الندامة على التعجل

عزم خلف بن هشام البزاز (ت 229هـ)، أحد القراء العشرة وراوي حمزة، وهو الوحيد بين القراء العشرة الذي اجتمع له الأمران كونه إماماً وراوياً، على القراءة على أحد قراء الكوفة، فأخبر شيخه سليماً بذلك، فكتب سليم ورقة إلى ذلك الشيخ وأعطاها لخلف الذي ذهب وسلم الورقة للشيخ، فلما قرأها سأله: أنت خلف؟ فقال: نعم، قال: أنت الذي لم تخلف ببغداد أقرأ منك؟ فسكت خلف ولم يجب، ويبدو أن هذه المعلومة كتبها سليم في الورقة لتكون حافزاً للشيخ أن يقرئه وأن يقدمه على غيره، ولكن خلفاً شعر من أسلوب الشيخ ولهجة السؤال استصغاره، فلما طلب من الشيخ أن يقرأ رفض وقال: لا أقرأ على من يستصغر حملة القرآن، وخرج غاضباً، وأبلغ الشيخ سليماً موافقته على إقراء خلف، ولكن خلف أبى الرجوع إليه، حيث لم يرقه التصرف الذي رآه منه، إلا أنه ندم بعد ذلك على عدم الرجوع؛ لأنه فوّت على نفسه فرصة ثمينة.

ولعل الشيخ لم يكن يقصد الاستصغار أو الإهانة، فقد يكون هذا أسلوبه وهذه لهجته، ولذا فعلى المرء ألا يعجل في الحكم على الشخص أو على كلامه؛ لئلا يتسرع فيقول أو يفعل ما يندم عليه. (غاية النهاية 272/1).

 

المصدر: نسائم الشوق، صادر عن المسجد الكبير بدولة الكويت 

 

 

Exit mobile version