تقرير: تفجيرات غزة.. تفجر الأوضاع وتهدد المصالحة

أثارت موجة التفجيرات التي هزّت قطاع غزة, فجر الجمعة 7 نوفمبر الجاري، والتي استهدفت منازل ومركبات أكثر من 15 قيادياً من حركة “فتح” في قطاع غزة دون وقوع إصابات، أو أضرار بالغة أثارت موجة من التساؤلات حول المتسبب والمسؤول عن تلك الحادثة.

الأحمد: اتهام: “حماس” لم يأتِ اعتباطاً ولدينا الأدلة على ذلك

الصواف: موقف الحمدالله من العملية يعكس انحيازه لطرف دون آخر

عطالله: التفجيرات يترتب عليها نتائج سلبية تهدد قضية المصالحة

محللون: خلافات “فتح” الداخلية يجب أن تكون محور البحث عنالمتسبب

 

أثارت موجة التفجيرات التي هزّت قطاع غزة, فجر الجمعة 7 نوفمبر الجاري، والتي استهدفت منازل ومركبات أكثر من 15 قيادياً من حركة “فتح” في قطاع غزة دون وقوع إصابات، أو أضرار بالغة أثارت موجة من التساؤلات حول المتسبب والمسؤول عن تلك الحادثة.

ورغم أن الجاني لم يُعرف حتى إعداد هذا التقرير، فإن حركة “فتح” لم تتوقف عن ترديد الاتهامات بحق حركة “حماس”، وتحملها المسؤولية وراء تنفيذ هذه التفجيرات؛ حيث سارعت في بيان لها فور حدوث الانفجارات باتهام “حماس” بأنها هي من ساعدت وخططت للتنفيذ.

وقال عزام الأحمد، القيادي البارز في حركة “فتح”: إن اتهام “حماس” لم يأتِ اعتباطاً, مشيراً إلى أن لديه معلومات, ومصدرها جهات مسلحة في “حماس” بالوقوف وراء العملية.

وأضاف: كانت هناك مؤشرات قبل العملية بليلة واحدة، من خلال تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي من “حماس” ضد الرئيس محمود عباس، و”فتح”، حسب ادّعاء الأحمد.

ومما زاد من تفاقم الأزمة بين الحركتين، تصريحات الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير عندما شنّ هجوماً حاداً على حركة “حماس”، واتهم قيادتها بالوقوف وراء التفجيرات التي استهدفت منازل قيادات “فتح”، رافضاً أي تحقيق من الأجهزة الأمنية في هذه القضية.

رفض وإدانة

لكن حركة “حماس” التي أدانت التفجيرات ووصفتها بالعمل الإجرامي، واستنكرت الاتهامات الموجهة إليها من قبل حركة “فتح”، وأكدت في بيان لها أنها “تدين بشدة الحادث الإجرامي وتدعو الأجهزة الأمنية للتحقيق وملاحقة المتورطين وتقديمهم للعدالة”.

وقال الناطق باسم حركة “حماس” فوزي برهوم: للأسف كنا نتوقع من الرئيس عباس بدل أن يوتر الأجواء ويسممها في ذكرى رحيل الرمز أبو عمار، أن تكون كلمته في هذه الذكرى وطنية وحدوية تدشن لمرحلة جديدة في المواجهة مع العدو، وإذا به يفتح النار على “حماس” وقياداتها ويضعها في مصاف العدو “الإسرائيلي”.

ووصف الخطاب بأنه فئوي حزبي توتيري وغير مسؤول، وفيه تهرب واضح من مسؤولياته تجاه غزة وحصارها، ومعاناتها، وإفشاله للمصالحة، وتعطيله للإعمار بفتح جبهة مواجهة وافتعال أزمة مع “حماس”، لا تخدم سوى العدو “الإسرائيلي”.

وجاءت العملية في ظل الاستعدادات والتجهيزات التي كانت تقوم بها حركة “فتح” لتنظيم مهرجانها؛ لإحياء ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات، غير أنها أعلنت عن إلغائها للمهرجان في وقت لاحق نتيجة لتلك التفجيرات.

لا أدلّة

وفي تفسير للأسباب التي دفعت حركة “فتح” بتحميل “حماس” المسؤولية، بيَّن الكاتب والمحلل السياسي هاني البسوس، أن ما قامت به حركة “فتح” هو عين الخطأ والاستعجال؛ وما دفعها لذلك هو الخلاف السياسي مع حركة “حماس”، ومحاولة إظهارها بمظهر غير لائق، لافتاً إلى أنه كان ينبغي التروي واستخدام الحكمة من قبل الحركة، حتى يتم تلافي المشكلات والخلافات الناجمة عن ذلك.

وأوضح البسوس في تصريح خاص لـ”المجتمع”، أن “فتح” لم تقدِّم أي دليل واحد يثبت أن “حماس” هي التي تقف وراء تنفيذ التفجيرات، مشيراً إلى أن ذلك الأمر يضعف موقف حركة “فتح”، إلا إذا جاءت بالأدلة المقنعة، مشدداً على وجوب تشكيل لجنة تحقيق وطنية من كل الفصائل ليتم معرفة الجاني.

من المستفيد

ولفت البسوس إلى أن الاحتلال الصهيوني هو المستفيد الأول والأخير من هذه التفجيرات، مشيراً إلى أن الساعي وراء التفجيرات لم يسعَ إلّا إلى تقويض الوحدة الوطنية.

ويزيد على ذلك الكاتب الصحفي مصطفى الصواف بقوله: إن المستفيد من وراء التفجيرات هو من لا يريد لشعبنا توحيد صفوفه ومواجهة عدوه، ولا يريد لقطار المصالحة أن يمضي؛ كالعدو “الإسرائيلي”، وبعض الأطراف الأخرى سواء كانت داخلية أو خارجية، وطالب بقطع الطريق عليهم وعلى خططهم.

انحياز واضح

وحول موقف رئيس الوزراء رامي الحمدالله من التفجيرات، قال الصواف في حديثه لـ”المجتمع”: كان من المفترض من رئيس حكومة تمثل الشعب الفلسطيني أن يكون في قلب الحدث وليس الهروب منه، لافتاً إلى أن هذه التصرفات راجعة إلى أنه لا يأتمر بما تقتضيه مصالح الشعب الفلسطيني، وإنما يتحرك حسب مصالح طرف حزبي واحد وهو حركة “فتح”، موضحاً أن ذلك الأمر يعطي مؤشرات أن من يتحكم في الحكومة الفلسطينية هو تنظيم وليس الشعب.

وكان رئيس وزراء حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمدالله قد ألغى زيارته للقطاع، بعد وقوع الحادثة، حيث كان من المفترض يأتي ليشارك في مهرجان ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات، إلى جانب الاجتماع مع وزراء الحكومة لبحث آخر المستجدات المتعلقة بالإعمار، وواقع القطاع بعد الحرب، ومناقشة المشكلات العالقة، بالإضافة إلى الاجتماع الذي كان سيعقده مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي “فيديريكا موغيريني” في غزة.

المصالحة تتعثر

وحول الانعكاسات المترتبة على العملية الأخيرة فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، أوضح الصواف أن المصالحة تعيش في حالة من الموت السريري، ولا مؤشر على وجود انفراجة ملموسة إذا بقيت الخلافات على ما هي عليه الآن.

ويشترك مع ذلك الرأي الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله الذي قال لـ”المجتمع”: إنه يُخشى أن تكون هذه التفجيرات بمثابة القشّة التي كانت تنتظرها المصالحة حتى تقصمها وتعيدها إلى الماضي الذي كانت تسوده الصراعات الداخلية، والخلافات السياسية، مشيراً إلى أن جهود المصالحة كانت تسير ببطء شديد، وجاءت التفجيرات لتوقفها بالكامل، واعتبر أن خطاب الرئيس عباس يعكس حالة التخبط التي تشهدها الظروف الحالية في الساحة الفلسطينية وخاصة ما بين “فتح” و”حماس”.

وقال الكاتب عطالله في حديثه لـ”المجتمع”: إن هذه الأزمة يمكن أن تذهب إذا ما قررت الأطراف المعنية تجاوزها وعدم الاستسلام لإرادة أعداء المصالحة، غير أنه لم يخفِ تشاؤمه من عدم إمكانية تطبيق ذلك الأمر على الأقل خلال المرحلة القريبة القادمة.

خلافات داخلية

وتعيش حركة “فتح” مرحلة شديدة من الانقسامات الداخلية التي اتضحت معالمها أكثر بعد فصل القيادي في الحركة محمد دحلان، ليصبح هناك صفّان نقيضان في الحركة، صف موالٍ لمحمد دحلان يأتمر بإمرته، وآخر لمحمود عباس، وهذا ما كان سبباً في إفشال مهرجان انطلاقة حركة “فتح” الذي أقامته في قطاع غزة العام الماضي.

ذلك الأمر دفع عدداً من المحللين والمتابعين أن يرجعوا سبب هذه

التفجيرات إلى الخلافات الداخلية الموجودة في الحركة، بحيث يكون أنصار من مؤيدي أحد القطبين في الحركة (عباس، ودحلان) هم وراء تنفيذ التفجيرات.

أصابع اتهام عديدة أشارت إلى أطراف مختلفة سواء محلية أو خارجية تتهمها بالتخطيط للتفجيرات التي استهدفت بيوت قادة من حركة “فتح”، وينتظر الفلسطينيون والمتابعون ما ستفصح عنه لجنة التحقيق التي شكلتها الأجهزة الأمنية لمعرفة من يقف وراء تلك التفجيرات. 

Exit mobile version