تقرير: المنطقة العازلة.. تشديد للحصار على غزة وحماية للاحتلال

تواصل السلطات المصرية عملية هدم العشرات من بيوت المواطنين في محافظة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة، لإقامة منطقة عازلة على مساحة 500 متر

 

حمــدان: إقامة المنطقة العازلة يكرّس الحصار على القطاع ويفاقم من أزمات المواطنين

الصواف: ما يحدث هو مخطط لاستكمال إجراءات تجفيف منابع المقاومة الفلسطينية في غزة 

البطة: المشروع لا يصب في مصلحة مصر بشيء بل هي مصلحة “إسرائيلية” بامتياز 

شـاور: انتقال الأفراد من غزة لمصر أصبح مستحيلاً بسبب هدم كافة الأنفاق 


تواصل السلطات المصرية عملية هدم العشرات من بيوت المواطنين في محافظة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة، لإقامة منطقة عازلة على مساحة 500 متر؛ بحجة منع تهريب السلاح من خلال الأنفاق ووقف العمليات التي تستهدف الجنود المصريين في سيناء على حدود قطاع غزة، 

واعتبر الجيش المصري في بيان له أن الأنفاق تعد أحد المصادر الرئيسة لدخول الجماعات والعناصر التكفيرية المسلحة إلى سيناء، وتقديم الدعم اللوجستي لهم، وإمدادهم بالأسلحة والذخائر، وتوفير الملاذ السريع لهم، بعد تنفيذ العمليات الإرهابية ضد عناصر القوات المسلحة والشرطة بحسب بيان الجيش.
ويأتي ذلك القرار من قبل الجيش المصري بعد أربعة أيام من مقتل 33 عسكرياً على الأقل في هجومين شنهما مسلحون على موقعين تابعين للجيش في شمال شرق شبه جزيرة سيناء.
وفور البدء بإقامة المنطقة العازلة على الحدود مع قطاع غزة شهدت مدينة رفح المصرية نزوح المئات من المواطنين الذين فقدو منازلهم بعد أن دمرت بالكامل.

تشديد الحصار

وقد أثارت تلك الإجراءات من قبل الجانب المصري بإقامة منطقة عازلة على الحدود المصرية مع قطاع غزة قلق سكان القطاع، لما سيترتب على ذلك من تشديد الحصار وزيادة وتيرة التحريض، والخشية من مواصلة إغلاق معبر رفح الذي يمثل المنفذ الوحيد للقطاع على العالم.
وهو ما عبّر عنه مسؤول العلاقات الخارجية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، حيث قال: إن الحديث عن إقامة منطقة عازلة بين مصر وقطاع غزة يشي بشيء من التحريض تجاه الفلسطينيين، ويكرس الحصار على القطاع في وقت يتوجب فيه العمل على إنهاء هذا الحصار.

وأشار حمدان إلى أن المنطقة العازلة مع حدود قطاع غزة تزيد من الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، مؤكداً أنها تعزز حالة التحريض على الشعب الفلسطيني، وطالب السلطات المصرية بضرورة الضغط على “إسرائيل” لفك الحصار عن غزة، مشيراً إلى وجود أياد “إسرائيلية” في الهجمات التي حدثت في شبه جزيرة سيناء.

واشتدت أزمة الحصار على قطاع غزة والمستمر منذ 8 سنوات بعد عملية الانقلاب التي حدثت في الثالث من يوليو 2013م؛ بسبب هدم الأنفاق التي كانت تمثل الشريان الرئيس للمواطنين، حيث كانت بضائع المواطنين والمواد الخام والاحتياجات الأساسية تمرّ من خلالها، إلى جانب إغلاق معبر رفح المتواصل، ويخشى المواطنون أن يكون لإنشاء المنطقة العازلة ضرر كبير عليهم من حيث إحكام القبضة أكثر، وتشديد الحصار بشكل أكبر مما هو عليه في هذه المرحلة.

استئصال المقاومة

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: إن النظام المصري استغل عمليتي العريش من أجل إحكام قبضة الحصار على غزة، واستكمال إجراءات تجفيف منابع المقاومة الفلسطينية في غزة، وأضاف أن الجانب “الإسرائيلي” والإدارة الأمريكية والقاهرة يعتبرون أن المنطقة العازلة وسيلة لضمان عدم دخول أي نوع من أنواع السلاح إلى القطاع.

أبعاد خطيرة

وبقراءة تحليلية متفحصة، يرى الكاتب والمحلل السياسي ناجي البطة، أن مشروع المنطقة العازلة يحمل ثلاثة أبعاد؛ تتمثل أولاً في البعد العسكري؛ وهو يهدف لوقف كافة الإمدادات العسكرية لقطاع غزة، ليبقى الرهان على استسلام القطاع زمنياً، وأوضح أن البعد الثاني وهو سياسي يريد من خلاله “السيسي” تحقيق أهداف من يدعمونه من أجل كسب شرعية سياسية من وجهة نظره.
وأوضح البطة أن من يقود إنشاء هذه المنطقة العازلة هي المخابرات الحربية المصرية، وهي تعتبر هذا إنجازاً لها بين مخابرات دول الإقليم، بعد فشل أجهزة الاحتلال “الإسرائيلي” الأمنية في منع تهريب أسلحة نوعية ومتطورة لقطاع غزة، هددت عمق الاحتلال، وذلك هو البعد الأمني والأخير.

وشدد البطة على أن إنشاء هذه المنطقة لا يصب في مصلحة مصر بشيء، بل هي مصلحة “إسرائيلية” بامتياز، مشيراً إلى أن الخطر على الأمن القومي المصري هو من الجانب “الإسرائيلي”، إلا إذا حدث تغير في عقيدة المقاتل المصري وأصبح عدواً للعرب والعرب أعداء له.

غير مقبول

وفيما يتعلق بالاتهامات الموجهة ضد قطاع غزة، وتحديداً حركة “حماس” بضلوعها في ارتكاب العملية في سيناء، قال الباحث عصام شاور: إن التسبب في إلقاء الاتهامات جزافاً على غزة وعلى المقاومة غير مقبول، مؤكداً أنه لا علاقة لغزة ولفصائل المقاومة الفلسطينية من قريب أو بعيد بالعمليات العسكرية ضد الجيش المصري في سيناء، لافتاً إلى أن السلطات المصرية أغلقت بشكل شبه تام جميع الأنفاق مع قطاع غزة، وهذا يعني أن انتقال الأفراد من غزة إلى الجانب المصري أو بالعكس من خلال الأنفاق أصبح مستحيلاً.
وقال شاور: إن من حق مصر هدم الأنفاق ولكن ليس من حقها خنق غزة، من حق النظام في مصر بناء جدار عازل، ولكن ليس من حقه إقامة جدار من عدم الثقة بين الشعب المصري الشقيق وشعبنا بالاتهامات الكاذبة السخيفة التي نسمعها كل يوم.

تحريض إعلامي

وكانت وسائل إعلام مصرية حمّلت “كتائب القسام”، الجناح المسلح لحركة “حماس”، المسؤولية وراء ارتكاب العملية، وطالبت الجيش المصري بفرض منطقة عازلة بين القطاع ومصر، بل ذهب بعضهم إلى المطالبة بتوجيه ضربة عسكرية ضد قطاع غزة!
وأشار شاور إلى أن جميع مكونات الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة حريصون كل الحرص على تحسين العلاقة مع مصر بغض النظر عن طبيعة النظام القائم فيها؛ لأن مصر المتنفس الوحيد مع الخارج، ولأنها أصبحت الراعي الحصري للمصالحة والمفاوضات غير المباشرة مع المحتل “الإسرائيلي”.

مشروع صهيوني

وبين عدد من الباحثين أن إقامة المنطقة العازلة هي مشروع صهيوني قديم، طلبته “إسرائيل” وأمريكا من الإدارات المصرية المتعاقبة منذ عدة سنوات، وأجمعت جميعها على رفضه؛
حيث يتلخص المشروع في إنشاء منطقة عازلة أو حزام أمني بعرض من 5 – 10 كيلومترات بموازاة الحدود الدولية بين مصر و”إسرائيل”، وعلى الأخص بين مصر وقطاع غزة.

وفيما إذا ما انتهت السلطات المصرية من إنشاء المنطقة العازلة على حدود قطاع غزة يبقى التساؤل: هل سنتنهي العمليات المسلحة في محافظة سيناء أم أنها ستستمر؟ وهل سيبقى الفلسطينيون يتحملون وزر أفعال ليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بها في ظل الهجوم الشرس ضدهم من قبل جهات إعلامية وشخصيات لها نفوذها في النظام القائم في مصر؟

Exit mobile version