وزير شؤون القدس الفلسطيني في حوار خاص

لن نسمح للاحتلال بالسيطرة على الأقصى

أكد وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية عدنان الحسيني، أن الأوضاع في القدس والأقصى خطيرة جداً، وتتطلب من الأمتين العربية والإسلامية التدخل لإنقاذ المسجد من عملية التهويد الصهيونية.

 وفي مقابلة خاصة مع «المجتمع»، قال الوزير الحسيني: إن المسجد الأقصى في هذه الأيام مستهدف بشكل خطير، مؤكداً أن الاستهداف بدأ منذ عام 1967م، وهو ليس جديداً، لكن الوتيرة قد زادت هذه الأيام لأسباب مختلفة؛ منها أن حكومة الاحتلال الحالية والسابقة، وهي حكومة مستوطنين، لم يكن لديها أجندة سلام، فهي ترغب فقط في سرقة الأرض وتهويد الأقصى ومدينة القدس وأحيائها ومقدساتها.

أوضاع صعبة

وأضاف: نحن في هذه الأيام وفي الأعياد اليهودية عشنا أوضاعاً صعبة من جراء اقتحامات المستوطنين بأعداد كبيرة لباحات المسجد الأقصى المبارك، في الوقت الذي كان يُمنع فيه المسلمون من الدخول رجالاً ونساءً، والسماح فقط لكبار السن بالدخول.

ويتابع بالقول: وبالتالي هذا بالنسبة لنا يمثل نوعاً من التقسيم الزماني للمكان، فهذه القضية غاية في الخطورة، فقد واكبنا تقسيماً زمانياً في المسجد الإبراهيمي بالخليل، وبعد ذلك جاء التقسيم المكاني، هذا الأمر الذي لا نريد أن نصل إليه، ونأمل بألا نصل إليه.

وقفة عظيمة

واعتبر الحسيني وقفة المقدسيين في القدس بالوقفة العظيمة من قبل الرجال والنساء والشبان، وفي كل مرة استطاعوا أن يمنعوا المتطرفين اليهود من أداء طقوسهم التوراتية، أو محاولاتهم لتغيير الواقع في المكان؛ وبالتالي نرى هذه الوقفة بأنها كانت الفيصل في عدم إحداث أي تغيير في الوضع القائم، وبقي هذا الوضع مستمراً على ما هو عليه.

وأشار الحسيني إلى قضية القدس، حيث وصفها بالكبيرة والمعقدة، فقوات الاحتلال من خلال أجهزتها تقوم وعلى جميع الأصعدة بالضغط على السكان المقدسيين لتصبح حياتهم في القدس مأساوية غير سهلة، وهذا ما يصبو إليه الاحتلال؛ ليغادروا مدينة القدس ويهاجروا منها.

ونوَّه الحسيني إلى أن المقدسات والمسجد الأقصى ليس ملك الفلسطينيين، فهي للأمتين العربية والإسلامية، وينبغي أن يكون هناك دور حقيقي لها في دعم المقدسات، مشدداً على أن هذا الدعم لا يتأتى إلا من خلال دعم المواطن الذي يحمي هذه المقدسات بصدره العاري، وبإمكاناته البسيطة، والذي نجح حتى الآن بعد 46 عاماً من الاحتلال بألا يسمح للطرف الصهيوني بإحداث أي تغيير على هذا المكان.

معركة محتدمة

وأضاف الحسيني: نحن مازلنا نقول: إن المعركة في القدس ما تزال في بدايتها، فالمعركة محتدمة على المستوى الاقتصادي والثقافي، والثقافة هنا تُسرَق وتُزوَّر، وعلى مستوى العقارات الاحتلال يحاول وضع يده على أكبر عدد من العقارات والممتلكات الفلسطينية العربية الموجودة في القدس، وعلى رأس كل ذلك المقدسات.

وأكد أن سياسة حكومة الاحتلال واضحة في هذا الشأن، وتسعى بأن يكون لها حصة في المسجد الأقصى المبارك؛ الأمر الذي لا يمكن أن نسمح به، وحتى الآن لم تنجح في ذلك.

صمت السلطة

ورداً على سؤال حول سبب صمت السلطة الفلسطينية إزاء ما يجري في الأقصى، دافع الحسيني بقوله: في الواقع، القضية ليست قضية صمت، هناك بيانات شجب وإدانة، ومحاولة للمساعدة ضمن الإمكانات المتاحة، ولكن بصراحة السلطة الفلسطينية في حالة صراع مع الجانب الصهيوني، والتواصل محدود في حيز بسيط جداً، وقوات الاحتلال لا تسمح بأن تسمع من فلسطيني شيئاً؛ لأنها هي في الأصل لا تعترف بوجوده كفلسطيني، ونحن كأجهزة رسمية من المفروض أن تكون مكاتبنا في مدينة القدس، إلا إننا مُنعنا وطُردنا وصودرت مكاتبنا، وهكذا الغرفة التجارية ومعظم المؤسسات التي ترعى وطنية الإنسان في القدس.  وبالتالي؛ فنحن في مرحلة تهجير، وطالما أننا وصلنا إلى هذه المرحلة فلن يستمع الطرف الصهيوني إلى أي شيء.

أداة ضغط

ويعتقد الحسيني أنه يوجد أداة ضغط أخرى على حكومة الاحتلال؛ وهي الأردن، فهو لديه نوع من الرعاية من خلال اتفاقية «وادي عربة»، واتفاقيات مع السلطة الفلسطينية، ولكن للأسف الأردن يتدخل بكل إمكاناته المتاحة، ولكن الجانب الصهيوني لا يستمع إليه، وهذا أصبح واضحاً في هذه الأيام.

ويرى أن القضية لا تتعلق بالسلطة الفلسطينية أو الأردن فقط، بل هي قضية أمة التي ينبغي عليها أن تتحرك جميعها من الخليج إلى المغرب بكل إمكاناتها وتمارس ضغوطها، وأن يكون لها موقف واضح أمام أمريكا والدول الغربية لتمارس الضغوط على قوات الاحتلال.

حرب دينية

وتابع قائلاً: الأمر الآخر؛ نحن نلمس بأن السلك الدبلوماسي في القدس بدا يتحرك، ويشعر بأن ما يحصل في مدينة القدس خطأ كبير، ويجب ألا يستمر، مشيراً إلى أن ما يحدث حالياً قد يقودنا إلى حرب دينية في الأراضي المقدسة, قوات الاحتلال تحاول استدراجنا إلى هذه الحرب؛ حتى يستفيدوا منها وتسويقها من أجل مآرب سياسية، وتصفية القضية، والحصول على المزيد من المكاسب واستكمال مخططاتهم ومشاريعهم, هم لا يريدون أحداً أن يكون متعاطفاً مع الفلسطينيين.

ويرى وزير شؤون القدس أن بعض الدول بدأت في هذه الأيام تعترف بفلسطين؛ مثل السويد وفرنسا وبريطانيا، وهنالك الكثير من الدول قد وعدت بالاعتراف؛ وبالتالي نحن في سياق مواجهة قوات الاحتلال دبلوماسياً وسياسياً، ولدينا الكثير من التقدم، ونأمل بأن يستمر هذا التقدم إلى الأمام.

موقف غير عادل: وأشار الحسيني إلى موقف الولايات المتحدة غير العادل، فهي تدعونا إلى مفاوضات مباشرة، وهذه المفاوضات قد انتهى أمرها، ومن الآن فصاعداً لن توجد هناك مفاوضات، بل فقط توجد مؤسسات أممية يجب أن تأخذ دورها في إعطائنا حقنا، ومن المفروض أن تكون الدولة الفلسطينية حرة ولكنها محتلة ويجب أن ينتهي هذا الاحتلال.

وأكد الحسيني عزم السلطة الفلسطينية إلى الذهاب إلى كافة المؤسسات الأممية؛ من أجل الحفاظ على مقدسات القدس والإنسان الصامد بالمدينة، ومن أجل تغيير كل السياسات الصهيونية والتي تشكل عذاباً لأهل المدينة، وعدم تمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

تهديد من السلطة

ورداً على سؤال حول الخطوات التي تنوي السلطة الفلسطينية القيام بها على ضوء ما يجري بالقدس قال الوزير الحسيني: الرئيس أبو مازن أعلن وقال: إذا حاولت قوات الاحتلال القيام بأي تغيير بالمسجد الأقصى المبارك والذي هو قلب فلسطين وقلب القدس فلن يكون هناك أي اتفاقيات بيننا وبين الاحتلال، وستصبح الاتفاقيات شيئاً من الماضي, وهذه الرسالة وصلت قوات الاحتلال.

وأعرب عن اعتقاده بأن ما قاله الرئيس أبو مازن يعني كل معاني الكلمة، وهو يتابع ما يحدث يومياً والقيادة الفلسطينية أيضا، لكن يمكن أن يرى البعض بأن هذه المتابعة غير كافية، ولكن في الحقيقة هناك اهتمام، وأنا بدوري مكلف بأن أتابع هذا الأمر بطريقة حثيثة، وأنا دائماً موجود بالساحة من أجل هذه الغاية.

وأضاف: نقول للجميع: إن الفلسطيني لا يمكن أن يقصر مهما كانت إمكاناته ضئيلة أو كانت أوضاعه صعبة وغير قادر على التحرك، إلا أنه سيقوم بواجبه، ولكن مازلنا ندق ناقوس الخطر لأمتنا العربية والإسلامية, هذه الأمة العظيمة والتي كانت عظيمة والتي يجب أن تبقى كذلك بالرغم من كل التمزق الحاصل في هذه الأيام، ومن كل التدخلات الاستعمارية التي تنوي السيطرة على المنطقة ثانية.

 نحن نقول للأمة: إننا سنكون الأوفياء لمقدساتنا، ونحن أيضاً ندق ناقوس الخطر بأن الوضع في القدس والأقصى خطير جداً، ونطلب منهم بألا ينسوا دعم هذا المقدسي؛ لكي يتمكن من البقاء في ظروف صعبة على أرضه.

Exit mobile version