خلافات وعقبات كأداء من شأنها أن تقضي على كل ما تم الاتفاق عليه في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بين “فتح” و”حماس”
يبدو أن فرحة الفلسطينيين بالاتفاق الذي وقّع بين حركتي “فتح” و”حماس” قبل ثلاثة أشهر والذي انتهى بتشكيل حكومة توافق وطني برئاسة د. رامي الحمد الله لم تكن في محلها، فثلاثة أشهر مضت على عقد الاتفاقية لم يرى المواطن الفلسطيني أي تغير إيجابي يذكر إن لم تكن الأوضاع قد ازدادت سوءاً.
خلافات وعقبات كأداء من شأنها أن تقضي على كل ما تم الاتفاق عليه في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بين “فتح” و”حماس”.
أبرز تلك الخلافات التي أخذت حيزاً كبيراً في تناول المواطنين لها, وكذلك وسائل الإعلام والتي أصبحت تمثل تحدياً خطيراً لاستمرار عمل حكومة التوافق هي مسألة رواتب موظفي غزة.
حالة من السخط
حيث اكتفت حكومة التوافق بصرف رواتب الموظفين التابعين لحكومة رام الله السابقة، واستثنت الموظفين العاملين في حكومة غزة السابقة, وهو ما أثار موجة من الخلافات والاضطرابات, فضلاً عن حالة السخط الشديد في صفوف الموظفين الذين لم يستلموا رواتبهم.
وكانت حركة “حماس” قد أعلنت بعد التوقيع على الاتفاق أنه تم التوافق على أن تتكلف الحكومة الجديدة بصرف رواتب الموظفين في الحكومة السابقة التي كانت تدير شؤونها حركة “حماس”, غير أن ذلك الأمر لم ينفذ.
ويبلغ عدد موظفي الحكومة السابقة في غزة ما يقارب 45 ألف موظف، بينهم 27 ألف موظف مدني, وهم بحاجة إلى موازنة مالية شهرية تقدر بـ30 مليون دولار, في حين أن الميزانية السنوية للحكومة كانت تراوح ما بين 700 – 800 مليون دولار معظمها كان يذهب للموظفين.
تهديدات خارجية
وعن السبب وراء عدم دفع الرواتب، كشف رئيس حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، رامي الحمد الله، أن حكومته تلقت تحذيرات من “كل دول العالم” بعدم دفع أي أموال لموظفي حركة “حماس” في قطاع غزة.
ولم يحدد رئيس حكومة الوفاق الوطني جهة بعينها، لكنه قال: “كل دول العالم، ولم يتبق أحد لم يحذر من أنه إذا دُفعت هذه الأموال، فستتم مقاطعة الحكومة والشعب الفلسطيني”.
وأضاف: “إذا حصل هذا الأمر، فإن النظام المصرفي الفلسطيني سيتعرض لإشكالية كبيرة تهدد الوضع الفلسطيني العام”.
وقال الحمد الله: إنه، رغم التهديدات فإنه يقوم باتصالات دولية لحل الإشكالية، موضحاً أنه يسعى لتجاوز هذه “العقدة”، من خلال تقديم مقترح يجري تداوله ما بين الحكومة ومنظمات دولية لإشراف الأمم المتحدة على صرف الرواتب”, مشيرا إلى أن الموافقة على صرف رواتب موظفي “حماس” يجب أن تكون دولية بموافقة “إسرائيل” والولايات المتحدة, ولفت إلى أن البنوك العاملة في القطاع ترفض صرف أي شيكل لموظفي غزة، تجنباً لأي عقوبات ومقاطعة دولية قد تتعرض لها.
قرار سياسي
وفي اتصال بنقيب الموظفين في غزة محمد صيام قال: إنّ السبب وراء عدم دفع الرواتب للموظفين في غزة هو قرار سياسي, وحمّل حكومة التوافق الوطني كافة الآثار التي ستترتب على عدم صرف الرواتب.
وشدد صيام على أن النقابة ترفض استلام رواتب من خارج الموازنة والخزينة العامة للسلطة الفلسطينية أو من خلال صناديق مهما كانت مسمياتها.
وأكد أن الموظفين التابعين لحكومة غزة السابقة، لم يتلقوا راتباً واحداً من حكومة التوافق الوطني، منذ تشكيلها مطلع يونيو الماضي.
وقال: إنهم كموظفين لهم حقوق على حكومتهم وواجبات لها، وأشار إلى أنهم مؤيدون لها وسيعملون على تعزيزها فور استلامهم لحقوقهم منها.
سيناريو أسود
وفي تحليل خطير حول عدم صرف رواتب موظفي غزة, بيَّن الكاتب أدهم أبو سلمية إلى أن ما يحدث هو مؤامرة ومخطط يسعى له الرئيس محمود عباس, لافتاً إلى أن حرمان الموظفين من رواتبهم في غزة يهدد العام الدراسي, كما يهدد عمل الوزارات في ظل عدم قدرة الموظفين على العمل بعد 120 يوماً بلا رواتب، وأوضح أبو سلمية أن ذلك يعني أن قوات حرس الرئاسة التي تم الاتفاق عليها لن تنتشر على المعابر؛ مما يعني أن الصهاينة لن يفتحوها, كما لن يفتح معبر رفح، وسيكون الرد الصهيوني على العالم كله أن هناك مشكلات داخلية فلسطينية.
وأشار أبو سلمية إلى أن هذا السيناريو من شأنه أن يشجع الصهاينة على عدم العودة للمفاوضات بعد شهر للقاهرة؛ لأن الوفد الفلسطيني قد لا يبقى موحداً حتى ذلك التاريخ، ولأن الجانب الصهيوني سيتهم الجانب الفلسطيني بأنه لم ينفذ ما تم الاتفاق عليه؛ وهو ما يعني أن احتمالية العودة للمواجهة أو تجميد الاتفاق وفشله ستبقى قائمة.
ولم يستلم الموظفون العاملون في الحكومة السابقة رواتبهم منذ أكثر من عشرة أشهر, وذلك نتيجة تضييق الخناق على قطاع غزة, وإغلاق معبر رفح بشكل متواصل، وهي سياسة اتبعتها السلطات المصرية فور عملية الانقلاب الذي قاده “عبدالفتاح السيسي”, حيث قامت بهدم الأنفاق التي كانت تمثل شريان الحياة الوحيد للمواطنين، وكان لذلك الأمر دور كبير في إعاقة عمل الحكومة وصرف رواتب موظفيها.