أهم أحداث ومواقف عام 2014 في أفغانستان

يعتبر عام 2014م بالنسبة إلى الأفغان عاماً غير عادي؛ إذ إنه سيشهد إنهاء تواجد حوالي 150 ألف جندي أجنبي قدموا إلى أفغانستان قبل 13 عاماً، وأطاحوا بحكومة “طالبان” الإسلامية، واحتلوا أفغانستان لكل هذه السنين؛ ليعترفوا بأخطائهم، ويقررون العودة من حيث جاؤو

يعتبر عام 2014م بالنسبة إلى الأفغان عاماً غير عادي؛ إذ إنه شهد إنهاء تواجد حوالي 150 ألف جندي أجنبي قدموا إلى أفغانستان قبل 13 عاماً، وأطاحوا بحكومة “طالبان” الإسلامية، واحتلوا أفغانستان لكل هذه السنين؛ ليعترفوا بأخطائهم، ويقررون العودة من حيث جاؤوا، ويعتبر عام 2014م بالنسبة إلى الأفغان عاماً استثنائياً، وسيطوي عليهم صفحة دامت 13 عاماً، وسيفتح لهم صفحة جديدة مازالت مملوءة بالمجهول، ويتميز عام 2014م عن الأعوام السابقة في أفغانستان بما يلي:

– رحيل القوات الدولية:

فقد شهد عام 2014م بداية النهاية للقوات التي احتلت أفغانستان في عام 2001م، وأسقطت حكماً قائماً في أفغانستان، وأزالت مؤسسات الدولة، وراحت تحارب من تراهم أعداءها، وكان هذا العام قد شهد سحب 50 ألف جندي أمريكي، و20 ألف جندي من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والدول الإسكندافية ومن أستراليا والدنمارك، وبعد أن كان عدد القوات الأجنبية في أفغانستان يبلغ حوالي 120 ألف جندي وصل في نهاية عام 2014م إلى 50 ألف جندي، نصفهم من الأمريكيين، وسينتهي هذا العدد عند نهاية آخر يوم من عام 2014م إلى حوالي 12 ألف جندي أغلبهم من الأمريكيين، حيث سيواصل بعض منهم تواجدهم في القواعد الأمريكية في ولايات أفغانية مختلفة، معظمها تتواجد على مقربة من الحدود الأفغانية الباكستانية والصينية والإيرانية والروسية، وكانت القوات الأمريكية والدولية قد شرعت في سحب معداتها الثقيلة وطائراتها من معسكراتها في أفغانستان منذ بداية عام 2014م، واستمرت في سحبها إلى أواخر العام نفسه، ضمن اتفاقية جرى الإعلان عنها بإكتمال إنهاء التواجد الأجنبي في أفغانستان في 31 ديسمبر 2014م.

– تحويل مهام الأمن إلى الجيش الأفغاني:

وشهد عام 2014م تطوراً مهماً بالنسبة للحكومة الأفغانية؛ حيث حولت المهمات الأمنية بشكل رسمي إلى القوات الجيش الأفغاني بدلاً عن القوات الأجنبية في أفغانستان التي راحت تكمل في تواجدها في أفغانستان وتنهي في احتلالها وغزوها لهذا البلد المسلم، وراح قادة الجيش الأفغاني والجنود الأفغان يتسلمون مناصبهم ومهامهم، ويبلغ عددهم حوالي 300 ألف جندي، أغلبهم غير مدربين ولا يعرفون أبجديات العمل العسكري، والكثير منهم مليشيات عرقية ومناطقية وقبلية سبق لها وأن دعمت القوات الأمريكية في حربها ضد “طالبان” ووقفت إلى جانب القوات الاحتلال الأجنبية بسبب معرفتها بالأرض وبالمنطقة وباللغة والتقاليد وغيرها، وكانت قوات الجيش الأفغاني قد قادت عمليات عسكرية بمساعدة القوات الأمريكية في عام 2014م لتثبت قدرتها على التصدي لـ”طالبان” وغيرها، بعد أن تكمل القوات الدولية إنهاء تواجدها واحتلالها لأفغانستان، وكانت “طالبان” قد أعلنت عن مشروع أطلقت عليه فتوحات خيبر من أجل مطاردة من تبقى من الجنود الغربيين والأجانب في أفغانستان، وتمكنت من قتل المئات من الجنود الغربيين في عام 2014م إلى جانب الآلاف من الجنود الأفغان ورجال الأمن والمسؤولين الحكوميين، وحولت العاصمة الأفغانية إلى مسرح حقيقي للمعارك، حيث تمكنت من ضرب أغلب الأهداف الغربية وعلى رأسها مقرات القوات الأمريكية وقوات “إيساف” والأمم المتحدة والسفارات الغربية، وحتى المراكز الثقافية الغربية والمطاعم الأجنبية قامت بالهجوم عليها، وقتلت عدداً كبيراً منهم في عام 2014م.

– الانتخابات الرئاسية:

وكان الحدث البارز بعد إنهاء القوات الأجنبية تواجدها في أفغانستان هو تنظيم انتخابات رئاسية في أفغانستان، وإنهاء عهدة الرئيس الأفغاني “حامد كرزاي” الذي ظل يحكم أفغانستان منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان، وبقي في الحكم ما بين عامي 2002م و2014م، وبما أن الدستور الأفغاني يمنع ولاية ثالثة على أي مرشح رئاسي، فقد وجد “حامد كرزاي” نفسه مجبراً على التخلي عن منصبه، وترك صناديق الاقتراع لتختار المرشح القادم لأفغانستان، وشهدت أفغانستان انتخابات متنازع عليها، شارك فيها ممثلاً عن البشتون أشرف غني، وممثلاً عن العرقيات الأخرى هو عبدالله عبدالله، وشهدت الانتخابات مخاضاً عسيراً حيث استغرقت 4 أشهر؛ ليسفر عن مخرج أمريكي للانتخابات الرئاسية، حيث عينت أشرف غني رئيساً لأفغانستان، ومنافسه عبدالله عبدالله مسؤولاً تنفيذياً؛ أي شكلت شراكة سياسية وتقاسماً للسلطة بين الفريقين، ورغم هذا المخرج فلم يتمكن الطرفان رغم مرور 6 أشهر على تشكيل حكومة بالتراضي، حيث ظلا يتنافسان على المناصب السيادية؛ وهو الأمر الذي أظهرهم على أنهم غير قادرين على حسم الخلاف، وتأسيس حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية تضم الجميع ولا تستثني أحداً، وهدف الأمريكيون من خلال سهرهم على نجاح تجربة الانتخابات الرئاسية في أفغانستان على حماية ما تسميه مكتسباتها السياسية في أفغانستان، والافتخار بقولها: إنها أدخلت الأفغان ليعينوا رؤساءهم ومجالسهم البرلمانية وحكوماتهم عبر صناديق الاقتراع والتحاكم إليها، بدل التحاكم إلى السلاح والطرق البدائية والمتخلفة، كما يسمونها.

– ارتفاع مخيف للمخدرات:

وشهد عام 2014م في أفغانستان ارتفاعاً مخيفاً للمخدرات، وسجلت أرقاماً قياسية غير مسبوقة؛ بسبب تزايد الفقر والبطالة في أفغانستان، وعجز الدولة عن إنشاء مشاريع ومصانع للأفغان يمكنهم من خلالها الاستعانة على أوضاعهم المعيشية، وبسبب استمرار الفساد في مفاصل الدولة واستمرار عملية نهب أموال الدولة، وجد الأفغان أنفسهم يتجهون إلى قطاع المخدرات وإنتاجها بمختلف أنواعها، وشهدت مناطق جديدة في أفغانستان إنتاج المخدرات بعد أن كانت منصبة في الأعوام الماضية على ولايات بعينها في جنوب أفغانستان وشمالها، فإذا بها تنتشر وتلقى تجاوباً في مناطق لم يسبق لها أن وصلت إليها، وتحول إنتاج المخدرات والمتاجرة فيها وتهريبها وغيرها ارتفاعاً ملحوظاً في عام 2014م، وهو الأمر الذي يزيد في القول: إن أفغانستان سوف تتحول إلى أكبر دولة منتجة للمخدرات، وأحد دول العالم المستهلكة لها بعد أن تحدثت الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة في عام 2014م عدد المستهلكين لها قد ارتفع بشكل خيالي وغير مسبوق.

– ارتفاع كبير في استهداف المدنيين:

وشهد عام 2014م في أفغانستان تزايداً ملحوظاً وخطيراً في استهداف المدنيين الأفغان، وحسب تقرير للأمم المتحدة، كشف عن أن عام 2014م كان عاماً أسود على المدنيين العزل ومدمراً لهم، وفق تعبير التقرير الأممي؛ حيث شهد مقتل 3 آلاف مدني؛ أي بزيادة نسبتها 19% عن عام 2013م، واحتلت العاصمة كابول المدينة الأولى في حجم هذه الخسائر التي تسببت فيها السيارات الملغمة والهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة، وتأتي مناطق في شرق وجنوب أفغانستان الأكثر تضرراً؛ حيث لقي فها سكان مدنيون مصرعهم سواء بسبب قصف طائرات التحالف، أو بسبب المواجهات بين القوات الدولية و”طالبان”، أو بسبب الهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة، وكانت أشدها هي تفجير ملعب رياضي في مدينة خوست في جنوب شرق أفغانستان في شهر نوفمبر 2014م والذي أدى إلى مقتل 70 مدنياً على الأقل، ولم تتبنه أي جهة، وتقول الأمم المتحدة: إنه قتل منذ عام 2009 وإلى نهاية عام 2014م ما لا يقل عن 17 ألف مدني في أفغانستان، و3 آلاف جندي أغلبهم أجانب.

الرأي:

ويمكن القول: إن عام 2014م كان عام الانتصارات التي تعهدت بها حركة “طالبان”؛ حيث أثبتت بجدارة أنها تحولت إلى تنظيم قومي يمتلك برنامجاً سياسياً، وهو ما سيزيد في التحديات التي ستواجهها الحكومة الأفغانية التي انتخبت في حقبة الأمريكيين، ورفضت “طالبان” الاعتراف بها، واعتبرتها صنيعة أمريكية، وتعهدت أنها بعد حلول عام 2015م وإنهاء القوات الأجنبية تواجدها أنها سوف لن تعترف بها، وستقوم بإسقاطها، وكان الأمريكيون قد فشلوا في عام 2014م من حمل “طالبان” على الدخول معهم في مفاوضات مباشرة لإنهاء الحرب في أفغانستان، وتحقيق الاستقرار فيها؛ إذ إن “طالبان” ظلت ترفض شروط الأمريكيين المطالبين بوقف القتال والمشاركة في السلطة وعدم اللجوء إلى إسقاط الحكم المنتخب ومؤسسات الدولة.

 

Exit mobile version