الإسلام والتحديات المعاصرة
محمد شعيب
إن أعداء الإسلام والمسلمين يبذلون قصارى جهودهم لتشويه أخلاق الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويوجهون إليه اتهامات كاذبة شنيعة، ويلصقون به بعض الجرائم الأخلاقية من الزنا، وتعدد الأزواج، وشرب الخمر وتحريض الناس على العمليات الإرهابية التي لا يمكن أن تصدر إلا من الطبقة غير المتعلمة والمثقفة، وقد اعتاد بعضهم ذم النبي – صلى الله عليه وسلم – والتهوين من شأنه، مع أن التاريخ وتعاليم الإسلام يرفض ذلك كله بجميع أشكاله وأساليبه، ويعتبرها ظلماً وبهتاناً؛ لأن مثل هذه الجرائم الأخلاقية تتنافى مع تعاليم الإسلام الحميدة، ومبادئه السامية التي تدعو الناس إلى تركها واجتنابها، فمن الطبيعي ألا يمكن أن تصدر هذه الجرائم من مصدر الشريعة وتعاليم الإسلام، وإن هؤلاء الأعداء للإسلام من أقدر الناس على تزييف الوقائع والتواريخ لصالحهم ويستغلون في ترويجها كل ما لديهم من إمكانات اقتصادية وإعلامية، وليس هذا بداية عهد جديد في تاريخ العالم، وإنما كان امتداداً لمؤامرات الأعداء التي ظلت على قدم وساق.
والمعروف لدى دارسي تاريخ الإسلام أن أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم – كانت أعظمها صفاء وأكثرها قدوة، فقد جعل الله سبحانه وتعالى أخلاقه أسوة لنا كريمة، وجعل لنا اتباعها لازمة، وللحصول على محبة الله وسيلة، كما في القرآن الكريم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {21}) (الأحزاب)، وجاء في آية أخرى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {31}) (آل عمران)، وجاء في الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”.
فندعو مثل هؤلاء الأعداء للإسلام والمسلمين أن يقرؤوا السيرة النبوية المحمدية، فإن لها مكانة عظيمة في نفوس المسلمين. يغتبط بها كل مسلم يؤمن بالله ورسوله، وقد ظل الاهتمام بها ممتداً عبر القرون؛ لأن خير ما يتدارسه المسلمون ولاسيما طلاب المدارس الدينية والعلماء والمثقفون ودراسة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد اهتم به الصحابة رضوان الله تعالى أجمعين ومن بعدهم من الأئمة، فألفت فيها كثير من الكتب بدءاً من عهد التابعين إلى زماننا هذا، وذلك تلبية للحاجة، وشعوراً من علماء هذه الأمة بأثر هذا العلم في توجيه الأمة في المسار الصحيح، وقد اعترف به غير المسلمين أيضاً.
ولذلك ينبغي للعلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات والمعلمين والمعلمات في المدارس والأئمة في المساجد أن يقوموا بواجباتهم بتربية أولادهم الصغار في بيئة إسلامية وتزويدهم بالتعليم في ضوء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ حتى يقفوا آثارهم ويتلقون الدروس من سيرتهم، وإذا كانت فطرة الصغار وطبيعتهم الميل إلى سماع قصص البطولة؛ لأنها تستهوي النفوس الإنسانية فتصغي إلى سماعها، ويكون لها الأثر الكبير في النفوس فإن السيرة النبوية أحق أن يقرؤوها ويحملوها في الحضر والسفر، فإنها تروي هذا الظمأ، وتلبي حاجة الناس.
ولنعلم أن الإسلام ظل مستهدفاً من الأعداء عبر تاريخه الطويل الذي تجاوز أكثر من 1400 عام، ولكنه يعيش هذه الأيام محناً ومصائب لم يسبق لها مثيل فيما مضى من الزمان، ولكن التاريخ يحمل لهم بين صفحاته دروساً وعبراً، وهو أن المسلمين قد اجتازوا تلك المحن والمصائب بالصبر والإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى، فلن يستطيع المسلمون أن يتخلصوا مما هم فيه اليوم إلا بما تخلص به سلفنا من الصبر والإيمان وتمسكهم بالحق وتوحيد كلمتهم وجمع شملهم أمام التحديات.