سياسيون يكشفون حقيقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانعكاساتها

يبدو أن موجة الاعترافات الأوربية بالدولة الفلسطينية تكبر وتتسع يوما تلو الآخر، بعد تصويت البرلمان البرتغالي بالغالبية على مشروع القرار الذي يدعو الحكومة البرتغالية للإسراع في الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، على أساس حدود الرابع من يونيو 1967م.

جرادات: انسداد الأفق هو ما دفعنا للجوء إلى الأمم المتحدة لانتزاع حقوقنا

عطاالله: الخطوة مهمة وتأتي في سياق التطور الطبيعي لصالح القضية الفلسطينية

شفيق: الاعترافات بالدولة الفلسطينية يتضمن فوراً الاعتراف بالكيان الصهيوني

شاور: المجتمع الدولي متواطئ مع الاحتلال ولا يمكن أن ينفذ ما يرفضه

يبدو أن موجة الاعترافات الأوربية بالدولة الفلسطينية تكبر وتتسع يوما تلو الآخر، بعد تصويت البرلمان البرتغالي بالغالبية على مشروع القرار الذي يدعو الحكومة البرتغالية للإسراع في الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، على أساس حدود الرابع من يونيو 1967م.

وبذلك يصبح البرلمان البرتغالي، خامس هيئة تشريعية أوروبية تعترف رمزياً بفلسطين خلال بضعة أسابيع، إذ سبقته برلمانات بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وأيرلندا, فضلاً عن السويد التي اعترفت الحكومة فيها بالدولة الفلسطينية، لتصبح أول دولة في أوروبا الغربية تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، والثامنة في الاتحاد الأوروبي.

البرلمان الأوروبي الذي أجّل موعد التصويت على مقترح يدعو للاعتراف بالدولة الفلسطينية بناء على طلب من الحزب الشعبي الذي يعتبر الحزب الأكبر في البرلمان الأوروبي سيصوت يوم 18 ديسمبر الجاري على هذا الاقتراح.

وتطلب المذكرة غير الملزمة من البرلمانات الأوروبية من حكوماتها الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، كما تنص على ذلك قرارات الأمم المتحدة، وذلك على طريق تجسيد الدولة الفلسطينية التي تم الاعتراف بها في 29 نوفمبر 2012م.

انسداد الأفق:

وتجدر الإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية تسعى للجوء إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية داخل أروقتها، بعد أن وصلت المفاوضات مع دولة الاحتلال الصهيوني إلى طريق مسدود، وهي الخطوة التي كان يهدد بها رئيس السلطة محمود عباس.

وهذا ما عبّر عنه وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية د. تيسير جرادات الذي بيّن أن الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات مع الجانب “الإسرائيلي”; هو ما جعلنا نتخذ هذه الخطوة القانونية قائلاً: نحن أعطينا فرصة أخرى لوزير الخارجية الأمريكي “كيري”، ولكن خلال فترة 9 أشهر الماضية من المفاوضات ومن التدخل الأمريكي لم ننجح في الوصل إلى حل؛ لأن الجانب الصهيوني كان يماطل بكل ما تم الاتفاق عليه، ولم يفرج عن الدفعة الرابعة من الأسرى كما كان متفقاً عليه، وزاد الاستيطان بشكل كبير، بالإضافة إلى الممارسات والإجراءات الصهيونية بحق المسجد الأقصى, وسياسة التفرقة العنصرية، ومنع المصلين من الوصول إلى الأماكن الدينية، بالإضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي، لافتاً إلى أن اللجوء إلى المجتمع الدولي وإلى الشرعية الدولية جاء كمخرج من هذا الوضع.

وتختلف هذه الاعترافات عن استحقاق عام 2012م، في أنها لا تعدو أكثر من توصيات قدمتها تلك البرلمانات لحكوماتها تطالبها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م؛ وبالتالي فهي توصيات ومقترحات غير ملزمة لتلك الحكومات، ولن يكن لها تأثير كبير غير أنها تمثل خطوة رمزية للسلطة الفلسطينية.

خطوة إيجابية:

وحول انعكاسات تلك الاعترافات المتتالية من قبل البرلمانات الأوروبية بالدولة الفلسطينية على القضية الفلسطينية، يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطاالله، أن هذه الخطوة لها أهمية كبرى، وتأتي في سياق التطور الطبيعي الذي يصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، لافتاً إلى أن الأحداث تسير في اتجاه صاعد لصالح الفلسطينيين، يقابله موجة سخط عالمية ضد “إسرائيل”، موضحاً أن الدولة الفلسطينية عندما يتم الاعتراف بها فهذا يعزز ثقافة عند المجتمع الدولي تتمثل في أن دولة فلسطين دولة قائمة في الثقافة الدولية والثقافية الكونية، وما يتبقى فقط هو إنهاء الترتيبات اللازمة للإعلان عن إقامتها.

ولفت عطا الله في حديثه لـ”المجتمع” إلى أن الشعب الفلسطيني شعب حي وقائم له دولته، وهذا يعزز شيئاً مهماً هو أن الشعب الفلسطيني لم يعد للوراء، واستطاع أن يكسر ولو قليلاً الوعود التي تعطي “إسرائيل” الحق في إنشاء دولتها على الأراضي الفلسطينية، ولا أدلّ على ذلك من تحوّل التأييد الشعبي العالمي للفلسطينيين إلى تأييد شبه رسمي من خلال اعتراف البرلمانات والحكومات الأوروبية بالدولة الفلسطينية.

اعتراف بثمن

على الجانب الآخر المتعلق بالانعكاسات على القضية الفلسطينية، فإن إعطاء الأولوية لهدف إقامة الدولة الفلسطينية والبحث عن اعترافات حكومية وبرلمانية بها يتضمن فوراً الاعتراف بالكيان الصهيوني، فضلاً عما سيجرّ من شروط عليها حدوداً وتشكيلاً وتسلحاً ودوراً، هكذا يرى الكاتب والمفكر منير شفيق.

ولفت شفيق إلى أن جوهر الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يمثل ضغطاً على حكومة “نتنياهو” فحسب، وإنما أيضاً لغماً تحت الحقوق والثوابت الفلسطينية التي يقف على رأسها عدم الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني.

ودعا المفكر العربي الشعب الفلسطيني للخروج من هذه المآزق الكارثية، ويوجّه مقاومته وانتفاضته وكل أشكال نضاله في الداخل والخارج لتحقيق الأهداف الأربعة؛ المتمثلة بدحر الاحتلال، وتفكيك المستوطنات عن الضفة الغربية، وتحرير القدس، وإطلاق كل الأسرى، وبلا قيد أو شرط.

واعتبرت السلطة الفلسطينية تلك الاعترافات بالدولة الفلسطينية نصراً جديداً يضاف للقضية الفلسطينية، وقد رحبت بتلك الخطوات من قبل البرلمانات الأوروبية، وأكدت أن توالي تلك الدعوات بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة; دليل إضافي على أن العالم قد ضاق ذرعاً باستمرار سياسات الاحتلال العنصرية وانتهاكاته ضد حقوق الشعب الفلسطيني.

“إسرائيل” المستفيد

وحول واقعية النصر للقضية الفلسطينية كما تصوّره السلطة الفلسطينية وتفخر به وتدعمه، يرى الكاتب عصام شاور أن تلك الاعترافات رمزية وغير ملزمة؛ وبالتالي فإن مردودها على مشروع السلطة الفلسطينية لا يكاد يذكر.

وقال شاور لـ”المجتمع”: إن أي اعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967م يقابله تأكيد على شرعية الاحتلال “الإسرائيلي” للمناطق المحتلة عام 1948م، وهذا يضر بالقضية الفلسطينية لأنه يعزز ما يسمى بشرعية الاحتلال اليهودي لفلسطين.

ولفت شاور إلى إمكانية شعور المحتل “الإسرائيلي” ببعض الضغوط التي تمارس عليه من قبل الدول الأوروبية في الاعترافات المتلاحقة بالدولة الفلسطينية؛ وذلك لأن “إسرائيل” لا تريد التخلي عن أراضي الضفة الغربية أو أي جزء منها لصالح السلطة الفلسطينية، وتريد التهرب من استحقاقات أوسلو المشؤومة، ولكن في المحصلة “إسرائيل” هي المستفيد الأول؛ لأن احتلالها لثلاثة أرباع الوطن أصبح أمراً غير قابل للنقاش كما هي الحال بالنسبة للربع الأخير، أو ما يسمى بأراضي السلطة الفلسطينية.

 وذكر شاور في حديثه لـ”المجتمع” أنه إلى جانب الاعتراف الرمزي للبرلمانات الأوروبية هناك أكثر من 135 دولة اعترفت بشكل رسمي بدولة فلسطينية على حدود عام 1967م منذ إعلان منظمة التحرير الفلسطينية وثيقة الاستقلال وقيام دولة فلسطينية عام 1988م، متسائلاً عما جناه الشعب الفلسطيني من تلك الاعترافات أو من قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة؟

هل ستستجيب “إسرائيل”؟

وفي حال حصلت فلسطين على اعتراف رسمي بحقها في إقامة الدولة هل ستستجيب “إسرائيل” وتطبق ما يتضمنه الاستحقاق؟

يقول الكاتب عطاالله وهو مختص في الشأن “الإسرائيلي”: إن “إسرائيل” تعلن أن الاعترافات لا تعني لها شيئاً على أرض الواقع، وأن العالم يقول ما يريد ولكن “إسرائل” تفعل ما تريد, مشيراً إلى أن هذه التصريحات تحدث بها أكثر من مسؤول “إسرائيلي”.

ولفت عطاالله إلى أن التعنت الصهيوني سيكون مؤقتاً لعام أو عامين، ولكن على المدى لن يكون ذلك الرفض في صالح الاحتلال الصهيوني.

أما الكاتب عصام شاور فقال: إن الرفض لن يكون فقط من قبل الاحتلال الصهيوني، وإنما أيضاً المجتمع الدولي الذي يقف إلى جانب الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي متواطئ مع المحتل الذي استباح القدس والضفة الغربية، وحاصر قطاع غزة، ودمرها فوق رؤوس أصحابها، في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية لا يحركون ساكناً لصالح فلسطين وشعبها حتى لو شاهدناهم يصفقون بحرارة للرئيس الفلسطيني، لافتاً إلى أنهم يفعلون ذلك لأنهم يعلمون أن الفلسطيني الذي يختار الأمم المتحدة لتحرير وطنه لن يبلغ أهدافه مهما طال الزمان ولا بأس بالكثير من التصفيق.

 

Exit mobile version