا وتمسكه بشكل الحوار دون توفير بيئة لحوار ناجح يثير تساؤلات عن الحرص على حوار ناجح.

بل إن استمراره في رفع عنوان الحوار دون مضامين واستمرار الطرف الآخر بالقصف وعدم إدانة المجتمع الدولي بوضوح دليل على غموض الموقف الدولي.

ويرى مراقبون أن الاستمرار في منح المقعد الدولي وهو منصة ليبيا للحديث لباقي دول العالم لطرف بعينه والسماح له بالحديث باسم ذلك الطرف ليصف المشهد بالطريقة الخادمة لاتجاهه مشوهاً الحقائق على الأرض، يشير إلى عدم حيادية الموقف الدولي وإلى إضفائه للشرعية لطرف دون آخر منافياً بذلك ما يعلن عنه المبعوث الأممي من حيادية واتزان!

 

 

 

 

Exit mobile version