تحليل: هل تنتهي الانتخابات التونسية إلى معادلة صعبة؟!

جاءت النتائج الأولية لانتخابات تونس مخالفة لمعظم التوقعات، معطية الصدارة لحزب “نداء تونس” الذي يترأسه رئيس الوزراء التونسي الأسبق “الباجي قائد السبسي”

جاءت النتائج الأولية لانتخابات تونس مخالفة لمعظم التوقعات، معطية الصدارة لحزب “نداء تونس” الذي يترأسه رئيس الوزراء التونسي الأسبق “الباجي قائد السبسي”، يليه في المرتبة الثانية حزب حركة النهضة الإسلامي الذي يترأسه المفكر الإسلامي الشيخ راشد الغنوشي.

ورغم أن القانون المنظم للسلطات في تونس يضمن للحزب صاحب الأغلبية أحقية تكليف رئيس وزراء من عنده لتشكيل الحكومة، فإن أي حكومة يشكلها حزب نداء تونس ستحتاج إلى نيل ثقة البرلمان بنسبة النصف زائد واحد، أي أن الحزب سيحتاج إلى تجميع 109 أصوات نيابية من أصل 217 نائباً في البرلمان، وهو ما لن يستطيع حزب نداء تونس تجميعه حتى في حال تحالفه مع الأحزاب الثلاثة المقربة منه.

وفي ظل هذه المعطيات، سيقف حزب نداء تونس، الذي حصل على حوالي 82 مقعداً من أصل 217، حسب إحصاءات أولية أجرتها وكالة “الأناضول” للأنباء؛ أمام مشهد سياسي معقد تسيطر فيه حركة النهضة على ثلث البرلمان بحوالي 70 مقعداً، وتُوزع فيه باقي المقاعد على 15 حزباً وقائمة مستقلة ويصعب جداً ضمان دعمها لأي من الحزبين الرئيسين.

وبإمكان حزب نداء تونس أن يدخل بسهولة في تحالف مع حزب آفاق تونس المقرب منه والذي حصل حسب الإحصاءات الأولية على حولي 10 مقاعد، وكذلك مع حزب الجبهة الشعبية والذي حصل إلى الآن على حوالي 11 مقعداً، وكذلك مع حزب المبادرة الذي حصل على حوالي 4 مقاعد، ولكن هذا التحالف الثلاثي وحتى الرباعي لن يكون كافياً لتحقيق نصاب 51%، مما سيجعله مطالباً بطلب ود نواب الأحزاب الصغيرة والقائمات المستقلة.

الأحزاب الصغيرة

بسبب كثرة الأحزاب والقوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية، تشتت مقاعد برلمانية كثيرة بين عدد من الأحزاب الصغيرة والقوائم المستقلة، ومن بينها 12 حزباً وقائمة فاز كلٌّ منها بمقعد أو اثنين، مع العلم أن معظم هذه الأحزاب معادية لحزب نداء تونس وتعتبره امتداداً لحزب الرئيس “زين العابدين بن علي” (التجمع الدستوري الديمقراطي) المنحل، وسيكون من الصعب على حزب نداء تونس أن يقنعها بتزكية حكومته.

وذلك بالإضافة إلى كون معظم هذه الأحزاب مرشحة للاصطفاف إلى جانب حزب حركة النهضة في حال اختيارها للمارسة دور المعارضة، وهو ما سيمنع حزب نداء تونس من الحصول على أغلبية 51% لتزكية حكومته، وسيعرقله باستمرار خلال فترة حكمه.

حزب الاتحاد الوطني الحر

يعتبر حزب الاتحاد الوطني الحر، الذي أسسه رجل الأعمال الشاب سليم الرياحي، أحد أبرز الصاعدين خلال هذه الانتخابات بحصوله على حوالي 17 نائباً، ورغم كونه لا يحمل عداء ولا صداقة مسبقة لحزب نداء تونس، فإنه من المستبعد جداً أن يتحالف مع نداء تونس لسببين رئيسين؛ أولهما أن سليم الرياحي يرغب في الفوز بانتخابات الرئاسة؛ وبالتالي في منافسة الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس، وثانيهما هو أن قناة “نسمة” التلفزيونية الخاصة المقربة جداً من حزب نداء تونس شنت خلال الأسابيع الماضية حملات تشويهية حادة جداً ضد سليم الرياحي وحزبه.

حزب النهضة

 تمتلك حركة النهضة نسبة تقل أو تزيد على الثلث بقليل، ومع ما عرف به برلمانيوها خلال السنوات الماضية من انضباط وحضور دائم لكل الجلسات، سيكون من الصعب على أي حزب آخر أن يحكم من دونها، إذ إنها ستكون قادرة في معظم الأحيان على عرقلة العمل البرلماني؛ وبالتالي سيكون من الأنسب لأي طرف راغب في الحكم خلال السنوات القادمة أن يصل إلى اتفاق مباشر أو غير مباشر مع حركة النهضة، حتى يضمن عدم وقوع انسداد في العملية السياسية في البلاد.

ومع تلميح بعض قيادات نداء تونس إلى أنه من المستبعد حصول تحالف مباشر بين حزب حركة النهضة وحزب نداء تونس، سيكون أمام الحزب الصاعد للحكم خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية، لا تضعه في شكل المتحالف مع عدوه الأيديولوجي (النهضة)، وتمكنه من تجنب الوقوف أمام معارضة شرسة من حزب حركة النهضة التي تمتلك ثلث البرلمان، ومن باقي الأحزاب المعادية لحزب نداء تونس، كما ستتيح له التركيز بشكل أكبر على الانتخابات الرئاسية التي ستعقد جولتها الأولى يوم 23 نوفمبر المقبل.

Exit mobile version