الروبل الروسي وانخفاض أسعار النفط تحديان للإقتصاد التركي

لماذا لم يكن انخفاض أسعار النفط خبراً مفرحاً للاقتصاد التركي؟

  مع نهاية العام وما تبعها من عمليات جرد لأغلب الاقتصاديات في العالم، كان الاقتصاد التركي تحت المجهر، بجانب عاصفة انهيار أسعار النفط مازالت أصداؤها مشتعلة، في تقرير نشره موقع “دوتشيه فليه” الألماني الناطق بالعربية تحت عنوان “هل يصمد الاقتصاد التركي في مواجهة العاصفة؟”، تناول جوانب التأثير السلبي على الاقتصاد التركي جراء بعض المتغيرات الإقليمية والدولية وعلى رأسها انخفاض أسعار الروبل الروسي.

حيث اعتبر التقرير أن هذا الانخفاض مع عوامل أخرى أهمها تباطؤ النمو ومعدلات البطالة أثرت سلباً على الاقتصاد التركي، مستشهداً بما نشرته دائرة الإحصاء في تركيا عن أرقام ومعدلات النمو في تركيا في العام الحالي، حيث بلغت نسبة النمو 1.7% في الربع الثالث من هذا العام، و2.8% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2014م، واعتبر التقرير أن هذه المعدلات محبطة للاقتصاد التركي؛ لأنها كانت بعيدة عن توقعات السوق، وكانت هذه الأرقام بالفعل مخيبة للآمال في بلد مثل تركيا وصلت فيه معدلات النمو إلى 9% في السنوات الماضية.

إنخفاض أسعار النفط

انخفاض أسعار النفط لم يكن خبراً مفرحاً كما تداول البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديث عن وفرة مالية وأرباح اقتصادية ستحصل عليها الحكومة التركية نتيجة هذا الانخفاض، وهو رأي الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية “علي باكير”، والذي وإن اعتبر انخفاض أسعار النفط سيكون تأثيره إيجابياً على ميزان المدفوعات التركي، إلا أنه قلل من حجم هذا التأثير؛ وذلك لعدد من الأسباب، أهمها:

– أنّ الانخفاض في أسعار النفط قد لا يبقى طويلاً، ناهيك عن أن حجم الاستفادة من هذا الانخفاض تعتمد أيضاً على سعر العملة التركية خلال مرحلة الانخفاض.

– كما أن انخفاض قيمة العملة التركية الليرة إلى مستوى قياسي أمام الدولار، في الأشهر التي سبقت انخفاض أسعار النفط، لن يجعل تركيا تستفيد بشكل كبير من هذا الانخفاض.

إلا أن “علي باباجان”، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، أعطى تحليلاً متفائلاً، مستنداً إلى أرقام أيضاً وواقع، حيث قال “باباجان” في تصريح له: إن كل تراجع لأسعار النفط الخام بقيمة 10 دولارات، سيكون له أيضاً انعكاس على انخفاض حجم التضخم في البلاد بنسبة 0.5%، وكذلك ارتفاع في حجم النمو بنسبة 0.3%.

الروبل له تأثير 

فيما كان الأخطر ما طرحة “باكير” في تحليله عن تأثير انخفاض النفط على الدول المصدرة له، وربط ذلك بالتأثير السلبي على تركيا، حيث قال “باكير” في رؤية بالفعل لم يتطرق لها الكثير من المحللين، وهي أن الدول التي تعتمد بشكل أساسي على عوائد النفط والغاز تحتل موقعاً متقدماً في قائمة أكبر الدول المستوردة للسلع التركية، وضرب مثالاً بالعراق الذي يحتل المركز الثاني، وروسيا التي تحتل المركز الثالث، وثلاث دول من أصل خمس في قائمة أكبر الدول المستوردة للسلع التركية، وهي دول تعتمد بشكل أساسي ورئيس على عوائد النفط والغاز، وانخفاض أسعار النفط من شأنه التأثير سلباً يؤثر على ميزانيات هذه الدول، وقد يدفعها ذلك إلى تقليص النفقات، وأيضاً تخفيض حجم الواردات؛ وهو الأمر الذي سيؤثر سلباً على الصادرات التركية إلى هذه الدول، حيث من المتوقع أن ينخفض حجم هذه الصادرات؛ وبالتالي أن يسجل ذلك في باب الخسائر التركية.

حل وربما مخرج 

وفي خضم هذه التحديات، عرض تقرير “دوتشيه فليه” بعض الحلول التي يجب على الحكومة التركية اتخاذها لتجنب انهيار الاقتصاد، وامتصاص الصدمات التي من المرجح أن تحدث، وربما تحامل التقرير بعض الشيء على الحكومة التركية وأدائها الذي لا يمكن لعاقل أن يقول: إنه أداء ضعيف أو متخاذل بعد نجاحات وإنجازات ملموسة وجبارة خلال عشر سنوات عمر حزب العدالة والتنمية، إلا أن الحل جاء على لسان “إمرة ديليفيلي”، الكاتب الاقتصادي في صحيفة “حرية دايلي نيوز”، فيرى من جانبه أن الحل يكمن في إيجاد نموذج اقتصادي جديد يناسب الاحتياجات والخصوصيات التركية؛ لأن النموذج الاقتصادي التركي الحالي الذي يعتمد على طلبات السوق المحلية خسر مكانته أمام التوجه السياسي الحكومي في دعم شركات تصدير التكنولوجيا الحديثة، كما يقول “ديليفيلي” في حواره مع “DW”، خاصة أن تركيا لم تنجح في إنهاء الاعتماد على مشاريع إنتاج المواد والمعدات والبضائع المحلية، مثل معامل إنتاج السيارات، والانتقال إلى سوق إنتاج التكنولوجيا الحديثة، إذ إن تركيا بحاجة إلى إصلاحات في نظام التعليم لتهيئة أجيال جديدة من الشباب لتقود عملية التغيير الاقتصادي.

 

Exit mobile version