خاص “المجتمع”: 3 محاور ترسم المشهد الحالي في ليبيا

المشهد الليبي الذي يقبع تحت نيران المواجهات العسكرية والإنقسام السياسي والتراجع الديمقراطي يشغل الكثير من المتابعين لندرة التغطية المعمقة المتوازنة

قوات حفتر لا تستطيع حسم المعركة، وهناك علامات استفهام كون أن أكثر المواقع وقعت في أيدي الثوار فمن أين يأتي الدعم لحفتر؟

قوات ” فجر ليبيا ” عرضت على ” الزنتان ” نزع أسلحتها وتسليم سيف الإسلام لتجنب المعركة المسلحة ورفضت لذلك يستمر القتال

الوضع الليبي يتغير باستمرار، فهناك تغييرات جذرية.. مدن تسقط وضحايا يسقطون، وانفجارات في شرق البلاد وانفجار في طبرق، وسيارات مفخخة 

 

المشهد الليبي الذي يقبع تحت نيران المواجهات العسكرية والإنقسام السياسي والتراجع الديمقراطي يشغل الكثير من المتابعين لندرة التغطية العميقة المتوازنة.. “المجتمع” وعبر الأسطر التالية ترسم ملامح المشهد وترصد أخر التطورات عبر أحد الصحفيين الليبيين وهو بدر خير الدين.

المحور الأول/المشهد العسكري :

أولاً : رحى المعارك تدور الآن في منطقتين رئيسيتين بعد معارك طاحنة في عدة مدن والمنطقتين:

– مدينة بنغازي والتي تشهد سيطرة لكتائب ( مجلس شوري ثوار بنغازي ) والمحسوبة على الثوار وتحظى بتأييد شعبي أكبر بجانب تأييد رسمي من قبل المجلس الوطني الذي استأنف مهامه بعد حكم المكحمة الدستورية بحل برلمان ” طبرق “.

– غرب العاصصمة طرابلس وتحديدا ً في منطقة “الجبل الغربي”، فقد بدأت المعركة بعد أن تم طرد قوات حفتر من طرابلس حيث ذهبت إلى منطقة تسمى سهل جفارا وهي تقع في غرب طرابلس، ومن ثم انتقلت من سهل شفارا إلى أسفل الجبل ثم صعدت إلى الجبل الغربي متوجهة إلى الزنتان ، لأن الهدف هو السيطرة على الزنتان ، وقد استطاعت قوات فجر ليبيا طرد القوات المحسوبة على اللواء حفتر وأهمها “جيش القبائل” وتدور الآن رحى المعارك في بلدة ” ككلة ” وهي منطقة ظلت محاصرة من قوات التابعة لحفتر الداعمة لما يعرف بـ” عملية الكرامة ” وقد استطاعت قوات فجر ليبيا فك الحصار عنها خلال الأيام الماضية .

وبات من الواضح السيطرة الكاملة لقوات فجر ليبيا على أغلب مناطق الصراع إلا أن الوضع على الأرض هو قتال شوارع في بنغازي، حيث نجد في بعض الأحياء قوات حفتر بينما تسيطر “فجر ليبيا” على كامل بنغازي.

ثانياً : وضع الجيش الليبي: الجيش الليبي حسب ما يتم التصريح عنه في وسائل الإعلام هو قوات حفتر، فقوات حفتر هي التي تدّعي هذا المسمّى، وجاء هذا الاسم نتيجة عملية الكرامة التي يقودها جيش حفتر والذي تبني تلك العملية البرلمان “المنحل” ، وأغلب وسائل الإعلام العالمية تبنى ذلك البرلمان، وبالتالي أصبحت قوات حفتر هي الجيش الرسمي. أما الجيش الرسمي في حالة انقسام، فهناك من تحالف مع حفتر وهناك من تحالف مع باقي الثوار في عملية فجر ليبيا، حيث تضم العديد من القادة العسكريين وهذا يثبت انقسام الجيش الليبي على نفسه.

ثالثاً : الدعم الخارجي العسكري: فيما يتعلق بالدعم الخارجي تحوم حولها الشكوك، ولكن حين يتم اقتحام الثوار للمواقع التابعة لقوات حفتر يغنمون ذخائر وآليات ثبت أنها قادمة من مصر، وهناك أقوال تتردد عن دعم لوجستي لقوات حفتر عن طريق توفير الذخائر وقطع الغيار للطائرات الحربية الليبية، وكل ذلك مجرد شكوك لا تصل للدليل الواضح والملموس، فالمساعدات التي تقوم بتقديمها مصر تكون عن طريق الاستخبارات الحربية التي يكتنفها الغموض والكتمان، ولكن هناك مصادر ترشح أن قوات حفتر تتلقى دعما قويا من مصر وبعض القوى الإقليمية الأخرى في إطار الدعم اللوجستي، خصوصا أنه في الآونة الأخيرة تم إدخال أسلحة وأجهزة نوعية لم يعهدها الجيش “مثل القذائف المضادة للدروع”، وسيارات مدرعة وأشياء من هذا القبيل خصوصا بعد أن منع مجلس الأمن عقد أي صفقات أسلحة جديدة أي طرف في ليبيا، وبالتالي هناك علامات استفهام كثيرة حول مصادر تلك الأسلحة التي تمتلكها القوات الموالية لحفتر.

المحور الثاني/المشهد السياسي:

أولاً : قرار حل برلمان طبرق: أهم النقاط التي يجب تناولها في المشهد السياسي هو توابع القرار الأخير للمحكمة الدسوتورية العليا التي أقرت بعدم شرعية برلمان طبرق ورغم وجود ما يشبه الإنقسام حول قرار المحكمة خاصة في ظل تعنت بعض الأطراف والكيانات التي ترفض قرار المحكمة إلا أن الحكم كان نافذا حيث استند لوقائع رسمية، وهي أن النصاب القانوني الذي تم فيه تغيير الاعلان الدستوري الحاكم في البلاد وادخال الانتخابات البرلمانية في البلاد لم يحصل على النصاب القانوني في حينها ، وبالتالي كانت هذه ثغرة منذ تغيير الإعلان الدستوري، ولم يتم الطعن فيها في ذاك الوقت، والعيب هنا أن الطعن جاء متأخرا بعد انتخاب مجلس النواب، ولو كان الطعن قبل ذلك لجنب البلاد الكثير من المشكلات لكن المحكمة قالت قرارها ومن الواضح أن المعارضين للقرار في وضع أضعف، فقد وصل نصاب الحضور في برلمان طبرق 70 عضو من أصل 188 وهو نصاب لا يعطي شرعية أصلا لقرارات المجلس إن صح رأيه في حكم المكمة .

ثانياً: زيارة مبعوث الأمم برنارد ليون: هذه الزيارة لها دلالات مختلفة لعل أهمها هو ما جاء في تصريح ليون نفسه عن توصيف الوضع في كونه صراع سياسي داخلي وهذه قناعة الغرب ربما “إن قرار المحكمة الدستورية لن يؤثر على البرلمان الليبي وليس من اختصاصات المحكمة الفصل في شرعية البرلمان المنتخب لانه الصراع صراع سياسي وليس صراع قانوني”، وقد اعتبر هذا التصريح سبب كافي لبعض الأطراف الليبية بأن لا تثق في المبعوث الأممي وتعتبره منحاز لطرف على حساب آخر .

وقد قام برنارد ليون بزيارة للأطراف الليبية المختلفة وقد يخرج ببيان ورؤية سياسية بعد حكم المحكمة الدستورية، حيث زار شرق البلاد وغربها والتقى رئيس المؤتمر الوطني وبعض القيادات السياسية وبالتالي قد يخرج بمحصلة من الآراء، ومن المتوقع أن يتم تجميد البرلمان، والمؤتمر الوطني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية أو شيء من ذلك القبيل لتسيير البلاد لحين تجهيز الدستور، والمتوقع أن يتم الانتهاء منه في نهاية ديسمبر القادم، وبالتالي قد نرى في الأيام القادمة خروج رؤيا للحوار، أو للإصلاح من قبل المندوب الدولي، الذي يحظى بدعم من كافة الأطراف الدولية.

المحور الثالث/المشهد الإنساني:

وعن المشهد الإنساني قال الصحفي خير الدين – وهو ممن يعيش واقع المشهد هناك – الوضع الإنساني طبيعي في العاصمة والمدن الكبرى، سواء في المدارس وبقية المؤسسات الحكومية فالحياة تسير بشكل عادي، أما مواطن النزاع سواء في ( بني غازي  – وككلة  – والجبل الغربي )  حيث يوجد بعض العائلات المحاصرة، وقطع الطرق، والحرمان من الوقود، في بعض الأماكن، وانقطاع الكهرباء، ولكن الهلال الأحمر الليبي والجمعيات الخيرية يقومون بمجهود  إنساني كبير هناك ، وللعلم الأزمات الإنسانية لا تطول حيث تتلاشي تلك الأزمات بمجرد انتهاء المعارك، التي تنتقل من مكان إلى مكان.

هناك جانب آخر في البعد الإنساني خاصة ما يتعلق بالحديث عن انتهاكات من قبل قوات حفتر تحديداً حيث نسمع بين الحين والآخر عن عمليات اغتصاب او انتهاكات في حرق المنازل واستهدافها وهي حوادث وإن لم تكن حتى الآن مسجلة لتخرج بها جهة رسمية تؤكدها لكن المؤلم هو  القصور من قبل الجهات الإنسانية الدولية التي يكيل بعضها بمكيالين لم تتناول التقارير الدولية التي تتحدث عن الشأن الليبي انتهاكات قوات حفتر في حين يتم التركيز على أفعال وممارسات القوات المحسوبة على الثوار  وكذلك وسائل الإعلام التي تقوم بالتغطية، ولذا نحن نطالب الحقوقيين أن ينظروا للانتهاكات بعين واحدة من الطرفين، وأي انتهكات تقع يجب رصدها والتحقيق فيها بكل حيادية، وتقديمها للعدالة، أما الآن فهناك تجزئة للمبادئ ودعم حقوقي لطرف دون آخر.

 

 

Exit mobile version