عام 2014 يسدل ستاره على أهم 10 أحداث شغلت أمريكا

بينما تستقبل الولايات المتحدة عام 2015، تطوي صفحة من أحد أكثر الأعوام، خلال الفترة الأخيرة، زخماً واضطراباً في العالم

تطوي الولايات المتحدة الليلة وهي تستقبل العام الجديد 2015، صفحة لأحد أكثر الأعوام زخماً واضطراباً.

فمن تقليص التواجد العسكري في أفغانستان ودخول مغامرة عسكرية جديدة ضد تنظيم “داعش”، وحتى فضيحة التعذيب المتورطة فيها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي. أي. إيه)، مر على الولايات المتحدة عام 2014 الذي كان واحدا من أكثر الأعوام سخونة على مدار السنوات الماضية.

الحرب ضد “داعش”

وكان أولى هذه الأحداث هو الحملة الدولية لمحاربة داعش التي شكلتها الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل أغسطس الماضي بعد أن قام التنظيم بالتوسع باتجاه محافظة نينوى (شمالي العراق) والسيطرة على مدينة الموصل مركز المحافظة، وإعلان ما اسماه بـ”دولة الخلافة الإسلامية”. ودفع هذا الوضع العراق إلى الاستغاثة بواشنطن لمواجهة تمدد “داعش” بعد أن تراجعت القوات العراقية في مواجهته.

وسارعت الإدارة الأمريكية إلى دعم العراق في حربه، مقدمة له دعماً جوياً، شريطة قيام حكومة بغداد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتفق عليها جميع الأطراف السياسية في العراق، وهو ما انتهى بتنحي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وصعود أحد حلفائه والشخصيات المقربة منه وهو حيدر العبادي ليشغل منصب رئيس الوزراء وهو اختيار لطالما أبدت واشنطن ارتياحها له.

واستطاع الجيش الأمريكي من خلال تنفيذ ما يزيد على 1300 ضربة جوية ضد “داعش” عرقلة زحفه المستمر واستعادة مدن ومرافق حيوية كان يسيطر عليها في العراق مثل: سنجار وآمرلي وسد الموصل، فيما قام داعش بالمقابل بذبح 3 من الصحفيين الأمريكيين.

ومن جانبها لم تكتف الولايات المتحدة بالهجوم العسكري ولكنها قادت حملة دولية لتشكيل حلف ضد داعش يعرقل خططها في تجنيد مقاتلين بجنسيات غربية يمكن أن يلعبوا أدواراً في إثارة اضطرابات داخل بلدانهم بعد تدريبهم في سوريا، كذلك شملت الحملة محاولات لتفكيك شبكات تمويل وجمع للتبرعات والدعوة إلى الانضمام إلى صفوف التنظيم الذي ينتشر في العراق وسوريا.

وتقول الإدارة الأمريكية إن عدد الدول التي انضمت إلى التحالف فاق 60 دولة بينها دول ذات مساهمة عسكرية جوية مباشرة أبرزها بريطانيا وفرنسا وهولندا وكندا وبلجيكا وأستراليا والدانمارك والسعودية والإمارات والأردن وقطر والبحرين في سوريا.

وقبل أيام من انتهاء العام الحالي استطاعت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تأمين التمويل المطلوب لاستمرار الحملة العسكرية ضد التنظيم المسلح من الكونجرس، والتي بلغت 5 مليارات دولار أمريكي.

 

ضم القرم

وشهد العام الحالي توترات شديدة بين روسيا والولايات المتحدة بعد اشتعال اضطرابات في أوكرانيا انتهت برحيل رئيس الوزراء الأوكراني فيكتور يانكوفيتش، وهو أمر سبقه احتلال روسيا لجزء من الدولة الأوكرانية هو شبه جزيرة القرم، وضمها إليها، لاحقا، في استفتاء عاجل شكك العديد من المراقبين الدوليين في صحته.

وهو أمر استنكرته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ليفرض الطرفان على موسكو عقوبات اقتصادية من أجل الضغط عليها ودفعها إلى التراجع عن سياساتها التي شملت التدخل في أوكرانيا عن طريق استخدام انفصاليين أوكرانيين موالين لها في شرق أوكرانيا لتحدي سلطات الحكومة المركزية لأوكرانيا. ومن سياق هذه الضغوط، جرى تجميد عضوية روسيا في مجموعة الثمانية الصناعية.

ومع نهاية العام الحالي وقع أوباما، قانونا أقره الكونغرس يسمح له بمنح أوكرانيا مساعدات عسكرية وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا. ورغم توقيعه هذه القانون، لم يبد أوباما حماساً كبيراً في مجال زيادة العقوبات على روسيا.

 

العلاقات مع كوبا

بعد ما يزيد على 50 عاماً من القطيعة والحصار الاقتصادي، فاجأ الرئيس الأمريكي العالم باتخاذه الخطوات الأولى لتطبيع العلاقات مع كوبا مترافقة مع محاولات لإقناع الكونجرس برفع الحصار عنها؛ وذلك بعد أن قام البلدان بعملية لتبادل مجموعة من الجواسيس وسجين أمريكي لدى هافانا.

وشملت خطوات أوباما التطبيعية: تسهيل سفر الأمريكيين إلى كوبا، وفتح سفارة أمريكية في العاصمة هافانا، إضافة إلى عودة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين.

وبرر أوباما قراره، الذي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي قبله على اتخاذه خلال الخمسين عاماً التي شملت ارتقاء النظام الشيوعي إلى رأس السلطة في كوبا، بأنه جاء بعد فترة طويلة من حصارٍ لم يؤت أكله. لكن أصوات الاعتراض على القرار سرعان ما بدأت تتعالى ليس في صفوف الجمهوريين فقط، وإنما، أيضا، في الديمقراطيين، خاصة أولئك الذين تعود أصولهم إلى كوبا.

 

وباء ايبولا

بينما خاضت الولايات المتحدة معارك عسكرية وسياسية واقتصادية مع منافسين وخصوم لها في أنحاء العالم خلال 2014، كانت معركتها مع وباء “ايبولا” الفتاك، الأشرس على ما يبدو.

إذ سرى رعب “إيبولا” في أنحاء الولايات المتحدة أواخر سبتمبر الماضي بعد ظهور أول إصابة بالمرض داخل البلاد، والتي جاءت عن طريق مواطن ليبيري يدعى توماس دنكن (42 عاماً)، والذي قدم إلى ولاية تكساس في زيارة لأقاربه عندما ظهرت عليه أعراض المرض، لينقل بعدها إلى مستشفى بمدينة دالاس الكائنة في الولاية نفسها حيث وافته المنية بعد 10 أيام.

إصابة دنكن بالمرض سرعان ما تعاقبت بظهور إصابات جديدة في صفوف آخرين كانوا على تماس معه من بينهم ممرضة تدعى “نينا فام”، والتي سرعان ما تعافت والتقت الرئيس الأمريكي الذي قال إنه صافحها، في محاولة منه لبث الطمأنينة في صفوف شعبه.

وإثر وصول المرض للولايات المتحدة جندت واشنطن العديد من المصادر والخدمات والمتطوعين لمحاربة المرض في مهده، غرب أفريقيا، حيث حصد أرواح الآلاف، وشمل ذلك: إرسال ما يزيد على 3 آلاف موظف من طواقم وزارة الدفاع و”مراكز السيطرة ومكافحة الأمراض”إلى الدول الموبوءة في هذه المنطقة للمساهمة في الجهود الدولية لإيقاف انتشار الفيروس القاتل، عبر بناء المراكز الصحية، وتدريب طواقم الرعاية الصحية، وزيادة الوعي الصحي.

 

السود ضد الشرطة

في شهر نوفمبر الماضي، اندلعت موجة من الاحتجاجات في الولايات المتحدة على خلفية تبرئة هيئة للمحلفين بولاية ميسوري الأمريكية لشرطي متهم بإطلاق النار على شاب أمريكي أسود أعزل؛ ما أدى إلى وقوع اضطرابات وأعمال شغب وسرقة، إضافة إلى صدامات مع الشرطة الأمريكية التي استخدمت أحياناً الغاز المسيل للدموع وهو ما دفع بالرئيس الأمريكي إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف تخفيف حدة التوتر وتقليل ما أسماه بـ “عسكرة الشرطة الأمريكية”.

وشملت هذه الإجراءات: تشكيل قوة خاصة لمتابعة تصرفات الشرطة تكون إحدى مهامها تقديم تقرير نهاية فبراير من العام المقبل يلخص طرقاً لتقليل الجريمة وبناء الثقة بين المجتمعات المحلية والشرطة التي تخدمها.

 

العرب والكيان الصهيوني

لعل من أبرز القضايا وأشدها سخونة الحرب على غزة التي شنتها “إسرائيل” في 7 يوليو من العام الحالي والتي استمرت 51 يوما؛ ما تسبب بمقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وجرح أكثر من 11 ألفا آخرين، مقابل  68 عسكريا و4 مدنيين من الكيان الصهيوني.

ورغم أن الولايات المتحدة ظلت تردد أن إسرائيل حليف وصديق للولايات المتحدة إلا أنها لم تتردد عن التنديد بهجوم إسرائيل على مدرسة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، خلال هذه الحرب، والذي أدى لمقتل 10 فلسطينيين واصفة إياه على لسان المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية جنيفر ساكي بأنه “مخزٍ”.

وبرغم تصاعد التصريحات المتشنجة من قبل المسئولين والسياسيين “الإسرائيليين” ضد سياسات الرئيس الأمريكي الذي أعلن وفي أكثر من مناسبة تأييده لحل الدولتين عن طريق مفاوضات مباشرة بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين، إلا أن هذا لم يوقف الكونجرس من تخصيص مبلغ 350 مليون دولار لتمويل القبة الحديدية “الإسرائيلية” وهي منظومة صاروخية دفاعية أمريكية تتكفل بإسقاط الصورايخ المطلقة على “إسرائيل”، وفق وكالة أنباء الأناضول.

 

المفاوضات مع إيران

أحد أهم أحداث 2014 بالنسبة للولايات المتحدة، كانت المفاوضات مع إيران التي بنيت على أساس اتفاق تضمن تخفيف العقوبات عن إيران في حال تجميدها أنشطة مفاعلها النووي والذي جرى إبرامه بين الأخيرة وست دول أخرى بينها الولايات المتحدة في 12 يناير من العام 2014.

ورغم أن مفاعل إيران يثير قلقاً لدى العديد من حلفاء الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن لم تستطع حتى هذه اللحظة نزع القدرات النووية لإيران بحيث تصبح غير قادرة على امتلاك وتصنيع قنابل نووية في الحاضر أو المستقبل، يمكن من خلالها تهديد دولٍ في المنطقة مثل الكيان الصهيوني الذي لم تخف إيران نواياها بشن هجوم عليه.

وينتقد العديد من حلفاء أوباما وخصومه في الداخل والخارج تساهله في المفاوضات مع إيران وعدم تشديد العقوبات عليها، وهو أمر رد عليه أوباما في أكثر من مناسبة عن طريق سياسته التي لا تؤمن بالطرق التقليدية الأمريكية والمتمثلة بفرض الحصار والعقوبات بل بالاندماج في مفاوضات مباشرة بدلاً عن ذلك.

وكان مفترضتا انتهاء المهلة الممنوحة لإيران، وفق الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة بداية هذا العام، لتقديم جميع الأدلة والضمانات على تجميد مفاعلها النووي في يوليو الماضي، إلا انه بدلاً من ذلك انتهى بموافقة الأطراف المتفاوضة بتمديد المفاوضات 4 أشهر أخرى والذي انتهى هو الآخر دون أي نتيجة، ما دفع المتفاوضين إلى تمديده 7 أشهر أخرى في نوفمبر 2014، مع مراجعة لتطورات المفاوضات مع إيران في مطلع مارس 2015.

 

أفغانستان

إنهاء الحرب في أفغانستان، كانت أحد أهم وعود الرئيس الأمريكي الانتخابية، لكن تنفيذ هذا الوعد لم يبدأ إلا في النصف الثاني من هذا العام، وذلك بعد 13 عاماً من الحرب على الإرهاب، وجهود نشر الاستقرار في هذا البلد الأسيوي، الذي اتخذ منه تنظيم القاعدة مقراً له أثناء تنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001.

فقد أبرمت واشنطن اتفاقا مع كابول قبيل انتهاء العام الحالي تضمن تقليص القوات الأمريكية في أفغانستان إلى 13 ألفا بعد أن كانت تزيد على 10 أمثال هذا العدد حتى عام 2011، وأن تقوم القوات المتبقية بمهمة تدريب وإرشاد ودعم القوات الأمنية الأفغانية في التصدي لقوات الطالبان التي تحاول استعادة السيطرة على البلاد.

 

الجمهوريون

خلال الانتخابات النصفية التي جرت في الثاني من نوفمبر الماضي، انتزع الجمهوريون، خصوم أوباما، السيطرة على مجلس الشيوخ بإضافة 9 مقاعد إلى رصيدهم ليشغلوا 54 مقعدا من أصل 100.

كذلك رسخوا غالبيتهم في مجلس النواب عبر إضافة 13 مقعداً إلى جملة ما يملكونه من مقاعد ليحكموا السيطرة على المجلس بـ 247 مقعداً من أصل 435.

وتعزيز سيطرتهم على الكونجرس، وفق مراقبين، سيضع عراقيل في وجه تشريعات يريد أوباما تمريرها في سبيل تنفيذ سياساته وبرامجه، منها تشريعات متعلقة بقضية الهجرة غير المشروعة، أو إقرار مشروع قانون زيادة الحد الأدنى للأجور الممنوحة للعمال والذي يواجه مقاومة في العديد من الولايات لكونه قد يدفع إلى هجرة العديد رؤوس الأموال إلى خارج هذه الولايات بسبب ارتفاع التكاليف فيها، وغيرها من القوانين التي يطمح الرئيس الأمريكي في تمريرها.

 

فضيحة التعذيب

بعد خمس سنوات من التحقيقات المستمرة التي قادتها لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، نشر المجلس في التاسع من شهر ديسمبر 2014 خلاصة من 528 صفحة لتقرير مكون من 6 آلاف صفحة تقريبا، ضم في طياته تحقيقاً استهلك قرابة 40 مليون دولار، ويفضح أساليب تعذيب قاسية استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي أي إيه” ضد مشتبه بتورطهم في هجمات 11 سبتمبر 2001.

والخلاصة المنشورة، أكدت استخدام “سي أي إيه” أساليب تعذيب مختلفة بينها: التعرية، والإيهام بالغرق، والحرمان من النوم لمدد وصلت إلى 180 ساعة (أكثر من أسبوع)، والصفع، والتهديد بالكهرباء، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال.

واعتبرت أن أساليب التعذيب هذه لم تساهم في الحصول على معلومات مفيدة للولايات المتحدة، وفي بعض الأحيان اختلق بعض الذين تعرضوا للتعذيب معلومات، لإيقاف التعذيب، فيما تسببت في وفاة أحد المشتبه بهم. كذلك لفتت الخلاصة إلى أن 26 من أصل 119 معتقلاً احتجزتهم “سي أي إيه” عن طريق الخطأ.

ويرفض المدير الحالي لـ”سي أي إيه”، جون برينان، إطلاق كلمة “تعذيب” على أساليب وكالة الاستخبارات في استنطاق المعتقلين عقب أحداث 11 سبتمبر، ويقول إن المعلومات المنتزعة من المعتقلين في ذلك الوقت “أدت إلى معرفة موقع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقتله لاحقا”.

Exit mobile version