أحداث القدس.. هل هي شرارة انتفاضة قادمة؟

في غمرة ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة، ولاسيما المسجد الأقصى المبارك من اقتحامات متكررة لباحاته، يقودها حاخامات صهاينة،

عملية القدس تأتي في ظل الاقتحامات الصهيونية المتكررة للمسجد الأقصى

شاور: الغليان يزداد والأيام القادمة تحمل المزيد من المفاجآت والعمليات الاستشهادية

ناشط مقدسي: ما يجري في القدس هو تراكم تجربة 80 عاماً من النضال الشعبي

النعامي: خشية “إسرائيل” من الانتفاضة تحتّم عليها بذل كل السبل لوأدها وتراهن في ذلك على السلطة الفلسطينية

 

في غمرة ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة، ولاسيما المسجد الأقصى المبارك من اقتحامات متكررة لباحاته، يقودها حاخامات صهاينة، وبتغطية سياسة من الحكومة الصهيونية، إلى جانب التضييق المستمر على المقدسيين وطرد عدد منهم خارج القدس، ومنع المصلين من الذهاب إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، وكل ذلك كمقدمة لهدم المسجد، وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، في غمرة تلك الأحداث فإن الشباب المقدسي لا يألون جهداً في الدفاع عن المسجد الأقصى، ومدينة القدس، من خلال الرباط في المسجد ومحاولة منع المستوطنين من اقتحامه؛ الأمر الذي يصل إلى الاحتكاك المباشر بينهم وبين جنود الاحتلال.

نقلة نوعية

غير أن أحد الشباب المقدسيين كان له أسلوب آخر في الدفاع عن المسجد الأقصى ومدينة القدس تمثل في عملية دهس مجموعة من جنود الاحتلال كانوا متمركزين في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة, نفذها الاستشهادي إبراهيم العكاري بسيارته؛ حيث قُتل في العملية جنديان، وأصيب 10 آخرين بجراح مختلفة.

هذه العملية شهدت ترحيباً وفرحاً كبيراً في أوساط الشارع الفلسطيني بفصائله وأفراده، وسرعان ما انتقلت عدوى العملية من القدس إلى الخليل، عندما قام أحد الشباب في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية بعملية مشابهة في ساعة متأخرة من الليل، حيث هاجم بسيارته مجموعة من جنود الاحتلال, أصيب فيها ثلاثة جنود “إسرائيليين”؛ الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال لتشديد القبضة على المواطنين، بعد أن اقتحمت المدينة وقامت بأعمال تفتيش وعربدة داخل المنازل، واعتقال العديد من أقارب منفذ العملية.

مقدمة لهبّة جماهيرية

ويبدو أن الأحداث المتراكمة في الضفة والقدس هي بمثابة كرة الثلج، تكبر وتتطور يوماً تلو الآخر، في طريقها لمرحلة مقبلة تحمل الكثير من الأحداث الجسام ربما تنضوي في إطار انتفاضة شعبية عارمة في كافة الأراضي الفلسطينية تكون مدينة القدس الشرارة الأولى لها.

وهذا ما يتوقعه الكاتب والمحلل السياسي د. عصام شاور، حيث أشار إلى أن الأيام والأسابيع القادمة قد تحمل المزيد من المفاجآت والعمليات النوعية من قبل المقاومة الفلسطينية, طالما استمر اليهود في اختبار صبر الشعب الفلسطيني, وتدنيس مقدساته بشكل غير مسبوق, لافتاً إلى أن العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي إبراهيم عكاري في القدس، وما لحقها من عملية أخرى في الخليل, لم تكن الأولى, ولن تكون الأخيرة رداً على الاحتلال “الإسرائيلي” لفلسطين, وعلى الجرائم البشعة التي يرتكبها بشكل يومي ضد مقدساتنا في فلسطين عامة وفي القدس على وجه التحديد.

ويقول الناشط المقدسي علي الخطيب: ما يجري في القدس هو تراكم تجربة 80 عاماً من النضال لدى الشعب الفلسطيني؛ بحيث تسبق الجماهير قياداتها في اللحظات الحرجة، وهكذا فعلت الجماهير في كافة ثورات وانتفاضات الشعب الفلسطيني، وكما يقال في أبجديات العمل التنظيمي: “الكادر يعلم الجماهير ويتعلم منها”.

الغليان يزداد

وأضاف شاور أن الغليان الذي يجتاح قلب الشعب الفلسطيني يزداد يوماً بعد يوم؛ والغضب الفلسطيني يتراكم عندما تقوم السلطات الصهيونية بتدنيس المسجد الأقصى, وحين نراهم يجوعون أهلنا في قطاع غزة، وحين يحاولون فرض الوجود اليهودي في مسجدنا أو تقنين الحصار على شعبنا، محذراً من تفجّر الأوضاع ليس في القدس وحدها بل وفي غزة والضفة, محذراً من أنه إذا لم يتدارك الذين يريدون هدوءاً في المنطقة أخطاءهم والتغول “الإسرائيلي”؛ فإن الأوضاع ستتفجر ليس في القدس وحدها بل وفي غزة والضفة؛ لأن المؤشرات كلها تنبئ بذلك ولا يتجاهلها إلا من كان به عمى أو حمق.

خشية “إسرائيلية”

وأما على الجانب “الإسرائيلي”، فإن “إسرائيل”، كما يقول المختص في الشان الصهيوني د. صالح النعامي، تخشى من اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة؛ ولذا فهي تبذل كل الوسائل وتستخدم كافة السبل من أجل وأد هذه الانتفاضة قبل أن تشتعل جذوتها في كل الأراضي الفلسطينية، لافتاً إلى أن صحيفة “هاآرتس” الصهيونية نشرت تقريراً قالت فيه: إن قادة الجيش أبلغوا “نتنياهو” أنه ليس بوسعه وقف الانتفاضة، وأن قادة الأمن حملوا الجماعات الدينية المتطرفة المسؤولية عما يحدث.

وكان المسجد الأقصى قد تعرض لجملة من الاقتحامات المتكررة من قبل عدد من الجماعات الدينية المتطرفة، وبحماية من قوات الاحتلال، التي أغلقت أبواب المسجد الأقصى لأول مرة في تاريخ احتلالها لمدينة القدس, وتمثل هذه الاقتحامات خطورة بالغة لم يسبق للمسجد الأقصى أن تعرضه لها من قبل سواء من حيث أعداد المستوطنين المقتحمين أو التغطية والدعم السياسي الصهيوني لهم.

كسب الأصوات

ولفت النعامي إلى أن الاقتحامات ستشهد تصعيداً جديداً؛ لأن “نتنياهو” لا يريد أن يضغط على تلك الجماعات بالتوقف عن الاقتحامات، فهو يريد أن يستقطبهم ويكسب أصواتهم في الانتخابات القادمة، وبالتالي سيسمح لهم بتلك الممارسات والاقتحامات، مشيراً إلى أن ذلك الأمر من شأنه أن يصعد الأمور أكثر خلال المرحلة المقبلة.

تعويل على السلطة لوقفها

وحول ما إذا كانت هذه الأحداث مقدمة لانتفاضة جديدة تشتعل في كافة الأراضي الفلسطينية، على غرار الانتفاضة الأولى والثانية، لفت شاور إلى أن ذلك الأمر مرتبط بمدى تصرف العدو الصهيوني والقيادة الفلسطينية، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحدّ من اشتعال الانتفاضة بنزع فتيلها لا بقمع المتظاهرين، قائلاً: إن هبّة جماهيرية وليس انتفاضة سوف تأتي قبل أن يدرك الجميع ضرورة اتخاذ خطوات.

كما أفاد النعامي المختص في الشأن “الإسرائيلي”، أن سلطات الاحتلال الصهيوني تراهن على السلطة الفلسطينية، لوقف هذه الأحداث بما تفرضه عليها الاتفاقيات الأمنية بينها وبين الكيان الصهيوني.

خسائر متوقعة

وأشار النعامي إلى أن خشية “إسرائيل” من انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية راجع إلى مدى الخسائر التي ستتكبدها سواء من الناحية البشرية، بالإضافة إلى التداعيات الأمنية التي ستترتب على ذلك، وبالتالي سيكون لذلك تأثيرات سياسية سلبية على دولة الكيان تتمثل داخلياً بسقوط اليمين المتطرف في “إسرائيل”، وهزيمة “نتنياهو” وحزبه أمام أي انتخابات قادمة، بالإضافة إلى التأثيرات السياسية السلبية عالمياً، حيث من شأن أي هبَّة أو انتفاضة جماهيرية أن تزيد عزلة “إسرائيل” دولياً، وملاحقة قادة الكيان المجرمين في كافة المحافل الدولية، كما هو حادث اليوم.

 

Exit mobile version