تقرير: أكثر من ستة آلاف فلسطيني أسير البرد والاحتلال

لا يكفي الأسير الفلسطيني داخل سجون الاحتلال الصهيوني من العذاب أنه محتجز عن العالم، وخاصة أهله وأبنائه,

لا يكفي الأسير الفلسطيني داخل سجون الاحتلال الصهيوني من العذاب أنه محتجز عن العالم، وخاصة أهله وأبنائه, بل أحياناً يكون منعزلاً عن إخوانه من الأسرى في زنزانة انفرادية, ولا يكفي ما تمارسه إدارة مصلحة السجون من سياسات تعسفية يتمثل جزء منها في نقل الأسرى من سجن إلى آخر بطريقة همجية وعنيفة ومهينة, يقاسي فيها الأسير أشد أنواع العذاب والتنكيل, أو محاولات التفتيش المستمرة والتي يتخللها التخريب والعبث بمحتويات الأسرى ومقتنياتهم بحجة دواعٍ أمنية أو اقتناء أدوات ممنوعة.

حياة الأسير الفلسطيني داخل السجون حافلة بالمآسي والمصاعب؛ حيث يعيش أوضاعاً مأساوية وقاسية في ظل فصل الشتاء القارس, ولاسيما المنخفض الجوي العميق الذي يضرب المنطقة في هذه الأيام.

غرف غير مهيأة:

ويساعد على زيادة البرودة والشعور بالتجمد أحياناً لدى بعض الأسرى غرف السجون الأسمنتية التي لا تدخلها الشمس, ونسبة البرودة والرطوبة فيها مرتفعة، أو الخيام الممزقة والتالفة التي تتسرب لداخلها مياه الأمطار عبر الثقوب المنتشرة فيها، أو من أسفلها، فضلاً عن وجود السجون الصهيونية في مناطق صحراوية كسجن النقب وهي تشتعل حرارة في فصل الصيف، وتتجمد في فصل الشتاء الأمر الذي يزيد من حجم الكارثة التي يعيشها الأسرى.

معاناة متواصلة:

ويقول الأسير المحرر عبدالناصر فروانة: إن معاناة الأسرى لم تنحصر في واحد من تلك الفصول، وإنما هي مستمرة طيلة فصول السنة، لكنها تزداد قسوة في فصل الشتاء، وتشتد ألماً مع برد يناير الذي يتسرب لأجسادهم وينخر عظامهم دون مقاومة، وتزداد معاناتهم وهم يستقبلون المنخفض الجوي هذه الأيام، فتتفاقم مأساتهم، وتزداد أوضاعهم الصحية تعقيداً.

وأوضح فروانة، المختص في شؤون الأسرى، أن أمراضاً كثيرة تظهر في فصل الشتاء، دون أن تجد ما يمنعها من الانتشار أو الاستفحال، لافتاً إلى أن الألم يزداد، والمعاناة تتفاقم، وتتردى أحوالهم الصحية، فتتحول الأمراض البسيطة والعرضية إلى مزمنة ومستعصية يصعب علاجها لاحقاً، فيما تتفاقم المعاناة لدى الأسرى المرضى أضعاف المرات.

وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أن إدارة سجن “شطة” الصهيوني تمنع إدخال الأغطية الشتوية للأسرى، لاسيما مع تزايد برودة الشتاء، فيما يعاني الأسرى في سجن “عوفر” من اكتظاظ المعتقلين والأسرى.

وأوضحت الهيئة في بيان صحفي، أن أسرى سجن “شطة” طالبوا إدارة السجن بضرورة إدخال الأغطية الشتوية في أقرب وقت ممكن، إلا أنها ترفض وتجبر الأسرى على شراء بطانيات بجودة رديئة وحجم صغير وبتكلفة عالية من السجن.

خوف وقلق:

وتنقل والدة الأسير مجاهد حامد عن ابنها في زيارتها الأخيرة له، أن الأسرى تجمدوا من البرد بسبب الحالة السيئة للسجن، مضيفة أن ابنها أخبرها بأنهم لا يجدون ما يتدثرون به، وخاصة أن إدارة السجن منعت الأهالي من إدخال الأغطية الثقيلة، وقال: إن بعض الأسرى يتدثرون بأغطية خفيفة جداً لا تصلح حتى لفصل الصيف.

ولفتت والدة الأسير المحكوم بالسجن تسعة أعوام قضى منها أربعة، إلى أن إدارة سجن نفحة منعت مؤخراً أهالي الأسرى من إدخال الأغطية الثقيلة، كما ومنعت الأسرى من ارتداء الملابس الشتوية والمعاطف واللفحات والقبعات وأي ملابس صوفية، فكل شيء ممنوع.

ويعيش ذو الأسرى حالة من الخوف والقلق الشديد بشأن أبنائهم، خاصة وأنهم ممنوعون من إرسال الأغطية، والملابس الشتوية، ووسائل التدفئة اللازمة لحماية أبنائهم من البرد الشديد; بسبب تعنت إدارة مصلحة السجون في إدخال مثل تلك اللوازم الأساسية.

 خطة وطنية:

وفي حديث لـ”المجتمع”، أفاد مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش أن أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال سيئة بشكل عام صيفاً وشتاءً، لكنها تزداد سوءاً حال تنفيذ الاحتلال سياسته تجاه الأسرى في ظل البرد القارس في فصل الشتاء.

ولفت الخفش إلى أن الإجراءات القاسية التي تتخذها إدارة مصلحة السجون بحق الأسرى من تعطيل إدخال مستلزماتهم والأسعار العالية داخل “الكانتينا” تهدف إلى مزيد من التضييق والتنكيل بهم، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يجعل ظروف الحياة داخل هذه السجون تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

وبيّن الخفش أن الدور الأكبر للتخفيف عن معاناة الأسرى يقع على عاتق منظمة الصليب الأحمر بتزويدهم بما يحتاجونه، ولكنها لا تقوم بواجبها تجاههم، بحسب قوله، مشدداً على ضرورة وضع خطة وطنية للدفاع عن الأسرى والابتعاد عن لغة الاستنكار والمطالبة والقيام بإجراءات فعلية على أرض الواقع.

وبلغ تعداد الأسرى داخل السجون حسب آخر الإحصائيات لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان 6500 أسير يتوزعون في مختلف السجون بينهم 18 نائباً في المجلس التشريعي، و500 من الأسرى الإداريين الذين تعتقلهم سلطات الاحتلال الصهيوني دون تهم موجه إليهم، بينما بلغ عدد الأسيرات 19 أسيرة، فيما بلغ عدد الأطفال الأسرى 18 (19 منهم تحت 14 – 16 عاماً).

Exit mobile version